عرب لندن
تستعد المملكة المتحدة لمغادرة الاتحاد الأوروبي في نهاية هذا الشهر، لإنهاء فصل طويل من حالة عدم اليقين، غير أن البريطانيين الذين صوتوا بنسبة 51.9 في المائة لصالح الانسحاب من الاتحاد الأوروبي في استفتاء عام 2016، لا يزالون منقسمين بين مؤيد ومعارض للبريكست.
فبعد عودة النواب إلى مقاعدهم في برلمان وستمنستر بعد عطلة مستحقة على إثر انتخابات تشريعية محمومة، والتي انتهت بانتصار كبير للمحافظين، يستمر المؤيدون للبقاء في الاتحاد الأوروبي والمطالبون بالانسحاب منه، مواصلة التظاهر أمام البرلمان البريطاني للتعبير عن دعمهم أو رفضهم للبريكست.
من خلال لافتات تحمل شعارات مثل: "البريكست، جنون جونسون"، و"أورسولا، تبنيني، من فضلك" أو "الصفقة هي البريكست" يشير المتظاهرون إلى أن الاستفتاء على الانتماء للاتحاد الأوروبي وثلاث سنوات من عدم اليقين التي أعقبته، لم تعمل إلا على الرفع من حدة الانقسامات في البلاد.
"لم تقدم الحكومة شيئا مما ينبغي أن تقدمه. كل هذه الوعود حول ضمان حقوق المواطنين الأوروبيين ليست سوى أكاذيب (..) البريكست عنصرية محضة!" ، تقول جوليا، شابة مؤيدة للبقاء في الاتحاد الأوروبي.
وأعربت في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، عن أسفها لكون الأمر عبارة "عن عرض، لقد كذبوا علينا فقط وسرقوا بلدنا، لن أسامحهم أبد ا".
أما ماغدالينا ويليامز، ناشطة مناصرة لأوروبا من أصل مجري فتبدي استياءها قائلة : "لسوء الحظ، فازوا (المحافظون) بالأغلبية في البرلمان. المعارضة ضعفت تماما. ومهما فعلنا الآن، لا يمكننا إيقاف خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي". وأضافت "نحن نكافح الآن لنسج علاقات وثيقة مع الاتحاد الأوروبي قدر الإمكان، من أجل تأمين إمدادات الأدوية لدينا، وضمان أمننا وحماية معايير المواد الغذائية لدينا"، معربة عن خشيتها من أن لا تكون الصفقة المستقبلية مع الولايات المتحدة بنفس مستوى الاتفاق المعمول به مع الاتحاد الأوروبي أو أن النظام الصحي الوطني المجاني، مصدر فخر للبريطانيين يتم خصخصته ".
وتعتقد ماغدالينا ويليامز، التي تخطط لمغادرة المملكة المتحدة أنه "لن يتم تنفيذ أي من الوعود التي قطعتها الحكومة على نفسها خلال الحملة الانتخابية"، لا سيما في الحرب ضد تغير المناخ، معتبرة أن أملها الأكبر هو رؤية الحكومة الحالية "تقلل من الأضرار".
وعلى الجانب المناوئ للبقاء في الاتحاد الأوروبي، يطالب لي بيشوب بالخروج الفوري من الاتحاد الأوروبي دون أي اتفاق.
وحسب هذا المؤيد للبريكست، الذي يدعو إلى عودة صناعة الصيد البحري البريطانية، "بعد سنوات من التراجع والإفراط الأوروبي في الاستغلال"، فان الصفقة التي اقترحها بوريس جونسون "ليست الأفضل" ولن يمنح الاتحاد الأوروبي المزيد من التنازلات للبريطانيين.
غير أنه يرى، من ناحية أخرى، أن الاتحاد الأوروبي مستعد بالفعل ليريكست بدون صفقة، معتبرا أنه لا لزوم لتمديد المفاوضات بعد "السنوات الثلاث والنصف التي هدرت في حياة البريطانيين".
وأكد أنه إذا لم يكن هناك احتمال لانتزاع "تنازلات في الوقت المناسب" من الأوروبيين، فمن الأفضل ترك الاتحاد الأوروبي الآن.
أما جيمس، مؤيد آخر للبركست، فيعتقد أنه بترك الاتحاد الأوروبي، ستركز الحكومة البريطانية على المشاكل الخاصة بالمملكة المتحدة، تماما كما ستتمكن من ضخ دماء جديدة في النظام الصحي الوطني، مضيفا "لقد أجبر الاتحاد الأوروبي بريطانيا على تشغيل مواطنين غير بريطانيين".
وأصر على أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سوف "يوفر المزيد من فرص العمل للمواطنين"، قبل الاستمرار في أن "البقاء في الاتحاد الأوروبي لا يؤثر فقط على ثقافتنا ولكن أيضا على وجودنا كبريطانيين".
بعد ثلاث سنوات ونصف من الجمود في وستمنستر، أعطى النواب البريطانيون الضوء الأخضر، يوم الخميس، لاتفاق الانسحاب الذي سيفتح صفحة جديدة في العلاقات بين المملكة المتحدة للاتحاد الأوروبي.
وسيتعين على مجلس اللوردات المصادقة على الاتفاق، ثم تمريره من قبل الملكة إليزابيث الثانية. وبعد ذلك يتعين على البرلمان الأوروبي التصديق على الاتفاق للسماح للمملكة المتحدة من مغادرة سفينة الاتحاد الأوروبي في 31 يناير.
ومن المنتظر أن يضمن اتفاق البريكست، الذي تم التفاوض بشأنه مع بروكسل بالخصوص حقوق المواطنين الأوروبيين والبريطانيين وتسوية مسألة الحدود الأيرلندية، مع ضمان الانتقال إلى علاقة مستقبلية لا يزال يتعين تحديدها بالكامل.
واعتبارا من 31 يناير، ستدخل المملكة المتحدة فترة انتقالية ستمتد حتى نهاية عام 2020، بهدف السماح للندن وبروكسل بالاستعداد لطلاق سلس بعد أكثر من 47 من العضوية. وبذلك تصبح المملكة المتحدة أول بلد يغادر الاتحاد الأوروبي.