"مشهد تاريخي" ترسمه مسيرة لندن الكبرى في يوم التضامن العالمي مع فلسطين
حازم المنجد-عرب لندن
بينما تغرق غزة في بحر دمائها، وتتحول أجساد الآلاف من أطفالها وسكانها إلى مجرد أشلاء وأرقام تحت أنقاض وركام منازلها، و وسط استمرار المعاناة الإنسانية بفعل القصف والقتل وقساوة الحصار الصهيوني الذي قل نظيره في التاريخ القديم والمعاصر على حد سواء، لم يخيب الشارع البريطاني آمال الشعب الفلسطيني في مناصرته بالخروج للتظاهر في اليوم العالمي للتضامن مع فلسطين، حيث تدفق مئات الآلاف إلى شوارع العاصمة لندن يوم السبت في المسيرة الوطنية التاسعة منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، قادمين من مختلف مناطق ومدن المملكة المتحدة مثل مانشستر و ليفربول وبرمنغهام وبرايتون وليدز ومن أقصى شمال اسكتلندا وإيرلندا، مثلوا طيف شعبي متنوع من مختلف الأعمار والثقافات والتيارات السياسية والنقابات العمالية والمنظمات المدنية داخل المجتمع البريطاني، ناهزت أعدادهم قرابة 300 ألف متظاهر.
وقد انطلقت حشود المتظاهرين من حديقة الهايد بارك الشهيرة في سلاسل ومد بشري جارف ، جاب شوارع وطرقات متعددة قبل الوصول إلى محيط السفارة الإسرائيلية في منطقة كنسينغتون، في مشهد تاريخي تضامني فريد سيبقى محفورا في ذاكرة الأجيال وضمير الشعوب الحرة لزمن طويل ، مع وجود دلالة رمزية كبيرة للمكان الذي استقرت عنده المسيرة، عكست مدى حجم التأييد الذي تحظى به القضية الفلسطينية بوصفها قضية عادلة ومحقة لدى غالبية ساحقة في الرأي العام البريطاني من جهة، وبرهنت على اتساع السخط الشعبي الرافض لجرائم الحرب التي تقترفها دولة الاحتلال على مدار 140 يوم من جهة أخرى.
وقد رفع المتظاهرون لافتات وصدحت أصواتهم بشعارات مناصرة لفلسطين و مناوئة لإسرائيل، من قبيل، " أوقفوا الإبادة الجماعية وإطلاق النار فورا، كفى قتلا للأطفال والأطباء والصحفيين، لا لقصف المستشفيات والمدارس والمساجد والكنائس، فكوا الحصار و افتحوا المعابر وادخلوا المساعدات الإنسانية بشكل عاجل، قاطعوا البضائع والمنتجات الإسرائيلية، نعم لإنهاء الاحتلال ونظام الفصل العنصري ، الحرية لفلسطين من النهر إلى البحر".
كما طالب المتظاهرون الحكومة البريطانية بالعدول عن مواقفها المتعنت و المتواطئ مع جرائم حكومة نتنياهو المتطرفة، والكف عن تصدير الأسلحة والمعدات العسكرية المتطورة التي تستخدمها آلة القتل الإسرائيلية في إراقة دماء المدنيين الأبرياء وتدمر منازلهم وممتلكاتهم بلا هوادة و دون رحمة ولا مراعاة لأي حقوق ومبادئ وقيم إنسانية، ولا تقيم وزن لأي قوانين وأعراف دولية ،وتستهدف جميع مرافق الحياة والبنى التحتية للقطاع بشكلٍ ممنهج و متعمد.
من جانبها ، أكدت الشخصيات السياسية والنقابية والحقوقية خلال كلماتهم التضامنية في المسيرة، على أهمية استمرار الحراك والمظاهرات على كافة الأصعدة والمستويات والقطاعات المجتمعية داخل المملكة المتحدة، بهدف إبقاء حكومة سوناك تحت الضغط الشعبي، مشددين في الوقت ذاته على ضرورة أن يترجم هذا الزخم وحراك الشارع غير المسبوق في المشهد العام والساحة البريطانية إلى خطوات وإجراءات عملية تفضي لتغيير حقيقي ومؤثر في سياسات النخبة والطبقة السياسية في البلاد لصالح القضية الفلسطينية، وذلك في عبر التصويت والمشاركة بكثافة في أعتاب عام انتخابي حاسم ومصيري، ومن أجل معاقبة النواب الذين رفضوا المطالبة بوقف إطلاق النار في غزة.
يذكر أن البرلمان البريطاني سيشهد يوم الأربعاء القادم، انعقاد جلسة هامة للتصويت على مشروع قرار يلزم الحكومة البريطانية بالدعوة لوقف إطلاق النار والعمليات العسكرية، بعدما وقع ملايين البريطانيين على عريضة تطالب حكومتهم بذلك، حيث تجدر الإشارة إلى أن 66٪ من الشعب البريطاني وفقًا لأحدث استطلاعات الرأي ، يؤيدون وقف فوري للحرب وإطلاق النار ،وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، ويحثون وزير الخارجية ديفيد كاميرون على الالتزام بتعهداته في هذا السياق.