أندرو ماريوت: لندن شهدت تطورا مذهلا خلال السنوات العشرين الماضية وتغيرت ملامحها تماما

جاك ماريوت: أنصح القادمين الجدد بشراء دراجة والتعرف على الأحياء المختلفة داخل المدينة

لندن – كريم إمام

نتعرف خلال هذا التقرير على نموذج من العائلات البريطانية التي تعيش في لندن، ورؤيتها للمدينة وللمشهد الاجتماعي والثقافي والسياسي في العاصمة البريطانية من وجهة نظر عائلة تعيش في حي بوتني Putney منذ بداية الثمانينيات، لنقرب للقارئ العربي لوجهة نظر البريطانيين عن مدينتهم المفضلة، وكيف ينظرون إليها وما توقعاتهم لمستقبلها.

أندرو ماريوت رجل بريطاني من أصول فرنسية يبلغ من العمر 69عاما، أرمل متقاعد ويَدرس اللغة العربية، لديه ابنان 28 و29 عاما وكلب... يقول: انتقلت للعيش في حي بوتني Putney في العام 1981، ويعود اهتمامي بدراسة اللغة العربية إلى أن آخر عمل لي كان في بلد يتحدث بالعربية، وبالرغم أني سافرت كثيرا طوال حياتي العملية،إلا أنني لم أعش في بلد عربي من قبل، حيث كانت موريتانيا البلد الأول وللأسف لم أقدم على تعلم اللغة منذ البداية وانما بدأت قبيل رحيلي عنها بأشهر قليلة، ولكن على الأقل استطعت أن أتعلم حروف الأبجدية وبعض الكلمات المعدودة قبل العودة لإنجلترا، ثم تقاعدت وفكرت أن عليّ إيجاد شيء ما لأبقي على عقلي يعمل، وبالتالي قررت خوض تجربة تعلم اللغة العربية.

نمط حياة

أما عن يومه العادي كبريطاني يعيش في لندن يقول: لأنني متقاعد فليس لدي روتين، ولكن لدي سياسة خاصة بتقاعدي وهي أنني أقول (نعم) لأي شيء، فمثلا إن كان الأصدقاء يودون القيام بشيء ما -حتى إن لم أكن أرى ذلك مثيرا للاهتمام- فأنني أقول نعم، وأقوم بالعديد من المغامرات، أسافر كثيرا، وأبقي نفسي مشغولا قدر المستطاع.

هذا العام سافرت إلى الكاريبي وعشت هناك لمدة شهر، ثم سافرت إلى عمّان في الأردن حيث درست اللغة العربية، كما ذهبت إلى فلوريدا في أميركا ومن هناك زرت كوبا وقد كانت رحلة ممتعة للغاية، كما سافرت إلى فرنسا وبولندا واليابان لمدة ثلاثة أسابيع حيث ذهبنا لحضور كأس العالم في لعبة الركبي. 

لندن والطقس

وحول رؤيته للندن كمدينة يقول: نحن كإنجليز دائما ما نتحدث عن الطقس، وكما تعلم فإن الطقس هنا متقلب جدا، فيوم تجده رائع ومشمس واليوم التالي تجده ممطرا وبارد، كما أن لدينا فصول متفاوتة خلال السنة في درجات الحرارة المتقلبة، وبالتالي دائما ما نتحدث في حالة الطقس، إلا أن لندن مكان جميل، وقد شهدت كمدينة تطورا مذهلا خلال السنوات العشرين الماضية، تغيرت ملامحها تماما مع كل هذه البنايات الشاهقة، وعلى الرغم من الطرازات المختلفة في المعمار إلا أن هناك أيضا الكاتدرائية التي اعتادت أن تكون المبنى الأكثر درامية في لندن، إلا أنها اليوم تعد صغيرة بالمقارنة بكل هذه المباني الجديدة. ويضيف: أعتقد أنها مدينة أكثر نظافة فالنهر أكثر نظافة ولدينا الآن أسماك به وهو ما لم يكن موجودا منذ ثلاثين عاما حيث كان ملوثا للغاية، وفي الأيام الخوالي قبل الحرب كان هناك تلوث هوائي كبير أدى إلى وجود ما يسمى بالضباب البشري الناتج عن الأدخنة التي كانت تخرج من المصانع، والآن ليس لدينا هذا النوع من التلوث. على صعيد آخر هناك نوع من التعددية في لندن حيث يعيش العديد من الناس من أصول مختلفة ومستعمرات بريطانية قديمة، وكنتيجة للك فإنك تجد تشكيلة ضخمة من المطاعم التي تقدم كل ما قد تتصور من مأكولات عدا المأكولات الإنجليزية التي هي ضعيفة جدا وعبارة عن خضار مسلوق أو لحم بدون بهارات دون أي نوع من الإبداع!

