عرب لندن
كشفت لجنة الحسابات العامة في البرلمان البريطاني عن وجود "ثقافة مختلة" داخل وزارة الداخلية أدت إلى تكرار الأخطاء وإهدار ما يقرب من 100 مليون جنيه إسترليني من الأموال العامة، بسبب قرارات متسرعة وضعف في الرقابة الداخلية.
وأصدرت اللجنة تقريرًا أكدت فيه أن الوزارة أظهرت "نهجًا مثيرًا للقلق" في إنفاق المال العام، وذلك بعد مراجعة صفقة شراء موقع سجن "نورث آي" السابق في منطقة بيكسهيل أون سي بمقاطعة إيست ساسكس، الذي كلف الحكومة 15.4 مليون جنيه إسترليني ليكون مركزًا لاستقبال طالبي اللجوء، بحسب "الغارديان".
وأكد التقرير أن كبار الموظفين الحكوميين تجاهلوا نصائح الخبراء أثناء عملية الشراء، وتجاوزوا الإجراءات المعتمدة لحماية المال العام.
وأيدت مجموعة وزارية صغيرة، ضمت وزراء محافظين بارزين مثل روبرت جينريك وأوليفر دودن، خطة الاستحواذ المتسرعة على الموقع، رغم احتوائه على مادة الأسبستوس الخطرة، ما رفع كلفة تأهيله بشكل كبير.
وأنفقت وزارة الداخلية أيضًا 34 مليون جنيه إسترليني على البارجة "بيبي ستوكهولم"، التي غادرت ميناء بورتلاند الأسبوع الماضي بعد أن استقبلت عددًا أقل من طالبي اللجوء مما كان متوقعًا.
كما أهدرت الحكومة 60 مليون جنيه إسترليني على مشروع إسكان مهاجرين في قاعدة "آر إيه إف سكانبتون"، والذي تم إلغاؤه قبل افتتاحه، إضافة إلى 2.9 مليون جنيه إسترليني على موقع آخر ملغى في "لينتون أون أوز"، بمقاطعة شمال يوركشاير.
من جانبه، أكد النائب المحافظ ورئيس اللجنة، السير جيفري كليفتون-براون، أن موقع "نورث آي" لم يكن سوى أحد المشاريع الفاشلة التي أهدرت فيها وزارة الداخلية قرابة 100 مليون جنيه إسترليني من أموال دافعي الضرائب.
وانتقد التقرير تجاوز وزارة الداخلية للضوابط المالية التي وضعتها وزارة الخزانة، مشيرًا إلى أن هذه القواعد "يجب الالتزام بها إلا في حالات استثنائية"، وأن هذا الملف يوضح بجلاء أهمية تلك الضوابط لحماية المال العام.
ودفعت حكومة ريشي سوناك 15.4 مليون جنيه إسترليني مقابل شراء موقع السجن المهجور، بعد أن باعته وزارة العدل للمالكين السابقين بمبلغ 6 ملايين جنيه فقط قبل عام واحد.
وقررت الحكومة حينها التخلي عن بعض الإجراءات المعتادة من أجل تسريع عملية الاستحواذ، ما أدى إلى ارتفاع التكاليف.
وكشف تقرير صادر عن مكتب التدقيق الوطني في نوفمبر الماضي أن الموقع يعاني من تلوث أرضي، واحتواء المباني على الأسبستوس، ومخاطر فيضانات، ومشكلات في شبكات المرافق الأساسية، ما قد يكلف الحكومة أكثر من 20 مليون جنيه إسترليني لإصلاحها.
وأعلن سوناك في ديسمبر 2022 عن خطط لإنهاء استخدام الفنادق لإيواء طالبي اللجوء، وفي الشهر السابق أنشأت الحكومة مجموعة وزارية مصغرة لتسريع تنفيذ مشاريع الإسكان في مواقع عسكرية سابقة مثل "ويذرزفيلد" و"سكانبتون"، إلى جانب بارجة "بيبي ستوكهولم" وموقع "نورث آي".
وزار الوزير جينريك موقع "نورث آي" في نوفمبر 2022، ثم قاد عملية الاستحواذ حتى أكملت وزارة الداخلية شراءه في مارس 2023.
وتجاهلت الوزارة حينها الحاجة إلى تقديم "دراسة جدوى شاملة" لإثبات جدوى الشراء، وهو شرط أساسي لموافقة وزارة الخزانة، كما لم تجرِ تقييمًا رسميًا لقيمة العقار.
ورصدت لجنة الحسابات العامة أكثر من 1000 خطأ ارتكبته الوزارة في مشاريع الإسكان، لكنها أعربت عن شكوكها في قدرة وزارة الداخلية على الاستفادة من هذه الدروس لمنع إهدار المال العام مستقبلًا.
وأوصى التقرير الوزارة بوضع خطة واضحة لخفض الإنفاق على دعم طالبي اللجوء، وتحديد آلية عادلة لتوزيع اللاجئين بين المجالس المحلية، وتوضيح الجدول الزمني لخفض أعداد المهاجرين الذين يعبرون القنال الإنجليزي.
ردًا على التقرير، صرّح متحدث باسم وزارة الداخلية بأن "المحتوى الوارد في التقرير يتعلق بقرارات الحكومة السابقة"، مؤكدًا أن الحكومة الحالية قررت عدم المضي قدمًا في مشروع "نورث آي" لضمان تحقيق أفضل قيمة للمال العام.