عرب لندن
منذ أعلن وزير الخزانة جيريمي هانت، يوم الأربعاء الماضي، في بيان الموازنة أمام البرلمان إلغاء الإعفاء الضريبي للمقيمين في بريطانيا المسجلين ضريبياً في الخارج (Non Domicile)، والغضب يتصاعد في أوساط الأثرياء من رجال الأعمال الذين اختاروا الإقامة في البلاد، ويهدد أغلبهم بمغادرة بريطانيا إلى أماكن أخرى أكثر تسهيلاً في ما يتعلق بالنظام الضريبي.
فبحسب بيان الموازنة، وتوضيح وزارة الخزانة على موقعها في اليوم التالي، يبدأ إلغاء نظام الإعفاء الضريبي الحالي الذي يعفي عائدات وأرباح هؤلاء من الضرائب في أبريل (نيسان) 2025، وسيكون لدى المستفيدين منه فترة خفض ضرائبية لمدة عام، أي السنة المالية 2025 - 2026، بنسبة 50 في المئة.
أما كل من يأتي إلى بريطانيا منذ ذلك التاريخ، فسيكون لديه فترة إعفاء مدة أربعة أعوام على أي دخل أو أرباح من الخارج، وبعدها يدفع ضرائب على أية ثروة له مصدرها الخارج، طبقاً لشرائح ضرائب الدخل والأرباح التي يخضع لها المواطنون والمقيمون في بريطانيا.
وتقول حكومة حزب المحافظين إن القرار سيشجع الأجانب على استثمار أموالهم في بريطانيا، لكن رد الفعل على القرار جاء عكسياً مع توجه أغلب الأثرياء لترك بريطانيا إلى أماكن أخرى في أوروبا أو في منطقة الخليج.
وهدف وزير الخزانة هو توفير قيمة 2.7 مليار جنيه استرليني (3.4 مليار دولار) سنوياً بدءاً من السنة المالية 2028 - 2029 تحصلها الخزانة العامة نتيجة إلغاء الإعفاء الضريبي، لكنه في الواقع قد يحرم الخزانة من 8.5 مليار جنيه استرليني (10.8 مليار دولار) تحصل من هؤلاء المقيمين المسجلين ضريبياً في الخارج بالفعل حالياً في ظل الإعفاء.
فمنذ بيان الموازنة ومستشارو الاستثمار في وضع حرج مع استفسارات أثرياء ورجال أعمال أجانب، وحتى موظفين كبارا في قطاعات المصارف والبترول وغيرها عن مغادرة بريطانيا والانتقال إلى أماكن أخرى.
وفي تحقيق لصحيفة "فاينانشيال تايمز" يقول المدير في شركة الاستشارات القانونية "بيرغس سالمون" إدوارد هايز: "لم يتوقف الهاتف عن الرنين، وامتلأ صندوق الوارد في بريدي الإلكتروني. هناك خيبة أمل هائلة لدى كثير من العملاء الذين يشعرون انهم أتوا إلى بريطانيا بحسن نية بينما تتغير القواعد والقوانين فجأة في منتصف الطريق".
ومن بين العوامل الأكثر دفعاً للأثرياء الأجانب لمغادرة بريطانيا، إلغاء الحكومة لإجراء كان مستخدماً يسهل أن يضع هؤلاء الأثرياء ورجال الأعمال عائداتهم وأرباحهم التي يجنونها خارج بريطانيا في صناديق مغلقة، قبل أن يفقدوا الإعفاء الضريبي.
يقول مستشار الضرائب للمسجلين في الخارج ضريبيا مارك دافيز إن زبائنه في حال غضب عارم، ويضيف "طلب مني بعضهم إعداد قائمة بالأماكن البديلة الأكثر مناسبة" للانتقال إليها.
ويصف رجل أعمال أوروبي يقيم في بريطانيا منذ أكثر من 10 سنوات، ومسجل في الخارج ضريبياً، قرار الحكومة بإلغاء الإعفاء الضريبي بأنه "جنون تام"، ويضيف أنه "لم يتوقع أحد ذلك من المحافظين. سنترك لندن وننتقل إلى سويسرا". ويقول الثري الأوروبي، "الجواب واضح من عنوانه. الناس ستهرب من بريطانيا، منذ ’بريكست‘ فتحت البنوك مكاتب لها في كل أنحاء أوروبا فلم يعد الانتقال من لندن وتركها أمراً صعباً كما كان قبل 10 سنوات. ذلك هو ما حسبه وزير الخزانة بشكل خاطئ".