الفيلم يلقي الضوء على أبطال حقيقيين يكافحون من أجل البقاء

منتجة الفيلم: المواد المصورة أرسلت لنا عبر الساتلايت

إليسار حسن: ما حدث في الغوطة يحدث اليوم في إدلب وعلينا أن نحمي إدلب

عرب لندن – كريم إمام

في عرضه الأول بأوروبا ضمن مهرجان لندن السينمائي 2019 والذي سجل فلم "الكهف" حضورا قويا حيث امتلأت صالة العرض لمشاهدة الفلم الجديد للمخرج السوري فراس فياض الذي رشح من قبل لجائزة الأوسكار، وذلك بحضور عدد من أعضاء فريق العمل.

مشفى تحت الأرض

يتتبع الفيلم الحياة اليومية لطبيبات يعملن في مشفى سري تحت الأرض، أثناء حصار الغوطة الشرقية بين العامين 2012 و2018.، ويرصد جهودهن ومكابدتهن لإنقاذ أرواح آلاف المدنيين الذين يقبعون تحت القصف والحصار المضروب على المدينة من قبل النظام السوري.


وشاركت "الشركة الدنماركية للإنتاج الوثائقي" في إعداد العمل وإنتاجه إضافة إلى ناشونال جيوغرافيك، علماً أن بطلة الفيلم هي الدكتورة أماني (30 عاماً) وهي طبيبة أطفال، لم تتمكن من إنهاء دراستها، وأصبحت قائدة لفريق من 130 من الاختصاصيين في مشفى "الكهف" الذي كان يخدم 400 ألف مدني من تحت الأرض بالغوطة.


ويعكس الفيلم على مدار 95 دقيقة قدر الهلع والخوف الذي يعيشه العاملون بالمشفى بشكل يومي، ويلقي الضوء على أبطال حقيقيين يكافحون من أجل البقاء، من ضمنهم الدكتور علاء الذي يجري العمليات الجراحية على أنغام الموسيقى الكلاسيكية، ويطلب من الجرحى التركيز على شاشة الهاتف النقال الصغيرة وسط غرفة العمليات، وسماهر التي تعلمت الطبخ في المشفى تحت القصف والتي تحاول أن تبقي حسها الفكاهي في أجواء الموت والدمار حولها.

 

شهادة للتاريخ

يعد الفيلم شهادة تاريخية لهؤلاء الذين اختاروا مواصلة العمل تحت الحصار وقصف الطائرات والمخاطرة بحياتهم لمساعدة الجرحى، وإبقاء الأمل في النفوس، كما أنه يعد دعوة لاتخاذ موقف حيال الجرائم ضد الإنسانية البشعة التي تشهدها سوريا حتى اليوم.

وقد حضرت المنتجتان وعدد من العاملين على الموسيقى والصوت عرض الفيلم، إضافة إلى الكاتبة التي شاركت فراس في كتابة النص في جلسة أسئلة وأجوبة بعد العرض.

الستلايت الطريق الوحيد لتهريب الصور من " الكهف"

وتحدثت المنتجة كريستين بارفود عن صعوبة مشاهدة ما يحدث في سوريا، مشيرة إلى أنه كان لابد من عكس الحياة بداخل الفيلم بكافة تفاصيلها.

وبخصوص كيفية التصوير وتأمين الفريق العامل على الفيلم قالت إن الفريق كان بداخل سوريا ولم يكن هناك مدخل أو مخرج لهم، حيث استمروا في التصوير إلى أن خرجوا، وأضافت: لم نأخذ أية مواد للخارج وانما تم إرسالها من هناك عبر الستالايت.

في حين قال مهندس الصوت أنه كان لابد من إيجاد ليس فقط الأصوات الإنسانية، ولكن أيضا تلك التي تجعل جسمك يقشعر، وقد وضعنا مجهودا كبيرا في أن نكون حقيقيين قدر المستطاع ،وأن نأتي بأصوات الطائرات والقنابل التي جاءت حقيقية من الواقع السوري، إضافة إلى بعض الأصوات التي أضفناها من خلال توجيهات المخرج الذي كانت لديه دوما رؤية واضحة بعيون شخصيات الفيلم.

وقال إنهم عرضوا الفيلم قبل إنجازه بشكل نهائي على سماهر -إحدى العاملات في المشفى- وقالت إن الأصوات في الفيلم حقيقية، وهي التي سمعتها في الواقع.

مصير فريق "الكهف "

 

،وردا على سؤال من القاعة عن كيفية مساعدة السوريين في الداخل أوضحت بارفورد منتجة الفلم أن ذلك يتأتى من خلال دعم منظمة أطباء بلا حدود والمنظمات غير الربحية التي تساعد في تحسين أوضاع السوريين في الداخل بطرق مختلفة.

