عرب لندن
منعت السلطات البريطانية الفيلسوف الفرنسي رينو كامو، المعروف بمواقفه المتشددة المناهضة للهجرة الجماعية، من دخول المملكة المتحدة، بعدما خلصت وزارة الداخلية إلى أن وجوده "لا يخدم الصالح العام".
وكان من المقرر أن يزور كامو، البالغ من العمر 78 عامًا، المملكة المتحدة في وقت لاحق من هذا الشهر للمشاركة في فعالية سياسية تتناول قضايا الهجرة، غير أن طلبه للحصول على تصريح السفر الإلكتروني (ETA) قوبل بالرفض.
وذكرت وزارة الداخلية في رسالة إلكترونية اطّلعت عليها صحيفة" التلغراف" Telegraph أن "وجود السيد كامو في المملكة المتحدة لا يُعتبر مفيدًا للصالح العام"، دون مزيد من التفاصيل.
وصرّح كامو، وهو روائي وناشط في مجال اللاعنف، للصحيفة قائلًا: "من بين جميع الحكومات الأوروبية المذنبة بالسماح بالهجرة غير المُقيّدة، تُعدّ الحكومة البريطانية من أكثرها ذنبًا. لا عجب أنها لا تريدني أن أتحدث".
وتُعدّ كتابات كامو، لا سيما نظريته المثيرة للجدل حول "الاستبدال العظيم" – والتي تزعم أن الهجرة الجماعية ستؤدي إلى "استبدال السكان الأصليين في أوروبا" – مصدر جدل واسع، وقد اتُّهم بترويج نظريات مؤامرة تغذي خطاب الكراهية.
وكان من المزمع أن يُلقي كامو خطابًا في مناسبة نظمها "حزب الوطن القومي" اليميني المناهض للهجرة، والذي يدعو إلى "إعادة هجرة" من لا يُظهرون اندماجًا فعّالًا في المجتمع البريطاني.
من جانبها، اعتبرت دار "فوبان بوكس"، الناشرة لأعمال كامو باللغة الإنجليزية، أن القرار يعكس تراجعًا مقلقًا في الحريات داخل المملكة المتحدة. وقالت في بيان: "منع رينو كامو من الدخول ليس إلا دليلاً إضافيًا على أن هذا البلد قد تخلّى عن أبسط مبادئ الديمقراطية الليبرالية".
وأضاف البيان: "كامو أحد أعظم الكُتّاب الأحياء، وسيُذكر اسمه طويلًا بعد رحيل الحكومات المتقلبة التي تسعى لإسكاته".
ويأتي هذا القرار في سياق تصاعد الجدل حول حدود حرية التعبير في بريطانيا، خاصةً فيما يتعلق بالقضايا المرتبطة بالهجرة وخطاب الكراهية، في أعقاب أعمال العنف التي شهدتها ساوثبورت في صيف 2024، والتي أرجعتها الحكومة جزئيًا إلى معلومات مضللة على الإنترنت.
وتعهدت الحكومة بمواجهة "المعتقدات الضارة والبغيضة"، في وقت يتعرض فيه جهاز الشرطة لانتقادات بشأن ملاحقته لما يُعرف بـ"حوادث الكراهية غير الجنائية"، كما حدث في حالة الكاتبة أليسون بيرسون بعد استجوابها من شرطة إسيكس بشأن منشور على منصة X.
وتعزز الجدل مؤخرًا بعد سجن مربية الأطفال لوسي كونولي في أكتوبر 2024 لمدة 31 شهرًا، إثر إدانتها بالتحريض على الكراهية العنصرية في منشور عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وكان كامو قد اتهم العام الماضي شركة أمازون بممارسة "رقابة رقمية" بعد أن حُظر كتابه "الاستبدال العظيم" عبر منصة "كيندل"، قبل أن تتراجع الشركة وتعيد نشره بعد تدخل محاميه، مبررةً الحظر بخطأ تقني ناتج عن مراجعة آلية.