كريم إمام - لندن
عرض أمس الفيلم الوثائقي The Apollo of Gaza "أبولو غزة" من إخراج المخرج السويسري نيكولا واديموف بكلية الدراسات الشرقية والإفريقية SOAS.
ويحاول الفيلم الكشف عن الأسرار وراء ما قد يكون اكتشاف أثري مذهل للإله الإغريقي أبوللو، بعد أن عثر أحد الصيادين في العام ٢٠١٣ على تمثال من البرونز بمياه أحد شواطئ غزة، أبهر العالم والمتخصصين حينها ثم فجأة اختفى! .
الفيلم الذي تم تصويره في غزة والقدس يلعب الغموض فيه دورا كبيرا،فهو وثائقي مليء بالمعلومات والحقائق غير المتوقعة أو المؤكدة، حيث يتعقب المخرج واديموف أولئك الذين شاهدوا التمثال الذي لا يقدر بثمن أو الذين سمعوا قصصًا عنه... هل هو عمل مزيف أم هدية للفلسطينيين داخل غزة الذين هم في أمس الحاجة إلى الأمل؟ هناك الكثير من الأمور المجهولة، لكن هناك شيء واحد أكيد: أبولو غزة سرعان ما أصبح هدفًا للمضاربة والجشع، وجوده في حد ذاته يغذي أشد الشائعات، ويمسح الخط الفاصل بين الحقيقة والكذب والأسطورة والواقع، لكنه أيضا يمثل الأمل لكثيرين في نهاية النفق الظلم.
غزة أخرى
حالة من الترقب تشوبها ابتسامات وضحكات جراء خفة دم الغزاويين وطبيعة علاقتهم بمدينتهم، يعرض الشريط السينمائي للمشاهد جانبا آخر من غزة غير ذلك الذي يطالعوه في الأخبار، جانب يعكس الحياة الطبيعية للغزاويين مع مجموعة من اللقطات الفنية ذات الرسائل المخفية، مثل تصوير كادرات فواصل سينمائية لطيور في قفص،أو قطط محاصرة وراء مجموعة من الحجارة.
إلى جانب التنافسات السياسية المحلية والمخاوف الدولية، فإن "أبولو غزة "هو انعكاس لحقيقة مرور الزمن ودورات التاريخ الذي شهد ولادة ونمو وموت الحضارات العظيمة، في جزء من العالم يتسم بصراع يبدو وكأن لا نهاية له، حيث يستمر قطاع غزة المحاصر في دفع ثمن باهظ.
بعد العرض تلقى المخرج نيكولاس مع ياسين الخضري -التي عملت في مجال حفظ الآثار والمتاحف في غزة وابنة جودت الخضري أحد الشخصيات في الفيلم- أسئلة الجمهور والتي كان أولها عن الدافع للقيام بهذا الفيلم وكيف سارت الأمور. فيرد نيكولاس: جاءت الفكرة بعد رحلة طويلة حيث عملت فيلمين أو ثلاثة قبل ذلك من داخل فلسطين وفي خلال أحداث العام ٢٠٠٨ بعدها بأسبوعين صورت فيلم اسمه (عايشيين) حول كيفية مواصلة الناس في غزة حياتهم ما بعد القصف.
وعن الفيلم يوضح قائلا: السياسة دائما خارج الكادر، أفلامي هناك عن البشر. قابلت العديد من الناس الرائعين والأصدقاء الذين سجن منهم البعض... وبالتالي شعرت بعد هذا الفيلم بأن عليّ العودة. ولكني وددت اختيار موضوع مختلف بغض النظر عن الوضع في المكان الذي مع الأسف يزداد سوءا. وفي ٢٠١٣ قرأت القصة وأنا لست متخصصا في التاريخ أو في الحفريات، ولكني اخترت الموضوع لأنه يعكس غزة وتاريخها والهروب من الواقع البائس إلى رحاب الخيال، وأنه لا يزال هناك مكان للشعر والفن.
فلم عن غزة لكنه يضحك ولا يبكي!!
في حين قالت ياسمين الخضري: إنه لمن الجميل والمنعش مشاهدة الجمهور يضحك أثناء مشاهدة فيلم عن غزة.. أعتقد أن إيجاد هذا التمثال هو شهادة تعريف بتاريخ غزة الذي للأسف مع الوضع الحالي هو تاريخ غير معروف وغير مهتم به.. في فلسطين لا مبحث عن تاريخنا القديم. وللأسف بعد العام ١٩٤٨ العديد من الأمور تغيرت ولا زلنا نعيش العواقب حتى اليوم.
وواصلت: من خلال عملي في غزة لست مندهشة من اندهاش الناس.. أتذكر عندما كنت أقوم بجولات هناك البعض كان يعتبرني أهذي أو اكذب.. للأسف في كل غزة ليس هناك موقع حفريات وبالتالي عندما نشاهد شيء كهذا من البحر فهذا مدهش.
ويعود نيكولاس ليوضح: بخصوص عرض الفيلم في فلسطين: كانت الخطة أن نعرض الفيلم أولا في غزة كما حصل مع الفيلم الأول ولكن الوضع هناك لم يسمح، لافتا إلى أن العرض الأول للفيلم كان في مهرجان لوكارنو، ومن ثم قام بجولة عالمية ولايزال يشارك في عدد من المهرجانات الدولية.. في أكتوبر ٢٠١٨ تم دعوتنا للمشاركة في Palestine cinema festival وعرضناه بفلسطين ولكن بالضفة الغربية وليس غزة، حيث قال لنا المنظمون أن عرضه سيؤدي لمشاكل بين حكومة حماس والجناح العسكري،كما أنه قد يؤدي لضرر لمن ظهروا في الفيلم، ولكن عرض في الضفة وفي بيت لحم.
وكان العرض بمثابة مشاهدة الأرض الممنوعة لعدد من الحضور حيث أن الضفة ممنوعة من زيارة غزة أو البحر منذ ٢٠ عام حتى اليوم. كما عرض في عمّان بالأردن وكان عظيم والجمهور كان متنوع في الإعمار وعرض في لبنان ومصر وتونس والمغرب والاستقبال كان جيد جدا والناس كانوا يشكروني لأني مكنتهم من مشاهدة صور أخرى لغزة غير الإرهابيين والأسلحة وغير ذلك من صور نمطية. لافتا إلى أن الإسرائيليين غير مهتمين حيث أنهم خلال الثلاثين أو العشرين عاما الماضية سرقوا كل شيء ليضعوه في متاحفهم، وليس هناك ما يرغبون فيه بعد الان.