عرب لندن 

كشف مهاجر ألباني دخل المملكة المتحدة بطريقة غير قانونية أن ظروفه أصبحت "لا تُحتمل" بعدما اضطر للعمل في مزرعة للقنب.

غزيم، الذي فضّل عدم الكشف عن هويته، كان واحدًا من أكثر من 12,600 ألباني عبروا إلى بريطانيا على متن قوارب صغيرة عام 2022، وهو العام الذي شهد ذروة الهجرة عبر القناة الإنجليزية. لكن بحلول عام 2023، تراجع هذا العدد إلى 616 شخصًا فقط، بفضل حملة مشتركة بين الحكومتين البريطانية والألبانية لمكافحة الهجرة غير الشرعية.

وحسب ما ذكرته صحيفة التليغراف "Telegraph" يحكي غزيم قصته لتحذير الآخرين، تزامنًا مع حملة إعلامية أطلقتها الحكومة البريطانية على وسائل التواصل الاجتماعي لاستهداف الألبان الذين يفكرون في دخول البلاد بطريقة غير قانونية.

يقول غزيم إنه وجد مهرّبًا عبر تطبيق تيك توك، حيث رتّب له هذا الوسيط رحلة إلى إنجلترا. بدأ رحلته بالحافلة عبر فرنسا حتى وصل إلى دنكرك، ومن هناك استقل قاربًا نحو دوفر. تكفّل أقاربه المقيمون في المملكة المتحدة بدفع 3,500 جنيه إسترليني للمهرب مقابل عبوره القناة.

عند وصوله، تم إيواؤه في فندق، لكنه تمكن من المغادرة دون أن يُلاحظه أحد، ليبدأ العمل في مزرعة للقنب. عن تجربته، يقول: “كنت أحلم بحياة أفضل لأساعد عائلتي، مثل كثيرين خاضوا هذه الرحلة. كنت مدركًا للمخاطر، لكنني كنت آمل أن أكون من المحظوظين.”

لكن الأمور ساءت، حيث تعرضت المزرعة التي كان يعمل فيها للسرقة، ما أدى إلى عدم حصوله على أي أجر. لاحقًا، انتقل للعمل في قطاع البناء، لكنه أُجبر على القبول بأجر منخفض لم يكن كافيًا لتغطية نفقاته أو دعم أسرته في ألبانيا.

وبعد خمسة أشهر فقط، وجد أن الوضع أصبح "لا يُحتمل" وقرر العودة إلى بلاده. ويضيف: “حلمت بشيء آخر، كنت آمل أن أنجح. لا أحد يريد مغادرة وطنه أو الابتعاد عن أهله وأصدقائه. لكن في ألبانيا، إنها حرب من أجل البقاء، ولم يكن لدي خيار آخر.”

في إطار جهودها للحد من الهجرة غير النظامية، أطلقت الحكومة البريطانية حملة على وسائل التواصل الاجتماعي لتسليط الضوء على قصص المهاجرين الذين انتهى بهم الأمر إلى الديون والاستغلال. وكانت هذه الاستراتيجية قد بدأت في عام 2023 خلال حكم حزب المحافظين، بعد توقيع اتفاق تعاون مع ألبانيا للحد من تدفق المهاجرين.

ورغم أن أعداد القادمين عبر القوارب كانت قد بدأت في الانخفاض قبل توقيع الاتفاق، فإن الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة أرجعت ذلك إلى عوامل عدة، منها الإجراءات الأمنية، وعمليات الترحيل، وتراجع الطلب على الهجرة إلى المملكة المتحدة، إضافة إلى لجوء المهربين إلى أساليب أخرى لنقل المهاجرين.

وفي عام 2023، تم ترحيل أكثر من 2,600 شخص إلى ألبانيا، وهو العدد الأكبر مقارنة بأي جنسية أخرى.

يقدّر خبراء أن 40% من المهاجرين الألبان يغادرون بلادهم بحثًا عن فرص اقتصادية، وفقًا لما قاله أندي هوكساي، خبير شؤون البلقان، أمام لجنة برلمانية بريطانية عام 2022.

