عرب لندن
في خطوة مثيرة للجدل، تستعد الحكومة البريطانية للكشف عن حزمة واسعة من التعديلات الجذرية في سياسات الهجرة، وُصفت بأنها الأشد منذ عقود، وتأتي استجابةً للضغوط السياسية والشعبية المتزايدة بشأن ارتفاع أعداد الوافدين إلى البلاد.
وتتضمن التعديلات المرتقبة التي سترد تفصيلًا في “الورقة البيضاء للهجرة” يوم الإثنين إلغاءً نهائيًا لتأشيرات العمل في قطاع الرعاية الاجتماعية للوافدين الجدد، وهي خطوة ستقلب موازين سوق العمل البريطاني، الذي كان يعتمد بشكل واسع على الأيدي العاملة الأجنبية في هذا القطاع الحيوي.
وستفرض الحكومة قيودًا جديدة تحد من منح تأشيرات العمل للوظائف التي تقل عن مستوى الخريجين، ما يعني تقليصًا مباشرًا في التأشيرات الممنوحة للعمال ذوي المهارات المتوسطة والمنخفضة، وسط تقديرات بخفض ما يقرب من 50 ألف تأشيرة سنويًا.
وصرّحت مصادر صحفية بأن وزارة الداخلية تعتزم تفعيل نظام تأشيرات إلكتروني شامل (e-Visas) يُمكّن من تتبّع إقامة الوافدين، والتأكد من مغادرتهم البلاد فور انتهاء صلاحية تأشيراتهم، كما سيُستخدم في عمليات التفتيش الميدانية وضبط المخالفين.
وتأتي هذه السياسات في وقت يواجه فيه رئيس الوزراء كير ستارمر تحديات سياسية داخلية، أبرزها تنامي التأييد لحزب الإصلاح اليميني الذي يتخذ من ملف الهجرة ركيزةً أساسية في حملاته. ويُعد هذا التوجه تحولًا واضحًا في خطاب حزب العمال الحاكم، الذي يتجه إلى نهج أكثر صرامة تجاه ملف الهجرة النظامية وغير النظامية.
وفي تصريحات سابقة، أشارت وزيرة الداخلية إيفيت كوبر إلى أن النظام الحالي "فشل في تحقيق التوازن بين احتياجات السوق والمصلحة الوطنية"، مؤكدة أن الإصلاحات الجديدة تهدف إلى "استعادة السيطرة" على نظام الهجرة وخفض أعداد المهاجرين إلى "مستويات يمكن إدارتها"، بعدما سجل صافي الهجرة السنوي رقمًا قياسيًا بلغ 906 ألف شخص في العام حتى يونيو 2023.
وبينما يُنتظر الإعلان الرسمي عن التعديلات غدًا، تثار تساؤلات عديدة حول مستقبل المهاجرين العاملين حاليًا في القطاعات المتأثرة، وحول مدى قدرة السوق المحلية على سد الفجوات التي ستخلفها هذه الإجراءات، خاصة في ظل أزمة سابقة في اليد العاملة بعد "بريكست".