السياسة والمستقبل

وعن المشهد السياسي يقول أندرو إنه لمن المؤسف أننا في هذا الوضع المزري، والمشهد بالنسبة لي كما أنه مسلسل درامي طويل يعرض يوميا ومليء بالمنعطفات والمنحنيات ولاتزال حلقاته مستمرة، لكنه حزين لأنه بالفعل عمل على تقسيم الناس بين هؤلاء الذين يودون البقاء في الإتحاد الأوروبي، وأولئك الذين يودون الرحيل، وهو ما يسبب الكثير من الارتباك لأن الذين يودون الرحيل هم أشخاص موجودون في كافة الأحزاب السياسية، وهو أمر لا يختص به حزب معين سواء أكان يميني أو يساري، رأسمالي أو ليبرالي، وهو ما أدى للعديد من الانقسامات والصعوبات، أضف إلى ذلك السياسيين الملتوين الموجودين على الساحة على رأسهم رئيس الوزراء الحالي الذي هو غير صادق. للأسف ليس لدينا قادة سياسيين يرغبون بالعمل بصدق لتقديم الأفضل لبلادهم، وانما هم يودون فقط تحقيق المكاسب الشخصية لأنفسهم.

هؤلاء السياسيين يسعون قدر استطاعتهم للوصول إلى السلطة والإبقاء عليها. ويرى أندرو أن المستقبل يعتمد على (البريكست) بشكل أساسي، وإن تركنا الاتحاد الأوروبي في نهاية المطاف سيكون لدينا الكثير من الصعوبات، وقد تكون بريطانيا العظمى شيئا من الماضي، وقد تحصل اسكتلندا وأيرلندا الشمالية على الاستقلال، وبالتالي سنكون منفصلين عن أقرب جيراننا وهو أمر محزن.

روتين يومي

في حين يقول ابنه جاك -٢٩ عاما- وهو مهندس مدني يعيش ويعمل في لندن أن يومه الاعتيادي يبدأ في التاسعة صباحا بالذهاب إلى مقر العمل في الأغلب يظل داخل المكتب أمام الكمبيوتر، فيما عدا بعض الأيام عندما يذهب إلى مواقع المشاريع المختلفة، ثم يعود إلى المنزل بعد العصر ليقوم ببعض التمارين أو ملاقاة الأصدقاء، ويضيف: أواظب على رياضة السباحة أيضا حيث كنت ضمن المنتخب الوطني للسباحة،كما أني أدرس للحصول على شهادة إضافية في الهندسة.

رحلة حياة

ويضيف: ولدت هنا وعندما كنت في سن ٦ أسابيع انتقلنا للعيش في ماليزيا حيث كان أبي يعمل، وعشنا هناك لمدة عام ثم ولد أخي الأصغر وانتقلنا للعيش في الكاريبي لمدة سنتين، وعدنا للملكة المتحدة ودخلنا المدرسة، ثم بدأ أبي العمل في الصين عندما كنت في الثالثة، ثم انتقل إلى كينيا عندما كان عمري ٥ سنوات وكنا أنا، أمي وأخي نعيش بين لندن وكينيا وقد كانت طفولة سعيدة حيث اكتشفنا وزرنا العديد من البلدان الإفريقية. بعد ذلك انتقل أبي للعمل في سوازيلاند لمدة عام، وبعد ذلك انتقل إلى كندا وكنا أيضا نذهب لزيارته كثيرا، ثم انتقل إلى الجابون في غرب إفريقيا، وفي النهاية انتهى به المطاف في موريتانيا حيث تعلق باللغة العربية.

