عرب لندن
كشفت صحيفة "الغارديان" Guardian حصريًا عن توقف الحكومة البريطانية عن عدد من المشاريع التجريبية المتعلقة باستخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين نظام الرعاية الاجتماعية. ويأتي ذلك في وقت حرج بالنسبة لحكومة كير ستارمر التي تسعى لتحسين كفاءة الخدمات العامة عبر التكنولوجيا الحديثة، حيث تم إلغاء أو تعليق ما لا يقل عن نصف المبادرات.
وتستهدف المشاريع التي تم تعليقها تحسين تدريب الموظفين في مراكز العمل، تسريع مدفوعات إعانات الإعاقة، وتحديث الأنظمة الاتصالية داخل وزارة العمل والمعاشات. وعلى الرغم من الآمال الكبيرة التي كانت تضعها الحكومة على الذكاء الاصطناعي لتحسين هذه الخدمات، إلا أن التحديات التقنية كانت أكبر من المتوقع، ما أدى إلى تراجع المسؤولين عن استمرارها.
ووفقًا لمستندات طلبات حرية المعلومات، أقر المسؤولون الداخليون بوجود "إحباطات" و"بدايات خاطئة" في تطبيق هذه المشاريع، ما يعكس الصعوبات التي تواجهها الحكومة في تكييف الأنظمة الحديثة مع احتياجات النظام الاجتماعي المعقدة.
وكان من بين المشاريع التي تم إلغاؤها مشروع "A-cubed" الذي كان يهدف إلى توجيه الباحثين عن عمل إلى الوظائف المتاحة، بالإضافة إلى "Aigent" الذي كان مخصصًا لتسريع مدفوعات الاستقلال الشخصي للأشخاص ذوي الإعاقة. ورغم كونها جزءًا من تجارب أولية غير متوقعة أن تستمر، إلا أن إلغاء هذه المشاريع يطرح تساؤلات حول جاهزية هذه الأنظمة للاستخدام الشامل.
وفي وقت سابق، سلطت وزارة العمل والمعاشات الضوء على هذه المشاريع كأمثلة على تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي يتم اختبارها كجزء من رؤية أوسع لتوظيف هذه التكنولوجيا في الخدمات الحكومية. لكن العوائق التقنية لا تزال قائمة، مما دفع المسؤولين إلى الاعتراف بعدم جاهزية الأنظمة للاستخدام الموسع.
ورغم هذه الإخفاقات، لا تزال الحكومة البريطانية متمسكة بتعهدها باستخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين الخدمات العامة. حيث أعلن رئيس الوزراء هذا الشهر عن أهمية هذه التقنية في "تحويل خدماتنا العامة"، مؤكدًا أن الذكاء الاصطناعي سيكون أداة رئيسية في إصلاح القطاع العام وزيادة الإنتاجية.
ومن جانبه، أكد بيتر كايل، وزير الدولة للعلوم والابتكار، أن وزارته تعمل على تسريع استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين فعالية خطط الحكومة وتحقيق النمو، مشيرًا إلى أن التجارب الأولية ليست فاشلة بل تشكل جزءًا من عملية اختبار مستمرة يمكن أن تؤدي إلى نتائج أفضل في المستقبل.
وفي الوقت ذاته، أثيرت العديد من الأسئلة حول شفافية الحكومة في استخدام الذكاء الاصطناعي في القطاع العام. وقالت إيموجين باركر، المديرة المساعدة في معهد آدا لوفليس المتخصص في الذكاء الاصطناعي والبيانات: "المشاريع غير الناجحة لا تشكل بالضرورة مصدر قلق كبير، لكن تكرار الأخطاء يثير تساؤلات حول مدى استعداد الحكومة لمواجهة تحديات الذكاء الاصطناعي في القطاع العام."
وتجدر الإشارة إلى أن الحكومة لم تكشف بعد عن التفاصيل الخاصة بالذكاء الاصطناعي المستخدم في نظام الرعاية الاجتماعية، وهو ما يعزز من دعوات الخبراء إلى ضرورة تحقيق مزيد من الشفافية حول هذه المشاريع.
ومع استمرار هذه التجارب والإخفاقات المبدئية، يظل الطريق نحو دمج الذكاء الاصطناعي في نظام الرعاية الاجتماعية في المملكة المتحدة مليئًا بالتحديات. وبينما تؤكد الحكومة التزامها بتطوير هذه الأنظمة، فإنها في الوقت نفسه تدرك ضرورة تحسين اختباراتها قبل الانتقال إلى مرحلة التنفيذ الشامل.
وأكدت الحكومة أن مشاريع "إثبات المفهوم" هي تجارب قصيرة المدى تهدف إلى استكشاف التقنيات الحديثة واختبار نماذج أولية، وتعلم منها لتحسين الأداء في المستقبل.