قسم التحقيقات - عرب لندن 
 

شكل نبأ الإغلاق المفاجئ "لأكاديمية الملك فهد" في منطقة أكتون غرب العاصمة لندن أوائل شهر أيار/مايو الحالي أبوابها نهائياً مع نهاية العام الدراسي في أيلول/سبتمبر 2023 حالة من الصدمة والذهول والأسى ليس بالنسبة لطاقم الأكاديمية التدريسي والإداري ولدى الطلاب وذويهم فحسب، وإنما في عموم أوساط الجالية العربية والإسلامية في بريطانيا. حيث تلقى أهالي الطلبة رسالة بالبريد الإلكتروني من مجلس إدارة الأكاديمية تخطرهم بقرار الإغلاق، وجاء في مضمون تلك الرسالة أنه " من المحتمل جداً إغلاق الأكاديمية في سياق إعادة هيكلة المنظومة التعليمية خارج المملكة العربية السعودية".

مصير معلق وصعوبات توفير البديل

تأتي سرعة قرار الإغلاق في توقيت حساس جداً بالنسبة للطلاب وأولياء أمورهم ولجميع الموظفين والمدرسين في الأكاديمية على حد سواء، حيث تعتبر فترة الإبلاغ عن القرار قصيرة جداً، ولا تراعي مصلحة الطلاب من ناحية استمرارية تحصيلهم العلمي والمعرفي، فضلا عن التأثيرات النفسية التي نجمت عن ذلك القرار تاركاً جُلّ الطلاب وذويهم يعيشون في حالة من القلق والترقب والخوف على المستقبل. وقد أفاد أحد أولياء أمور الطلبة ل"موقع عرب لندن" خلال اللقاء معه فضل عدم ذكر اسمه " أنه، ومن خلال اطلاعه على حالات كثيرة من أولياء أمور مثله، فإن العثور على بدائل مناسبة وذات مستوى تعليمي جيد يلبي طموحاتهم في مواصلة أبنائهم لدراستهم يعتبر أمرا صعبا للغاية في فترة قصيرة، حيث إن معظم المدارس الجيدة تحتاج إلى تقديم مبكر منذ بداية العام الدراسي وخاصة للطلبة الذين يدرسون GCSE & A-Level سيكون تأمين البديل أكثر صعوبة بالنسبة لهم".

 وأضاف في حديثه "أنه يتعين على طلاب الصف العاشر "Y10" إعادة سنة دراسية في حال تسجيلهم في المدارس البريطانية وكذلك الأمر بالنسبة للصف العاشر؛ مما يعني ضياع سنة من حياتهم هباء منثورا".

ولفت "الولي" أيضًا إلى أن" كثير من أولياء الطلاب يفضلون تسجيل أبنائهم في أكاديمية الملك فهد لقربها من سكناهم، وبالتالي فإن انتقال أطفالهم إلى مدارس أخرى قد تكون بعيدة عن أماكن إقامتهم، وهذا أمر مقلق وصعب، وليس من السهولة إيجاد بدائل للسكن في فترة قصيرة في مدينة مثل لندن.

وختم حديثه، وبدا التأثر واضحاً عليه بأن معظم الطلاب عندما تلقى خبر الإغلاق لم يستطع "حبس دموعه" وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على مدى عمق الجوانب الوجدانية والعاطفية التي تربط الطلاب بالأكاديمية قبل التعليمية منها.

ولابد من الإشارة أيضاً إلى أنه، وفي ظل الصعوبات الاقتصادية التي تمر بها بريطانيا من ناحية ارتفاع معدلات التضخم وتكاليف المعيشة وغلاء الأسعار، فإن المدرسين والموظفين في الأكاديمية تأثروا أيضاً بقرار الإغلاق ومهلته القصيرة، حيث يسيطر عليهم هاجس انقطاع مصدر الرزق الأساسي، وربما الوحيد بالنسبة لهم، وكيفية سبيل تأمين "لقمة العيش" وإعالة أسرهم ودفع ما يترتب عليهم من مسؤوليات كإيجار البيت الشهري والذي ارتفع مؤخراً.

