وأكّد المختار أن ما أورده لا يُعدّ رأيًا قانونيًا نهائيًا نظرًا لغياب المعلومات الكاملة حول ملابسات الحادثة.
وفيما يلي ما ورد في ملاحظاته بخصوص القانون المذكور:
يتضمن القانون ثلاثة أقسام: الأول حول مكافحة الإرهاب، والثاني حول حماية الحدود، والثالث يختص بأحكام عامة. كما يضم أربعة ملاحق (Schedules): الأول حول الإشعارات والوثائق، والثاني حول الاحتفاظ بالمعلومات البيومترية، والثالث حول حماية الحدود، والرابع حول الأطفال.
يُشار إلى هذه الملاحق على أنها تعليمات مكافحة الإرهاب وحماية الحدود لعام 2019 (Counter-Terrorism and Border Security Regulations 2019).
سلطة الإيقاف والاستجواب والاحتجاز: 1(1) يجوز للضابط المسؤول عن التحقيق استجواب أي شخص بغرض تحديد ما إذا كان يبدو أنه متورط أو سبق أن تورط في نشاط عدائي، وذلك إذا توفرت الشرط 1 أو الشرط 2. (2) يُستوفى الشرط 1 إذا: (أ) كان الشخص موجودًا في ميناء أو في منطقة حدودية، و (ب) اعتقد الضابط أن وجوده مرتبط بـ: (1) دخوله إلى بريطانيا العظمى أو أيرلندا الشمالية أو مغادرته إياها، أو (2) سفره جوًا داخل بريطانيا العظمى أو أيرلندا الشمالية. (3) يُستوفى الشرط 2 إذا كان الشخص على متن سفينة أو طائرة وصلت إلى أي مكان في بريطانيا العظمى أو أيرلندا الشمالية، سواء من داخلها أو من خارجها.
ومن الواضح أن النص واسع جدًا، ويشمل أي شخص يصل إلى منفذ حدودي بريطاني برًّا أو بحرًا أو جوًّا، ويمنح ضابط الشرطة صلاحيات كاملة للتفتيش والاستجواب، بما في ذلك فحص الهواتف، وأجهزة الحاسوب، وسائر المتعلقات المحمولة، بل واحتجازها مؤقتًا.
ولا يمكن مقارنة هذه الصلاحيات بما يُعرف بـ(Stop & Search)، أي سلطة الشرطة في إيقاف أي شخص في أي مكان وسؤاله فقط عن اسمه، وماذا يفعل في ذلك الموقع، وإلى أين هو ذاهب. وهذه سلطة مقيدة كما هو موضح في التعليمات الرسمية:
Stop and question: police powers :A police officer might stop you and ask ? what your name ? what you’re doing in the area ? where you’re going
You do not have to stop or answer any questions. If you do not and there’s no other reason to suspect you, then this alone cannot be used as a reason to search or arrest you
الجميع يدرك أن السياسة البريطانية تميل لممالأة اللوبي الصهيوني، أو تقع تحت ضغطه أو تأثيره. كما أن الجميع يرى أن السياسة الحالية، بعد أن فشلت فشلًا ذريعًا في إيقاف الدعم الشعبي (وليس الفلسطيني أو العربي أو الإسلامي فقط، بل وحتى من داخل بريطانيا)، بدأت تلجأ إلى سياسات التخويف؛ فاستُدعي عدد من المتظاهرين إلى مراكز الشرطة للتحقيق معهم، مع التلميح بأنهم ربما يخالفون القانون بالقول أو الفعل.
هذه الاستدعاءات طالت أفرادًا عاديين لا تُعرف أسماؤهم، وكذلك شخصيات معروفة مثل النائب جيرمي كوربن، وعدد من قادة التظاهرات، وأخيرًا الناشطة رغد التكريتي التي تم استدعاؤها أول أمس.
كما يتذكر الجميع التصريحات الاستفزازية التي أطلقتها وزيرتا الداخلية البريطانيتان في بداية جرائم الإبادة الصهيونية ضد غزة، والتي ادعت أن رفع العلم الفلسطيني أو ترديد هتافات مثل "من البحر إلى النهر فلسطين حرة" يعتبر مخالفًا للقانون. خاف بعض الناس من تلك التصريحات في البداية، لكنهم اكتشفوا لاحقًا أنها كانت مجرد حملات تخويف إعلامي، إذ لم تكن أيٌّ من تلك الممارسات مخالفة للقانون، ولم تُتخذ أي إجراءات قضائية بشأنها.