وأكدت أن معظم فريق المشفى السري موجودون الآن خارج سوريا، وأن الدكتورة أماني تعيش حاليا في تركيا، غير قادرة على التحرك، حيث أنها تريد العودة لمواصلة عملها في الكهف، لكنها لا تستطيع التحرك من تركيا وأنهم يحاولون تقديم المساعدة لها من خلال تجمعات أطباء، واصفة ذلك الأمر بالمؤسف حيث أنها امرأة قوية جدا وتود أن تواصل عملها الإنساني.

في حين قالت إليسار حسن التي ساعدت في كتابة الفيلم: أن ما حدث في الغوطة يحدث اليوم في إدلب، وعلينا أن نوقف ذلك وأن نحمي إدلب، حيث أننا نستطيع أن نوقف ما يحدث الآن في أماكن أخرى لحماية هؤلاء الذين يعيشون هناك.

 وأوضحت إليسار أن فراس كان يرسل فيديوهات عبر الواتس آب للفريق، وقد درب المصورين عبر خدمة السكايب ليتمكنوا من تصوير هذا الفيلم، ومن خلال بعض اللقطات نستطيع أن نرى مدى الموهبة التي يتمتع بها هؤلاء المصورون.

وبعدما ترشح المخرج السوري فراس فياض لجائزة الأوسكار بفئة الأفلام الوثائقية، عن فيلمه "آخر الرجال في حلب". وبعدما اختارته مجلة "Good" الأميركية، واحداً من بين مائة شخصية مؤثرة وملهمة في المجال الإبداعي في العالم، بات فياض أحد الأسماء البارزة في الفن السوري، ويلقى اهتماما غربيا كبيرا ، وذلك بعدما عاش سنوات طويلة مهمشاً بعيداً عن الأضواء.

مسؤولية أخلاقية لتوثيق جرائم الحرب


وقال فياض في تصريحات صحافية نقلتها مواقع متخصصة في أخبار السينما الوثائقية، إن دافعه للعمل كان ما شهده من قمع وتعذيب للنساء في سجون النظام السوري، وماشهده كذلك من جرائم حرب ارتكبها النظام في الغوطة من استخدامه للأسلحة الكيماوية العام 2013،والتخاذل العالمي الذي تبعها، وقال: "أدركت أنه يجب عليّ تحدي ذلك التخاذل وشعرت بمسؤولية أخلاقية لكشف آثار جرائم الحرب".

وشارك فياض إعلان الخبر عبر حسابه في "تويتر" وكتب: "أنا ممتن لشجاعة تلك النسوة الرائعات لمشاركتهن بنقل الحقيقة،وممتن للفريق وراء هذه القصة لتقديم الحقيقة في وجه الأكاذيب والتضليل".

من جهتها، قالت الدكتورة أماني- الطبيبة التي وإحدى أبطال " الكهف"- عن العمل في تصريحات صحافية: "هذه قصة مهمة للنساء اليوم وللأجيال المقبلة، تدور حول النساء اللواتي يردن الاستقلال والتغيير في الحياة، آمل أن يراه مزيد من الناس لنقترب أكثر من إنهاء الحرب وتحقيق العدالة، لا بد من أن يتغير أمر ما".

إلى ذلك، اعتبرت المنتجة المنفذة في "ناشيونال جيوغرافيك"، كارولاين بيرنستين، أن اختيار العمل كان لبطولة أماني وأهمية قصتها، وأضافت: "إننا نتشرف بمشاركة قصتها مع العالم ولضمان أن يشهد أكبر جمهور عالمي ممكن مدى التفاني والالتزام الذي قدمه فريقها في أسوأ الظروف".

ويذكر أن فياض قدم في السابق أعمالاً بارزة أخرى مرتبطة بالواقع السوري، من بينها فيلم "آخر الرجال في حلب"، الذي تبع متطوعين من فريق الدفاع المدني السوري "الخوذات البيضاء"، وهم يحاولون إنقاذ الناس في مدينة حلب المحاصرة، والذي ترشح لجائزة "أوسكار" العام 2017، وحصل على 24 جائزة أخرى.

وانعقدت فعاليات الدورة الحالية لمهرجان لندن السينمائي من ٢- ١٣ أكتوبر، وشهدت حضورا واسعا للمخرجين العرب، بأفلام لاقت اهتماما وقبولا واسعين.

 

السابق افتتاح أيام قرطاج السينمائية وسط أجواء مفعمة بالمشاعر
التالي المرشحة المثالية: دراما عائلية سعودية لهيفاء المنصور في لندن السينمائي