وفي السياق ذاته، أشار لافدريم كراشي، النائب في الحزب الاشتراكي الحاكم في ألبانيا، إلى أن البعض يتم استدراجهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي بوعود كاذبة عن حياة أفضل في بريطانيا.

وقال لهيئة الإذاعة البريطانية (BBC): "تم الترويج لفكرة أن الشباب يمكنهم الذهاب إلى المملكة المتحدة، وأنهم بمجرد وصولهم لن يواجهوا أي مشاكل مالية لأن 'المال ينمو على الأشجار'، لكننا نعلم أن هذا ليس صحيحًا."

وأضاف: "عدد المهاجرين غير القانونيين انخفض بشكل كبير في السنوات الأخيرة، لكن لا يزال هناك المزيد من العمل الذي يجب القيام به. ليس من مصلحتنا أن نخسر شبابنا، بل نريدهم أن يزدهروا في الاقتصاد الألباني."

رغم انخفاض أعداد المهاجرين، لا تزال هناك مخاوف بشأن تهريب الألبان إلى المملكة المتحدة، حيث يُعدّون من بين أكثر الجنسيات التي يُشتبه بتعرضها للاستغلال والعبودية الحديثة، وفقًا للآلية الوطنية للإحالة في بريطانيا.

وأكدت جوريدا تاباكو، النائبة المعارضة من الحزب الديمقراطي، أن الكثيرين يواجهون واقعًا مختلفًا تمامًا عند وصولهم إلى المملكة المتحدة. وقالت: "يدفع العديد من المهاجرين مبالغ طائلة للوصول إلى هناك، بينما يترك الكثيرون أسرهم خلفهم بسبب البطالة."

في محاولة لمعالجة الأسباب الجذرية للهجرة، استثمرت السفارة البريطانية 6 ملايين جنيه إسترليني في مشروع "آفاق جديدة"، الذي يهدف إلى توفير فرص عمل ودعم رواد الأعمال في شمال ألبانيا.

وأشار فاسيل تشورني، قائد المشروع، إلى أن "الجماعات الإجرامية تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي لاستدراج الأشخاص إلى شبكات التهريب، لذا فإن تغيير السردية وتعزيز صورة إيجابية للحياة داخل ألبانيا أمر بالغ الأهمية."

أما ألبرت حليلاج، عمدة مدينة كوكِس الألبانية، فقال: "عدد المهاجرين الذين يغادرون البلاد في تراجع. شباب كوكِس لم يعودوا يتطلعون للهجرة." وأضاف: "نحن نركز بالكامل على السياحة كوسيلة للنمو الاقتصادي، وأدعو جميع المهاجرين للعودة، فسيجدون الدعم لاستثماراتهم في مختلف المجالات."

عززت ألبانيا والمملكة المتحدة تعاونهما في مكافحة تهريب البشر، حيث نُشرت قوات أمنية ألبانية في المملكة المتحدة، خاصة في دوفر، لدعم السلطات البريطانية، وفقًا لرئيس شرطة الحدود والهجرة الألبانية سايمير بوشنياكو.

كما تم تركيب شبكة من الكاميرات الممولة بريطانيًا على الحدود بين ألبانيا وكوسوفو، لمكافحة الهجرة غير الشرعية والعصابات الإجرامية. وتشمل هذه المعدات طائرات مسيرة وكاميرات للتعرف على لوحات السيارات البريطانية التي يستخدمها المهربون لتفادي كشفهم.

من جانبه، قال وزير شؤون أوروبا ستيفن دوتي: "من خلال العمل المباشر مع المجتمعات الألبانية، نثني الناس عن القيام بهذه الرحلات الخطرة إلى المملكة المتحدة." وأضاف: "إلى جانب تعزيز ضوابط الحدود واتخاذ إجراءات صارمة ضد عصابات التهريب، تركز الحكومة على هذه التحديات الدولية ضمن خطتها للتغيير."


 


 

السابق بريطانيا تحث إسرائيل على إعادة الكهرباء إلى غزة وتحذر من انتهاك القانون الدولي
التالي فيديو: بريطانيا في دقيقة: متسلل سوداني يتسبب بغرامة لزوجين بريطانيين