عرب لندن
لم يكن علي ميلاني يتحدث الإنجليزية عندما وصل إلى بريطانيا من إيران في سن الخامسة. وبعد عشرين عاما، أصبح يشكل أكبر تهديد لرئيس الوزراء بوريس جونسون في انتخابات الأسبوع الجاري.
ويحاول المرشح، (25 عاما) عن حزب العمال المعارض، مواجهة رئيس الوزراء في دائرته الانتخابية في أوكسبريدج وساوث رويسلب غرب لندن.
وعادة ما يمنح المرشحون السياسيون الشباب فرصة لاكتساب الخبرة في الأماكن حيث تكون فرصهم بالفوز ضئيلة للغاية. لكن ميلاني لم يختر خوض المنافسة من باب أداء الواجب فحسب.
ويحظى زعيم الحزب المحافظ جونسون بغالبية 5034 صوتا فقط، ما يجعل هذه الدائرة الانتخابية من المقاعد المتأرجحة الأساسية. ولم يحصل رئيس وزراء في منصبه على غالبية ضئيلة لهذه الدرجة منذ العام 1924. وتعد الهزيمة أمرا لا يمكن لجونسون تصوره.
ويدرك ميلاني، الذي يقدم نفسه على أنه "المرشح المحلي"، ذلك. وخاض حملته الانتخابية بلا كلل لانتزاع أكبر قدر ممكن من الأصوات من خصمه.
وقلة هم المرشحون في هذه الانتخابات الغاية في الأهمية الذين يمكنهم أن يكونوا على وجهي نقيض، كما هو حال أبرز المرشح ين في أوكسبريدج وساوث روسليب.
وإضافة إلى كونه شاب ومولود في إيران، نشأ ميلاني مع والدة عزباء في مسكن اجتماعي قرب ملعب ويمبلي في شمال غرب لندن. أما جونسون، الذي يكبره بثلاثين عاما، فكان رئيس بلدية لندن ووزير خارجية تلقى دروسه في "إيتون" العريقة، وتعلم اليونانية واللاتينية في جامعة "أوكسفورد".
وبحسب شقيقته، كان جونسون الذي يتمتع بالكاريزما وبشخصية إنجليزية تقليدية يطمح في طفولته بأن يصبح "ملك العالم".
وفي المقابل، تخرج ميلاني من جامعة "برونيل" الحديثة في أوكسبريدج، وهو مسلم يمارس تعاليم دينه، وكان شخصية بارزة في الاتحاد الوطني للطلاب.
وبينما تجري الانتخابات الخميس على وقع بريكست، إلا أن الشؤون الداخلية لا تزال في الواجهة. ولوحظ غياب جونسون عن هذه الدائرة.
وقال مايكل فريتاس (42 عاما) الذي يعمل في مجال تكنولوجيا المعلومات "لطالما كانت المنطقة تصوت للمحافظين، لكن الناس غير راضين عن المستشفى المحلي". وأضاف متحدثا في أوكسبريدج الواقعة على بعد نحو 30 كلم من وسط لندن أن "وضع الشباب غير جيد".
وبدا فريتاس، الذي قال إنه محتار بين ميلاني ومرشح الحزب الليبرالي الديموقراطي، منزعجا لعدم حضور جونسون إلى أوكسبريدج. وقال "من الواضح أنه أهمل المجتمع المحلي".
وأكد ميلاني في مقال نشرته "ذي غارديان" الشهر الماضي "على الورق، لا يعد قلب غالبية بخمسة آلاف صوت لرئيس الوزراء الحالي تحدي ا سهلا ". وأضاف "لكن موجة الآراء تنقلب ضد جونسون، الذي رأى أن دوائره الانتخابية تعرقله وتعامل معها بازدراء".
وذكر ميلاني أنه شهد دعوات "لتصويت تكتيكي ضد جونسون" (عندما يتم التصويت لمرشح ما بهدف تجنب نتيجة معينة) وتعبئة غير مسبوقة للطلبة والشباب، الذين حضهم على التسجيل للتصويت وإيصال أصواتهم. وكتب "أعتقد حقا أننا على حافة نصر تاريخي".
ويبدو أن حتى مركز أبحاث يميني يدعم نظريته. ففي نيسان/أبريل، رأى مركز "أونوارد" أن المحافظين "بخطر" في أوكسبريدج وساوث روسليب بسبب تركيبتها السكانية من الشباب.
وقالت الممثلة والكاتبة الثلاثينية كاثرينا نوكس إن ميلاني يتمتع بـ"اللمسة المحلية" وهو أقرب لطريقة تفكير الناخبين الشباب. وتابعت نوكس "شعرت بالكثير من الكآبة بشأن الانتخابات. أنا قلقة من بريكست، وحيال خدماتنا العامة والكثير من الأمور". وأضافت "شعرت بالحاجة للقيام بشيء ما. اعتقدت أن محاولة الإطاحة ببوريس جونسون في دائرته الانتخابية ستكون جيدة. يبدو أن (ميلاني) يهتم بهذه المنطقة، إنه من هنا". وأقرت نوكس أن فوز ميلاني أمر "غير مرجح، لكنه ممكن". لكن النظرة بأن جونسون من خارج المنطقة قد تصب في صالح ميلاني.
وقبل توليه منصب رئيس بلدية لندن، كان جونسون النائب المحافظ عن مقعد هينلي (قرب أوكسفورد). لكن شارون جويس، وهي أستاذة في مدرسة ابتدائية، أشارت إلى أن شخصية جونسون وولاء المنطقة التقليدي للمحافظين هو الأهم. وقالت "الجميع يحبه هنا. بالتأكيد، لا يريدون العمال"، مشيرة إلى أنها تطالب بـ"مستشفيات جديدة" و"أحكام قضائية أشد" و"مراكز شرطة".
من جهة أخرى، قد يواجه ميلاني انتقادات على خلفية تغريدات نشرها في الماضي واعتبرت معادية للسامية. واعتذر مذاك، مبررا الأمر بصغر سنه.
وتوقع استطلاع أجرته مؤسسة "يوغوف" الشهر الماضي تقدم جونسون على ميلاني بـ50 بالمائة مقابل 37 بالمائة. لكن من غير المستبعد أن يفوز العمال بفارق ضئيل.