عرب لندن
يواجه حزب العمال البريطاني انقسامات داخلية متزايدة بشأن قضايا حساسة تتعلق بالموت الرحيم والإجهاض، في وقت يستعد فيه مجلس العموم للتصويت على مشروعين أثارا جدلًا واسعًا داخل البرلمان والرأي العام.
وحسب ما ذكرته صحيفة الإندبندت "Independent" أثارت النائبة العمالية كيم ليدبيتر انتقادات من زملائها بعد ترويجها لمقال في صحيفة الغارديان عن زوجين مسنين في أستراليا اختارا إنهاء حياتهما معًا بعد 70 عامًا من الزواج. المقال الذي نقلت عنه ليدبيتر وصف هذه النهاية بأنها "الفصل الأخير في قصة حب طويلة"، كان يهدف لدعم مشروع قانونها الخاص بمساعدة المصابين بأمراض عضال على إنهاء حياتهم طواعية.
لكن النائب العمالي بول ووف اعتبر أن المقال جاء بنتائج عكسية، محذرًا من أنه تسبب في تراجع دعم النواب للمشروع. وقال: "أشعر بالتعاطف مع العائلة، لكن هذه القصة توضح أسباب قلق النواب. لم يكن واضحًا أن أيًا من الزوجين مصاب بمرض عضال، ومع ذلك تم تنفيذ الموت الرحيم، رغم الحديث عن معايير صارمة."
وأكد ووف أنه صوّت ضد المشروع في قراءته الثانية، وسيفعل ذلك مجددًا، مستشهدًا بمقطع من المقال يشير إلى أن إصابة العمود الفقري لدى أحد الزوجين لم تكن تندرج ضمن الأمراض النهائية.
وردت ليدبيتر بأن المعايير القانونية في ولاية نيو ساوث ويلز الأسترالية واضحة، مضيفة أن التعديلات التي اقترحتها — ومنها نقل سلطة اتخاذ القرار من القاضي إلى لجنة من الخبراء — تهدف لتعزيز الحماية، لا تقليصها. غير أن المعارضين يرون أن هذا التغيير قد يفتح الباب أمام حالات الإكراه أو الخطأ.
وكان مشروع القانون قد حصل على أغلبية بفارق 55 صوتًا في القراءة الثانية في نوفمبر الماضي، لكن الدعم تراجع في مرحلة اللجنة، إذ يعتزم ما لا يقل عن 12 نائبًا تغيير موقفهم والتصويت ضده.
وفي حال إقراره في مجلس العموم، يواجه المشروع معارضة شرسة في مجلس اللوردات، لا سيما من شخصيات مثل البارونة تاني غراي-تومبسون، البطلة البارالمبية السابقة، التي تقود حملة لتعطيله.
ويتوازى هذا الجدل مع خلاف آخر داخل الحزب بشأن مقترحات لإلغاء تجريم الإجهاض بعد الأسبوع 28 من الحمل. التعديلات التي تقودها النائبتان العماليتان ستيلا كريسي وتونيا أنطونيازي أثارت تحذيرات من نواب في مجلس اللوردات يهددون بعرقلة مشروع قانون الجريمة والشرطة في حال تمريرها.
وكشف مصدر من داخل المجلس لصحيفة The Independent أن مجموعة عابرة للأحزاب تستعد لما وصفه بـ"لعبة شد وجذب تشريعية" بين المجلسين، مشيرًا إلى تحركات لتعديل المسؤوليات الجنائية وتحجيم توزيع حبوب الإجهاض المنزلية. وقال: "لأن هذه التعديلات لم تكن ضمن البيان الانتخابي، يمكننا منع تمرير القانون دون أن تتدخل الحكومة لتجاوز مجلس اللوردات."
وأظهر استطلاع أجرته مؤسسة Whitestone Insight لصالح مجموعة SPUC المؤيدة للحياة، أن غالبية البريطانيين يعارضون تقنين الإجهاض غير القانوني.
وأيد 62% استمرار تجريمه "لحماية الأجنة والنساء من الإكراه"، بينما عارض 17% فقط. كما وافق 64% على أن "الإجهاض مسألة حياة أو موت ويجب أن يُنظم بالقانون الجنائي"، مقابل 14% رفضوا ذلك.
وعلق مايكل روبنسون، المدير التنفيذي لـ SPUC، بأن النتائج "تُظهر وعيًا مجتمعيًا يفوق وعي من يروجون للإجهاض عند الطلب".
من جهة أخرى، حذرت منظمة BPAS، التي تدعم التعديلات المقترحة، من أن استمرار تجريم الإجهاض المتأخر يؤدي إلى انتهاكات لحقوق النساء. وأوضحت أن: "لكل امرأة تُحال إلى المحكمة، هناك عشرات أخريات يتعرضن لتحقيقات طويلة الأمد، تعرقل حصولهن على دعم نفسي، وتؤدي أحيانًا إلى فصل أطفالهن عنهن، رغم أن قضاياهن لا تصل للمحاكمة. النساء يستحقن معاملة أفضل."
وبين قانون "الموت الرحيم" المثير للانقسام، ومقترحات تعديل قانون الإجهاض التي تهدد بتعطيل أجندة الحكومة التشريعية، يجد البرلمان البريطاني نفسه أمام اختبار حقيقي للضمير السياسي والاجتماعي. وتبدو الأسابيع المقبلة حاسمة في تحديد مستقبل تشريعات تعتبرها أطراف كثيرة قضايا حياة وموت.