عرب-لندن

حوار – كريم إمام

بدأت العديد من الصعوبات بالبروز لدى معظم الذين اضطروا للعمل من المنزل بعد تفشي وباء كورونا في بريطانيا. وطفت على السطح مجموعة من التحديات التي سرعان ما استطاع البعض التأقلم معها عن طريق إيجاد حلول بديلة للتغلب عليها ،فيما ساعدهم في ذلك ثورة المعلومات ووسائل التكنولوجيا الحديثة ،على رأسها الإنترنت.. 

خلال هذا الحوار نتعرف على تجربة المركز العربي البريطاني - الذي أغلق أبوابه أمام الجمهور منذ بداية مارس الماضي- في تحويل الجماهير للتفاعل عبر الإنترنت بشكل مطرد خلال الأزمة... فإلى نص الحوار:

في البداية تقول أماني حسن، مديرة البرامج بالمركز العربي البريطاني، أن المركز هو مؤسسة ثقافية تأسست في العام ١٩٧٧ بهدف التعريف بالعالم العربي في المملكة المتحدة. واليوم يستضيف المركز مؤسسات مشابهة في مقره وسط لندن، حيث يقدم مجموعة من دورات اللغة العربية والعزف على آلة العود والدربوكا بمدرسة تقسيم الموسيقية، بالإضافة لدورات الخط العربي والتاريخ الفنون الإسلامية. كما يقدم المركز العربي البريطاني العديد من الأنشطة الثقافية كمهرجان سَفَر للأفلام وهو بينالي للسينما العربية، وجائزة لبرامج التبادل الثقافية والفنية. ويعمل المركز حاليا على تطوير برنامج وطني جديد يستكشف تاريخ وانجازات وخبرات العرب المقيمين في بريطانيا تحت مسمى Arab Britain. 

تأثر العمل

وحول طبيعة تأثر عملها جرّاء انتشار فيروس كورونا، تقول أماني أن كافة البرامج الجسدية المادية تم تأجيلها حتى إشعار آخر. فعلى سبيل المثال، تقول كان من المخطط أن نسافر إلى الكويت لتنظيم معرض يضم ثمانية من الفنانين الذين شاركوا في مشروع Making Marks في بداية مارس الماضي، إلا أن الكويت كانت قد شهدت بالفعل في نفس التوقيت فرض إجراءات تحديد الحركة والحظر، وكانت المدارس والجامعات قد بدأت في الإغلاق، فقررنا تأجيل الموعد إلى نهاية العام الجاري. وقبيل إعلان الإغلاق هنا في المملكة المتحدة اتخذنا القرار الصعب بإغلاق أبوابنا، لكننا تمكنا من تحويل معظم برامجنا إلى الإنترنت "أونلاين" بما في ذلك دورات تعليم اللغة العربية والعود. و أطلقنا فورا برنامجا جديدا يدعى Friday Hangout الذي نستضيف من خلاله بشكل أسبوعي، فنانا مختلفا للحديث عن أعمالهم والإجابة على أسئلة الجمهور الذي عادة ما يتراوح ما بين ٦٠- إلى ٩٠ متابع. وخلال الأسابيع القليلة الماضية، تمكنت هذه الطريقة الجديدة في التواصل من النمو بشكل مطرد مع انضمام العديد من المتابعين من أنحاء أوروبا والعالم العربي وحتى الولايات المتحدة وأستراليا، ليعودوا كل أسبوع للتواصل وإلقاء التحية عبر تطبيق زووم. 

أهم التغييرات 

وحول أهم التغييرات التي فرضتها كورونا على عمل المؤسسة، تشير أماني إلى تحول العمل بشكل كامل ليكون متاحا عبر الفضاء الرقمي، الأمر الذي فرض عليهم التأقلم مع تلك التغيرات خلال ليلة وضحاها. ونظرا لتواجدهم القوي رقميا  قبل الأزمة، كان المركز متسلحا بالأدوات اللازمة لمواجهة هذا التحدي. وتضيف أماني قائلة: "بالإضافة إلى ذلك فإننا قد بنينا قاعدة جماهيرية كبيرة من المتابعين عبر السنوات الماضية من خلال وسائل التواصل الاجتماعي إذ وصلت أعدادهم إلى الآلاف، وهو أمر أساسي عندما نطرح برامج جديدة عبر الإنترنت، وهو ذات الشيء الذي يمنحنا انتشار أكبر عبر أوساط المتابعين وزوار فعالياتنا من كل أركان العالم، وهذا  لم يكن ليتحقق من خلال الفعاليات المادية على أرض الواقع".