المدينة الأفضل

عن رؤيته للندن فيقول: أعرف المدينة جيدا حيث عشت فيها معظم عمري، وفي رأيي هي المدينة الأفضل في العالم، حيث أنها تمتلك كل شيء، وتقريبا كل الأشخاص الذين عرفتهم طوال حياتي يعيشون في لندن، الأصدقاء من المدرسة والجامعة، أصدقاء العائلة، والعائلة، وهذا أمر مثالي بالنسبة لي حيث أنهم جميعا قريبون مني، وأعتقد أنها بالنسبة للشخص الذي أتى حديثا للعيش هنا قد تكون مخيفة أو مربكة خاصة فيما يتعلق بوسائل المواصلات أو كيفية القيادة، وأنا عادة أذهب للعمل بالدراجة في الصيف، وكل مدة أرى حادث سير في الطريق، وبالتالي فإنها قد تكون مدينة مربكة للواصلين حديثا، لكن عندما تعتاد عليها، ستجد أن بها كل شيء قد تحتاجه.

تعدد الثقافات

أما عن مدى كونها مدينة تزخر بالعديد من الثقافات والأجناس يقول: بالفعل فأقرب أصدقائي نصفه من سوازيلاند، ولم أعرفه حقا عندما كنت هناك وإنما من خلال السباحة حيث كان أيضا ضمن فريق المنتخب الوطني، وقد عاش في بلوموث وانتقل إلى لندن للعمل وكان معي في الجامعة، قد جاء في أيام مراهقته إلى بريطانيا ولم يكن يعرف الكثير من الناس هنا. كما أن لدي صديق عربي وهو مصور ومهندس ديكور داخلي، وقد تربى في بغداد وانتقل للعيش في لندن أيضا في فترة المراهقة،وكلما التقينا نذهب لمطاعم عربية متنوعة.

وحول رؤيته للوضع السياسي يوضح جاك: أعتقد أن أغلبية الناس في لندن مع البقاء في الاتحاد الأوروبي، وربما معظم المدن الأخرى هي مع الخروج وبالتالي وكأن الوضع هنا هو لندن في مواجهة باقي المملكة المتحدة، ومع ذلك فإنك لا تشعر بهذه الأجواء المشحونة سياسيا، إلا إن كنت على سبيل المثال بالقرب من البرلمان حيث ترى المتظاهرين والمحتجين، وأعتقد أنها عملية مرتبطة بالعقل الباطن، حيث أنك تعلم بأن هناك صراع سياسي دائر، ولكن ليس هناك ما يمكن القيام به حيال ذلك الأمر.

التجول بالدراجة

ونصح جاك القادمين إلى لندن للعيش بأن يشتروا دراجة، ففي الصيف هي الطريقة المثلى للتعرف على المناطق المختلفة في لندن -بالطبع عليهم أن يكونوا حذرين مع السيارات- الأمر الثاني يتعلق بالتنوع، فقد عشت معظم سنوات حياتي ولا زلت لم أزور العديد من المقاصد السياحية في لندن، وأنا لست في عجلة من أمري لأني أعلم أني سأعيش هنا باقي حياتي وبالتالي لدي الوقت لأقوم بذلك، لكن العديد من الناس يأتون إلى لندن ويظلون في نطاق الحي الذي يعيشون فيه ولا يذهبون لأحياء أو مناطق أخرى، وأنا لازلت حتى الآن اكتشف أماكن جديدة في لندن. 

 

السابق بريطانيا.. كوربين يرفض الاعتذار إثر جدل حول معاداة السامية
التالي بريطانيا.. العماليون يعلنون "برنامجا لمكافحة التمييز"