اختتمت اليوم الأحد فعاليات النسخة الخامسة من مهرجان شباك الذي يعد أكبر مهرجان للثقافة العربية المعاصرة في لندن، ويقدّم للجمهور اللندني فنانين معروفين ووجوها جديدة في الثقافة العربية، ويعد جسرا للتواصل الثقافي بين المملكة المتحدة وفنانين من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وعقب برنامج حافل بالفعاليات والأحداث الثقافية والفنية العربية المعاصرة، اسدل الستار على النسخة الخامسة من المهرجان الذي قدم واقع الثقافة العربية المعاصرة بمشاركة فنانين من مختلف أقطار العالم العربي.
حلقة اتصال بين الشرق والغرب
وشارك في المهرجان الذي ضم فعاليات من الفنون البصرية والأفلام والعروض المسرحية والعروض الراقصة والأدب والفن المعماري والمحاضرات وجلسات النقاش عدد كبير من البلدان العربية في مواقع عدة في لندن.
وقد مثل المهرجان فرصة فريدة لسكان لندن لإلقاء لمحة خاطفة على الثقافة العربية وأثرها على الساحة الثقافية في لندن،حيث مثل نافذة للبريطانيين للتطلع من خلالها على الثقافة العربية المعاصرة ومشاهدة بعضا من الأعمال الفنية لفناني المنطقة من خلال برنامج استمر على مدى ثلاثة أسابيع.
وفي حديث لعرب لندن قال "ايكهارت ثيمان" المدير الفني للمهرجان -الذي قام بتصميم البرنامج الخاص بالمهرجان واختيار التيمة الخاصة والعروض المشاركة والفنانين بالتعاون مع المراكز والمؤسسات في لندن- إن اختياراته دائما ما تكون مبنية على طبيعة ما هو مقدم بحيث يعكس طبيعة ما يفكر فيه الناس،وما يقدمه الفنانون العرب،وطبيعة التعبير الفني في هذا الجزء من العالم.
وأضاف: ثيمان "أسافر كثيرا وأحضر العديد من المهرجانات والفعاليات الثقافية والفنية في العالم العربي وأوروبا للتعرف على الفنانين الجدد،إلا أن من بين عوامل الاختيار أن يكون هؤلاء الفنانين لم يسبق لهم زيارة لندن أو المملكة المتحدة، ونعمل دائما مع الفنانين الذين قد يقدمون شيئا جديدا للمشهد الثقافي المعاصر في لندن".
أما بخصوص كيفية جذب الجمهور المحلي فيوضح ثيمان أن البيانات الخاصة بالمهرجان تشير إلى أن ما نسبته ٢٠٪ فقط من جمهور المهرجان من العرب،أي أن الغالبية العظمى من جمهور "شباك" هو من غير العرب، لافتا إلى آن نسبة ٢٠٪ تعد ممتازة لأنه رقم يتعدى نسبة العرب المتواجدين في لندن بشكل عام وبالتالي فأننا نجذب جمهور عربي كبير لا يذهب عادة إلى هذه الأماكن التي تقدم أنواع الفنون المختلفة، و٨٠٪ من غير العرب حضروا الفعاليات المختلفة للمهرجان وتعرفوا على ما قدمه.
وكشف المدير الفني للمهرجان بأن من بين الأدوات التي يستخدمونها لجذب الجمهور بكافة خلفياته الثقافية والأثنية هو الحملات الإعلامية والتسويقية والإعلانات في الصحف العربية والانجليزية والموقع الإلكتروني والمطبوعات،إضافة إلى تشكيلة متنوعة من الفعاليات وورش العمل التي تجعلنا نتواصل بشكل مباشر مع الجمهور. وأوضح أن الداعمين الرئيسيين للمهرجان هم مجلس إنجلترا للفنون، المجلس الثقافي البريطاني، ومؤسسة عبد المحسن القطان، إضافة إلي التعاون مع العديد من الداعمين لتنفيذ برنامج المهرجان لافتا إلى أن جزء كبير من عمله هو الحصول على الدعم المادي.