وتضيف مديرة البرامج بالمركز العربي البريطاني، أن الصعوبات تظهر فيما يتعلق بحقيقة أن الفريق بأكمله يعمل من المنزل، وبالرغم من تواصلنا الدائم على مدار اليوم من خلال كافة الوسائل المتاحة حاليا مثل تطبيقات مثل "زووم" و"واتس آب" أو "فيس تايم"، إلا أننا نشتاق لبيئة العمل في المكتب والحديث مع جيراننا من المراكز والمؤسسات والتعرف على جديدهم، حيث أن الحي الذي يقع فيه المركز يمتاز بحس من الحميمية والطاقة التفاعلية التي نتوق ونشتاق إليها في هذه الأيام.

تأقلم سريع

وتشير أماني إلى أن العاملين في المركز مشغولون جدا بالرغم من غلق أبواب المركز، إذ أن تحويل أنشطة المركز إلى أنشطة الكترونية يحتاج تركيزا أكبر على اتصالاتنا، وهو ما قد يستغرق الكثير من الوقت. و تقول أماني: تم إعادة تشكيل كافة خططنا للعام ٢٠٢٠،  بما في ذلك مهرجان سفر للأفلام والذي سيقام بشكل رقمي هذا العام. وفي حين أننا كفريق نمضي معظم وقتنا في إعادة تصميم البرامج التي كانت عادة ما تقدم في المركز أو في أماكن ومنصات تابعة لشركائنا عبر المملكة المتحدة، إلا أننا تكيفنا بشكل سريع مع تلك التغييرات.

دعم الفنانين

وتشدد أماني على أن التحول الرقمي ساعدنا في إيجاد أساليب جديدة للوصول إلى الناس والتفاعل معهم عبرفضاءات جديدة، والتواصل مع الشركاء بشكل دوري لتقديم برنامج سنوي وأجندة ثقافية حافلة تلخص ما نقوم به مع الشركاء للترويج للثقافة العربية في المملكة المتحدة. كما أننا نشارك المحتوى مع بعض من شركائنا عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وفيما يخص العمل مع الفنانين، فإننا بصدد إعادة تصميم برنامج يعكس واقع الأزمة العالمية ويهدف لتكليف أولئك الفنانين بأعمال جديدة وإيجاد نوع من التواصل بينهم مستوى العالم -وهو ما سوف نعلنه خلال شهر يونيو المقبل-. كما أن فعاليات Friday Hangout المتاحة حاليا، تعد وسيلة لدعم الفنانين والمتخصصين في المنطقة.

تغييرات قادمة

وتؤكد حسن أنه من المبكر جدا فهم طبيعة تأثير هذا الفيروس علينا على المدى الطويل، لأننا لم نشهد أزمة بهذا الحجم من قبل. ولا أعتقد أن كل شيء يعود لما كان عليه بالضبط، وإنما ستكون هناك تغييرات واضحة خلال الأشهر والسنوات المقبلة، فالعديد من الأعمال الصغيرة ستتجه للإفلاس، وسنظل نعمل بتطبيق إجراءات "التباعد الإجتماعي" لفترة أطول. أما بخصوص القطاع الثقافي وقطاع المتاحف، فإنه سيشهد تحجيما في أعداد زوار المقاصد الثقافية والسياحية وهو ما قد يؤثر على المدخولات السنوية لهذا القطاع.

دروس مستفادة

وتختتم حديثها بالتأكيد على أنها شخصيا تؤمن بضرورة البدء في التعامل مع كوكبنا بالاحترام الذي يستحقه. فالطريقة التي كنا نحيا بها قبيل الوباء غير مستدامة، وهو أمر ذو شجون يمكنني الحديث عنه مطولا، ولكن لتلخيص الموضوع فإنني أعتقد أنه حان الوقت لإبطاء الأمور قليلا والتفكير فيما يعنينا حقا في هذه الحياة.

 

السابق منتدى التفكير العربي يعقد ندوة جديدة عن ضم الضفة الغربية هذا الأسبوع
التالي السفارة اللبنانية في لندن : معرض فني افتراضي لدعم جمعيات خيرية