عرب لندن

بدأ عام 2019 بدعوات للتحقيق في رهاب الإسلام لدى حزب المحافظين، غير أن الأخير، ومع اقترابنا من الشهر الأخير من العام، ما يزال مستمرا في غض الطرف عن هذا الموضوع .

وما لا يمكن نكرانه هو وجود المعضلة، بل وتزايدها المطرد، بحيث يمكن للمرء، استندا إلى الأدلة المتوفرة، أن يطلق عليها وباء. فالخطاب المعادي للمسلمين موجود على جميع المستويات لدى الحزب، من أعضائه، إلى الممثلين المنتخبين، وصولاً إلى القمة، كما يتضح من تاريخ رئيس الوزراء بوريس جونسون، بنفسه، وعبر التصريحات المسيئة. 

بعد رحيل تيريزا ماي، بدا أن مرشحي حزب المحافظين، الذين تقدموا لرئاسة الوزراء، يوافقون على ضرورة إجراء تحقيق في المشكلة؛ أي كل ما يتصل بـ"التحامل والتمييز، بما في ذلك معاداة السامية". غير أن الحزب راح يتهرب من دعوات لإجراء تحقيق مستقل جاد في كراهية الإسلام، حتى مع استمرار اكتشاف التعليقات المناهضة للمسلمين من أعضاء المحافظين والمسؤولين المنتخبين.

وفي مطلع الأسبوع الماضي، تم الكشف عن ملف، من خلال حساب تويتر، باسم، matejacob ، يُظهر أعضاء مجلس المحافظين الحاليين والسابقين، يدعون إلى "حظر المساجد"، مشيرين إلى المسلمين على أنهم "بربريون"، بل ويشبّهون الإسلام بالنازية، وأنكى من ذلك، يروجون لفكرة المناطق المحظورة ("مناطق المسلمين فقط")، متسلحين بنظرية المؤامرة.

ولا يقف الأمر عند هذا الحد، إذ تتضمن التعليقات الأخرى إهانات عنصرية، مثل "حثالة الصوماليين" و"الهنود الحمر"، فضلا عن دعم الحظر الإسلامي التمييزي لدونالد ترامب، والتركيز على المخاوف من تكاثر المسلمين، والادعاء بأن الإسلام "غير بريطاني وغير أوروبي".

كما قام المستشارون السابقون والحاليون لحزب المحافظين بنشر دفاعات قوية لشخصيات يمينية متطرفة، مثل تومي روبنسون، ولأحزاب مثل PEGIDA، وشارك آخرون محتوى يتصل بنظرية المؤامرة، مثل بول جوزيف واتسون، والمدون الأمريكي المعادي للمسلمين، باميلا جيلر (الذي تم حظره من المملكة المتحدة في عام 2013).

ويوم الجمعة الماضي، الموافق 15 نوفمبر، أصدرت إل بي سي مجموعة أخرى من التعليقات البغيضة التي أدلى بها أعضاء مجلس المحافظين السابقين والحاليين، إذ قال عضو في أحد المنشورات في عام 2016: "الإسلام: حان وقت قتل الكفار، والرجم بالحجارة، والطهارة الدينية، والبقاء على الفلافل الرائعة"، على صورة رجال آسيويين ملطخين بالدماء يحملون سكاكين.

وفي خضم تواتر هذه الأدلة ضد حزب المحافظين، رد بالخطوة المعتادة المتمثلة في تعليق عدد قليل من أعضاء المجلس، وهي عملية لا تنطوي على أي شفافية، إذ كانت النهج المعياري للحزب تجاه المشكلة، والتي من الواضح أنها غير فعالة بالنظر إلى استمرار تنامي رهاب الإسلام.

 

وفي واقع الأمر، فإن هناك عدة أسباب وراء فشل الحزب في التعامل مع القضية على محمل الجد، نظرًا لأن نسبة كبيرة من أعضائه يدعمون نظرية الإسلاموفوبيا، وذلك حتى لا ينفروا داعميهم، فيخسروا جملة من الأصوات عند الحاجة إليها.

إن الإسلاموفوبيا تمثل استراتيجية فعالة للحملة، وشيطنة المسلمين، وغيرهم من الموضوعات المتكررة في الحملات السياسية في الغرب. ويشير مايتس جايكوب، في هذا السياق، إلى أن "حجم المشكلة الذي سيظهر نتيجة تحقيق مستقل، سيكون سيء جدًا، لدرجة أنه من الأفضل الحصول على تغطية سيئة لتفادي المشكلة، من البحث عن تغطية أسوأ إذا خرجت الحقيقة".

ويبدو أن حزب المحافظين يروج للقوالب النمطية، ويستعمل الإهانات العرقية، ويدعم نظريات المؤامرة اليمينية المتطرفة التي تستهدف المسلمين، على أنه سلوك مقبول. والدليل على ذلك أن من يعنيهم الأمر، لم يجدوا أي حرج عندما قارن جونسون، وزير الخارجية حينها، النساء المسلمات، اللواتي يلبسن البرقع، بـ "صناديق الرسائل" و"لصوص البنوك"، حتى إن لجنة مستقلة وصفت تلك التعليقات بأنها "محترمة ومتسامحة". 

وبالرجوع إلى الوقائع، يتضح أن حوادث الخوف من الإسلام شهدت ارتفاعا بنسبة 375 في المائة في الأسبوع الذي تلا تصريحات جونسون، وهي أكبر زيادة في الكراهية ضد المسلمين طيلة العام 2018.

ومن المؤسف أن تنامي الظاهرة لدى حزب المحافظين في اطراد، ولذلك فبالنسبة للمسلمين البريطانيين تشير تصرفات الحزب إلى أنه ببساطة لا يهتم بهم أو يقدرهم كمواطنين. 

 

 

 

السابق بريطانيا.. انطلاق عملية إعادة أيتام الجهاديين من سوريا
التالي الملكة إليزابيث والأمير فيليب..72 عاما من الحب