من جهته يقول الفنان اللبناني علي شحرور الذي شارك في المهرجان بفعالية غنائية راقصة مزجت ما بين الرقص الجنائزي والديني والشرقي والدبكة والزار تحت عنوان "عساه يحيا ويشم العبق" بالتعاون مع حلا عمران والموسيقيين علي حوت وعبيد قبيسي: "ليس لدي رسائل معينة، وانما أسئلة عن السياق الديني لعملي ولما نعيشه وسؤال عن الرقص المعاصر وتقنياته المختلفة خصوصا في لبنان، إضافة للطاقة الموجودة في المرأة والتعبير عن حزنها بشكل أو بآخر لتبقي الميت حي آو تعيده للحياة من خلال مثل هذا النوع من الغناء". وقال في جلسة أسئلة مع الجمهور بعيد العرض أنه يصر على أنه عرض راقص،وأن هناك أمورا تتعلق بالرقابة في لبنان كحضور الجسد الذي يتغير من مكان لمكان، لافتا إلى أن الرقص لا يمكن تعقبه أو فرض رقابة عليه كما هو الحال مع النص الذي يقدم للجنة لتجيزه.
ريم البنا.. فراشة فلسطين
في حين شهد حفل "أثر الفراشة" الذي أقيم في ذكرى الفنانة الفلسطينية ريم البنا بمركز باربيكان فقد شهد حضور كبير استمع لإعادة توزيع لأغاني الراحلة قام بها الموسيقي وعازف البيانو الفلسطيني فرج سليمان مع موسيقيين أجانب وقدمه كلا من النجمة اللبنانية تانيا صالح والمغنية التونسية صابرين جيهاني إضافة إلى مغني الهيب هوب السوري منير بوكلثوم، وذلك بحضور أبناء البنا.
وقالت النجمة اللبنانية تانيا صالح أنه من الصعب عليها غناء أغاني ليست لها بالرغم من تقديمها أغنية لفيروز أو سيد درويش وغيرهم من أساطير الفن في حفلات أخرى، لكن أن تكون كل الأغاني المقدمة لفنان آخر فهذا جديد بالنسبة لها، لافتة إلى أن هناك مسؤولية تفع على كاهلها خصوصا أنها أعمال لشخص تركنا ولم يعد معنا، وكفنان تود أن تعرّف الناس على هذه الأعمال التي تحبها، ولكن في الوقت ذاته تخشى أن تتصرف في الأعمال بطريقة قد تزعجه إن كان لا يزال معنا، فهذه مسئولية كبيرة جدا وليست سهلة بحسب حديثها.
ولفتت الفنانة صالح إلى أنها وافقت فورا على تقديم الحفل عندما تواصلت معها شركة (مرسم MARSAM) للفعاليات الفنية، لأن ريم البنا قدمت أعمالا لم تقدمها أي فنانة من قبلها، حيث استطاعت أن تتحدث عن القضية الفلسطينية وتنشرها في العالم بطريقة مسالمة، فلم تحمل سلاح ولم تقتل وإنما عملت على فنها وقالت ما تود قوله عن طريق الفن،وبالنسبة لي هي شخص قدوة، خصوصا أنها تعذبت بحياتها لأنها عاشت تحت الاحتلال وكان لديها ما تقوله للمحتل، ولأن لديها أولاد أرادت تربيتهم بدون زوجها الذي كان معها ولأنها تعمل في الموسيقى بشكل مستقل بدون دعم وبدون وكيل أعمال،وهي كلها أمور نتشارك فيها أنا والراحلة،وبالنسبة لي كان لابد أن أكون في هذا الحفل لإحياء ذكراها.
سوريا واليمن حاضرتان
وفي إطار المهرجان أقيم بالمتحف البريطاني سمبوزيوم بعنوان (صناعة الفنون في سوريا واليمن اليوم) شارك فيه مجموعة من الفنانين تحدثوا عن وعرضوا أعمالهم الفنية التي تتناول الأوضاع في البلدان المأزومان اليوم، وتحدث كل من شيري عتاسي وعلي كعف وبثينة علي وفادي يزيجي و رحمن طه وإيبي إبراهيم وسلوى العرياني ومراد سوباي، في حين عرضت أفلام كلا من جودي جوراني وخديجة السالمي و وأنهاي ألفيسو مارينو.