كما أن ارتباطهم الحالي بعقود عمل مع الأكاديمية حتى نهاية شهر أيلول/سبتمبر القادم لا يمكنهم من البحث عن عمل بديل، وبعضهم قد لا يجد فرصة عمل بسهولة في حالة تم إغلاق الأكاديمية فعلاً.

أكثر من مجرد مدرسة

شهدت الأكاديمية منذ تأسيسها في مدينة لندن عام 1985، وهي تحمل اسم "الملك الراحل فهد بن عبد العزيز" تطورات كبيرة في مختلف النواحي التعليمية من حيث إدخال المناهج الحديثة وطرق التعليم المعترف به دولياً، والتي تكسب الطلاب القدرات والمهارات اللازمة في مرحلة التعليم العالي، واستطاعت المزج بين تدريس اللغة العربية والعلوم الإسلامية من جهة، وبين المناهج والمقررات المتبعة في المدارس البريطانية من جهة أخرى، وكل ذلك جاء ضمن رؤية وحرص رجالات المملكة العربية السعودية الرشيدة على أهمية نشر التعليم وتوفيره لأبناء الدبلوماسيين والمبتعثين السعوديين في الخارج وإبقائهم على اتصال مع لغتهم ودينهم وثقافتهم، وعلى أن يكون هذا الصرح أكثر من مجرد مدرسة تعليمية، بل جعله مركز إشعاع وتفاعل وتواصل حضاري وثقافي يدّلل على مكانة ودور المملكة العربية السعودية ليس في العالمين العربي والإسلامي فحسب، وإنما في العالم بأسره.

 وتستوعب الأكاديمية حالياً قرابة 560 طالباً من سن 3 إلى 18، وقد أفادت المجتمع البريطاني لأكثر من أربعة عقود، وتخرج منها عدد كبير من الطلاب كانت لهم إسهامات ونجاحات في مجالات الطب والقانون والإعلام وغيرها. 

مناشدات لإبقاء أبواب الأكاديمية مفتوحة 

فضلاً عن تمتعها بمستوى تعليمي ومناهج جيدة ومتطورة، يعتبر وجود الأكاديمية في ظل العيش في مجتمع غربي ملاذ آمن ومتنفساً حيويا لسكان مدينة لندن من ذوي "الأصول والخلفيات العربية والإسلامية"، كونها تقدم العديد من الميزات والخدمات التي تدفع المقيمين من العرب والمسلمين في لندن إلى اختيارها من بين المدارس البريطانية الأخرى لتسجيل أبنائهم وبناتهم فيها مثل "تعليم اللغة العربية والعلوم الإسلامية، وتوفر لهم حرية العبادة وإقامة الصلوات وقراءة القرآن، وتضم مكتبة غنية ومتكاملة كما تقدم وجبات طعام حلال للطلاب، وفيها الكثير من المرافق والملاعب التي تقام بها العديد من المعارض والأنشطة الترفيهية والرياضية". 

ومن منطلق حرصهم على استمرارية عمل الأكاديمية، بعث الأهالي وأولياء الأمور "رسالة مناشدة" إلى الأمير خالد بن بندر بن سلطان سفير المملكة العربية السعودية في بريطانيا من أجل إلغاء قرار إغلاق الأكاديمية أو تأجيله على الأقل لمدة عامين، ملتمسين من سمّوه أن يأخذ بعين الاعتبار تأثير قرار الإغلاق السريع والمفاجئ على مستقبل ومصير أبنائهم. 

كما بادروا إلى إطلاق حملة تضامن على مواقع التواصل الاجتماعي لجمع تواقيع تساعد على إبقاء أبواب الأكاديمية مفتوحة أمام الطلاب.

وقد أبدى أولياء الأمور أيضاً عن استعدادهم لدفع رسوم معينة بالنسبة "للطلبة السعوديين"، وتحمل رسوم وتكاليف إضافية بالنسبة للطلبة العرب والمسلمين، وذلك إذا ما كان قرار الإغلاق يتعلق بصعوبات عملية التمويل.

 

السابق في خطوة غير مسبوقة: امرأة آسيوية مسلمة تتولى منصب عمدة مدينة مانشستر
التالي اليوم الأربعاء: بريطانيا اليوم يناقش قرار الداخلية بتسريع إجراءات آلاف طلبات اللجوء للعراقيين والإيرانيين