يجب أن نكون واقعيين وأن نعرف أنفسنا، وخصوصًا نحن أبناء جيل المهاجرين. الجميع جاء من دول لا تحترم الإنسان ولا تحترم القانون، وكان من العار أن يُستدعى أحد إلى مركز شرطة (لأن هذه المراكز مخصصة للصوص والمجرمين). مراكز الشرطة في بلداننا لا تقدم أدنى درجات الاحترام، بل يُعامل فيها الإنسان بخشونة وعدم احترام، وغالبًا ما يُهان أو يُساء إليه دون مبرر.
وبالتالي، فإن هذه الخلفية تؤثر على فهمنا وتقديرنا لمعنى الاستدعاء أو الاحتجاز في المطارات. وهذا النمط من التفكير يجب أن يتوقف، والأهم أن لا ننقله إلى أبنائنا.
مسألة أخرى أثارها أحد الإخوة العرب، وهي أن بريطانيا تتبع النهج الأمريكي، حيث بدأت الولايات المتحدة مؤخرًا بإبعاد الأشخاص، وإلغاء إقاماتهم، واحتجازهم تعسفيًا.
وهذا – للأسف – من نتائج سياسة التخويف، إذ يبدأ الإنسان بتخيل أخطار غير موجودة، مما يزيد من قلقه، ويدفعه إلى الانكماش والابتعاد عن المشاركة.
وبخصوص هاتين النقطتين، أود التأكيد على ما يلي:
أولًا: تعامل الأجهزة الأمنية البريطانية، سواء مع الفلسطينيين أو غيرهم، يتم وفق تطبيق دقيق لأحكام القانون، حيث تُسجل جميع المقابلات بالصوت والصورة لضمان احترام حقوق الشخص، وتوثيق تصرفات الشرطة، وإثبات التزامهم بالقانون. هذا لا يصب في مصلحة الشخص فقط، بل يحمي الشرطة أيضًا من أي اتهامات.
ثانيًا: يجب أن نُدرك أننا في بريطانيا، ولسنا في الولايات المتحدة. بريطانيا دولة تحكمها سيادة القانون في كل الأوقات، وفي جميع القضايا. أما الولايات المتحدة، فدستورها يمنح رئيسها سلطات قريبة من سلطات رؤساء الجمهوريات العربية، وهذا المفهوم لا ينطبق إطلاقًا على بريطانيا. الملك في بريطانيا سلطاته شكلية تقريبًا، ورئيس الوزراء والحكومة لا يمكنهم تجاوز القانون، وإلا فإن القضاء البريطاني سيتدخل. وفي رأيي، لا يوجد قضاء في العالم يضاهي القضاء الإنجليزي في الاستقلال والحياد.
صحيح أن هناك إساءات وأخطاء وتجاوزات، لكنها قليلة ونادرة.
الخلاصة التي أود عرضها على أبناء الجالية العربية:
أي إجراء من قبل الشرطة يتم وفقًا لأحكام القانون.
الاستدعاء أو الاحتجاز في المطار لمدة لا تتجاوز أربع ساعات، قد يكون مبررًا أو لا، لكنه لا يُفترض أن يُقلق الشخص أكثر من اللازم، إذ لا يُسبب ضررًا، بل مجرد إزعاج وتأخير وتخويف نفسي. فالمعيار الحقيقي هو اتخاذ الإجراءات القضائية، وهذه نادرًا ما تتم إذا لم يكن هناك خرق فعلي للقانون.
من حق كل شخص التظاهر والتعبير عن رأيه بحرية، ما دام لا يخالف القانون.
يجب أن نثق بأننا كمواطنين بريطانيين محميون بالقانون، بغض النظر عن أصولنا أو آرائنا أو دياناتنا.
أشعر بالحزن عندما أرى عربيًا يحمل الجنسية البريطانية، ومع ذلك لا يُصدق أنه بريطاني يتمتع بنفس حقوق "سويلا برافرمان" أو "كير ستارمر".
علينا أن نكون أكثر تصميمًا وإصرارًا على أن حكومتنا، التي تُصرف من ضرائبنا، يجب أن تتوقف عن دعم جرائم الإبادة الصهيونية التي تُرتكب بحق أهلنا في فلسطين، حتى لو صمت العالم، بما في ذلك الدول العربية والإسلامية.