عرب لندن
كشف تحقيق استقصائي نشرته صحيفة The Telegraph البريطانية عن أن العديد من المهاجرين غير النظاميين وطالبي اللجوء المقيمين في فنادق تمولها وزارة الداخلية البريطانية، يعملون بشكل غير قانوني في توصيل الطعام عبر تطبيقات مثل "ديليفرو"، "جست إيت"، و"أوبر إيتس"، لسداد ديون مهربي البشر الذين ساعدوهم في عبور القناة الإنجليزية.
ويتمكن هؤلاء المهاجرون من جني ما يصل إلى 500 جنيه إسترليني أسبوعيًا، على الرغم من منعهم من العمل بسبب وضعهم كمقدمي طلبات لجوء. ويقومون بإرسال الأموال إلى أسرهم في بلدانهم الأصلية لسداد القروض التي تم الحصول عليها لتمويل عبور القناة باستخدام قوارب صغيرة، عبر شبكات تهريب تعمل في تركيا وإيران وأفغانستان وشمالي فرنسا.
والتقت الصحيفة، مع مهربين يعملون من مدن مثل إسطنبول وكاليه ودنكيرك، الذين روجوا لبريطانيا باعتبارها الوجهة المثالية لطالبي اللجوء، مؤكدين أن العمل في الاقتصاد غير الرسمي سهل، وأن المهاجرين يمكنهم العثور على وظائف بسرعة، في حين يتم تأمين سكن مجاني لهم في فنادق الحكومة.
وقال أحد المهربين في إسطنبول: "الحياة في إنجلترا جيدة. الوصول إليها سهل جدًا، وكل ما تحتاجه هو هاتف ودراجة". وأضاف مهرب آخر في كاليه: "الشرطة ستأخذك إلى فندق، وستحصل على طعام ومسكن، وستتمكن من العمل بسهولة. كل ما تحتاجه هو هاتف ودراجة".
حسابات توصيل مستأجرة والعمل بدون أوراق رسمية
أظهر التحقيق أن المهاجرين يشاركون الدراجات العادية والكهربائية، وبعضها معدّل لتجاوز الحد القانوني للسرعة. كما كشف عن أن العديد منهم يعملون باستخدام حسابات توصيل مستأجرة من مهاجرين آخرين، مقابل 75 إلى 100 جنيه إسترليني أسبوعيًا.
وقال أحد المقيمين في فندق بلندن: "جميع من في الفندق تقريبًا يعملون في توصيل الطعام لسداد ديون عبور القناة". وأضاف آخر: "أدفع 70 جنيهاً أسبوعياً لاستئجار حساب توصيل، وأرسل حوالي 300 جنيه شهرياً إلى عائلتي في بلدي".
ضغوط نفسية بسبب الديون والإقامة في الفنادق
تحدث العديد من المهاجرين عن معاناتهم النفسية بسبب الديون التي تراكمت عليهم بسبب تكاليف عبور القناة. قال أحد المهاجرين الأفغان: "عائلتي اقترضت المال لأصل إلى هنا. لا أستطيع الجلوس في الفندق دون عمل، سأصاب بالجنون". وأضاف آخر أن بعضهم يشعر بالاكتئاب نتيجة الضغوط المالية والنفسية.
وأشار أحد المهاجرين الكرد إلى أنه يشعر بحالة من الانهيار النفسي، قائلاً: "أشعر بأنني على حافة الانتحار، لو كنت أعلم ما سيحدث هنا لما أتيت".
مخاطر مرورية وعدم معرفة القوانين البريطانية
رغم أن بعض سائقي التوصيل لديهم خبرة في قيادة الدراجات النارية، إلا أن الكثيرين يعانون من نقص في معرفة إشارات المرور، مما يعرضهم لمخاطر مرورية. وقال أحد المهاجرين: "لقد تم مطاردتي من قبل الشرطة، ولكنني هربت لأن دراجتي الكهربائية أسرع".
وبدورها أعلنت وزيرة أمن الحدود البريطانية، السيدة أنجيلا إيغل، عن خطة جديدة لمكافحة العمل غير القانوني، تشمل تشديد الفحوصات على العاملين في الاقتصاد المرن، وفرض غرامات تصل إلى 60 ألف جنيه على الشركات التي توظف عمالاً غير قانونيين.
من جانبها، أكدت شركات "ديليفرو"، "أوبر إيتس"، و"جست إيت" أنها تعمل على تعزيز إجراءات التحقق من وثائق العمل، كما بدأت بتنفيذ فحوصات بيومترية يومية للسائقين، وإغلاق الحسابات التي يتم استخدامها بشكل غير قانوني.
وقال متحدث باسم شركة "ستيوارت" إن الشركة تُجري فحوصات للتأكد من امتثال السائقين للقوانين، وإنها تغلق الحسابات التي يتم استخدامها لمشاركة غير مصرح بها.