عرب لندن
في خطوة مثيرة للجدل، تستعد حكومة حزب العمال لتمرير قانون جديد يمنح الشرطة حق الوصول إلى بيانات نحو 50 مليون سائق مسجل لدى هيئة ترخيص السائقين والمركبات (DVLA).
وبموجب قانون الجريمة والشرطة، ستتمكن أجهزة إنفاذ القانون من الاطلاع على بيانات السائقين، والتي تشمل الأسماء والعناوين تواريخ الميلاد، الصور، المخالفات، الإدانات الجنائية، والمعلومات الطبية ذات الصلة بالقيادة.
وفي الوقت الحالي، يسمح للشرطة بالوصول إلى هذه البيانات فقط عند التحقيق في مخالفات المرور، لكن التشريع الجديد سيمدد نطاق استخدامها ليشمل جميع الجرائم، بهدف تسهيل التحقيقات الجنائية وملاحقة المشتبه بهم.
وأثار القرار مخاوف المدافعين عن الخصوصية، الذين يرون أن القانون قد يفتح الباب أمام استخدام صور السائقين في أنظمة التعرف على الوجه، ما يمكن الشرطة من مقارنة صور اللصوص والمجرمين الملتقطة بالكاميرات مع قاعدة بيانات السائقين، وفقا "للتلغراف".
وقالت مادلين ستون، كبيرة مسؤولي الحملات في منظمة "Big Brother Watch" الحقوقية: “من المقلق أن نرى الحكومة تعيد إحياء مقترحات المحافظين السابقة، التي تهدد بشدة حقوق الخصوصية، ومنح الشرطة وصولاً كاملاً إلى صور رخص القيادة. هذا قد يؤدي إلى إنشاء قاعدة بيانات ضخمة للتعرف على الوجه، مما يسمح بتحديد وتتبع أي شخص لديه رخصة قيادة بمجرد ضغطة زر. ليس هذا فقط انتهاكًا غير مسبوق للخصوصية، بل يعرض الأبرياء لخطر التعرف الخاطئ والظلم القضائي.”
في المقابل، نفت وزارة الداخلية هذه المزاعم، مؤكدة أن القانون لن يسمح بمشاركة صور رخص القيادة مع الشرطة، وأنه لا علاقة له بتوسيع استخدام تقنيات التعرف على الوجوه.
وقال متحدث باسم الوزارة: “القانون مصمم فقط لتحسين قدرة الشرطة على حل الجرائم، وليس لإنشاء قاعدة بيانات للتعرف على الوجه.”
وضربت الداخلية مثالًا على أهمية هذه التعديلات، مشيرة إلى أن الشرطة وقوات حرس الحدود سيتمكنون من الوصول إلى بيانات المركبات والسائقين المشتبه بهم في عمليات تهريب البشر عبر الموانئ، ما يتيح سرعة تحديد الأشخاص المتورطين.
ورغم التطمينات الحكومية، فإن نص مشروع القانون لا يحدد بوضوح كيفية استخدام بيانات السائقين من قبل أجهزة إنفاذ القانون. بل يمنح وزير الداخلية سلطة إصدار اللوائح التنظيمية التي ستحدد شروط الوصول إلى البيانات ونوع المعلومات التي سيتم مشاركتها، وهي لوائح لم تُنشر بعد.
وبحسب بعض المعارضين، فإن هذا يخلق ثغرات قانونية قد تؤدي إلى منح الشرطة سلطة مطلقة في الاطلاع على بيانات المواطنين دون رقابة واضحة.
ويشبه هذا القانون إلى حد كبير مقترحًا قدمه المحافظون العام الماضي ضمن مشروع قانون العدالة الجنائية، إلا أنه فشل في المرور بسبب حل البرلمان استعدادًا للانتخابات التي دعا إليها رئيس الوزراء آنذاك ريشي سوناك.
وكان كريس فيليب، وزير الشرطة في حكومة المحافظين حينها، قد دافع عن توسيع صلاحيات الشرطة للوصول إلى قاعدة بيانات (DVLA)، مشيرًا إلى أن ذلك سيمكن الضباط من استخدام التعرف على الوجه بأثر رجعي لتحديد المشتبه بهم في جرائم خطيرة، مثل الاغتصاب والاعتداءات الجنسية، الذين لم يكونوا مسجلين مسبقًا في قواعد بيانات الشرطة.
وقد استخدمت الشرطة البريطانية بالفعل تقنية التعرف على الوجه في تحقيقاتها، حيث تمكنت شرطة العاصمة من إلقاء القبض على 540 مشتبهًا في جرائم تتراوح بين السرقة والاغتصاب من خلال تقنيات المراقبة الحية.
ومع ذلك، فإن هذا النهج أثار انتقادات واسعة، وواجه عدة تحديات قانونية بدعوى انتهاك الخصوصية وغياب الشفافية في استخدام التقنية.