عرب لندن
تسعى المحطات التلفزيونية التقليدية إلى استقطاب الشباب من خلال التعاون مع مشاهير الشبكات الاجتماعية الباحثين عن منابر جديدة، ومن ذلك شراكة بين "بي بي سي استوديوز" البريطانية ونجم "يوتيوب" جو ساغ، ومشاركة نجم "إنستغرام" جوست رياض في برنامج الواقع "بكين إكسبرس" على "إم 6" الفرنسية.
وهذا الموضوع الذي كان محور نقاش خلال معرض "ميبكوم" التجاري لقطاع التلفزيون والإعلام في مدينة كان الفرنسية، يتجاوز بعيدا إطار نجوم تلفزيون الواقع الذين يروجون على شبكات التواصل الاجتماعي لعلامات تجارية ومنتجات تكون أحيانا مثيرة للجدل.
واستحوذت هذه الفئة من مشاهير شبكات التواصل على الاهتمام الإعلامي في الآونة الأخيرة في فرنسا بسبب النزاع بين وكيلة أعمالهم الأبرز ماغالي بيردا، صاحبة "شونا إيفنتس"، ومغني الراب بوبا.
إلا أن "صانعي محتوى" آخرين برزوا على الإنترنت، ولديهم عدد أكبر من المتبعين، يحظون باهتمام الوسط الإعلامي، على ما لاحظت مجموعة وسائل الإعلام عبر الإنترنت "ويبيديا" ومعهد الرصد الإعلامي "ذي ويت".
فالنجم على "يوتيوب" ميشو (Michou) الذي يبلغ عدد متابعيه نحو ثمانية ملايين، شارك عبر محطة "تي إف 1" التلفزيونية الفرنسية العام المنصرم في برنامج "الرقص مع النجوم"، الذي استعانت نسخته الأميركية هذه السنة بشارلي داميليو التي تحتل المرتبة الثانية على "تيك توك" من حيث عدد المتابعين (أكثر من 148 مليونا).
وعلى قناة "إم 6" الفرنسية، كان جوست رياض (4,6 ملايين مشترك على "إنستغرام" و 6,4 ملايين على "تيك توك") من بين المشاركين في لعبة "لي تريتر" (Les traitres) إلى جانب النجمة على "يوتيوب" ناتو Natoo البالغ عدد متابعيها 5,2 ملايين.
ولكل طرف مصلحة في هذا التعاون، على قول المسؤول في مجموعة "تي إف 1" ريمي فور. وقال فور لوكالة فرانس برس "نحاول استقطاب جمهور أصغر سنا بقليل، أما هم (مشاهير الشبكات) فغالبا ما يأتون سعيا إلى جمهور أوسع" من لحم ودم، وليس افتراضيا فحسب.
كذلك يساهم المشاهير المشاركون من خلال منشوراتهم على صفحاتهم في "الترويج" للبرامج وفي "تذكير" مدمني الهواتف الذكية "بوجود" المحطة التلفزيونية، بحسب مدير التواصل واستوديو الشبكات الاجتماعية في مجموعة "إم 6" بنجامين بوارون.
وبالإضافة إلى هذا النوع من التعاون الذي يمكن أن ينطبق على جميع المشاهير، تولي محطات التلفزيون التقليدية أهمية كبيرة "لمراقبة ما يحصل عبر الإنترنت، حيث توجد حرية كبيرة"، تشكل "مصدر إلهام" لها، وفقا لريمي فور، مذكرا بأن مجموعة "تي إف 1" عهدت إلى النجمين على "يوتيوب" ماكفلاي وكارليتو تقديم برنامج مسائي عبر محطتها "تي إم سي".
أما في بريطانيا، فذهب قسم الإنتاج في "بي بي سي" إلى أبعد من ذلك من خلال توقيع عقد هذا الصيف مع النجم على "يوتيوب" جو ساغ (أكثر من سبعة ملايين مشترك) لتصميم برامج وفق صيغ جديدة.
ورأت المديرة العامة لـ"ويبيديا" التي تواكب عددا من مشاهير الشبكات أن التلفزيون الذي يشهد منافسة من منصتي "تيك توك" و"يوتيوب" الاجتماعيتين "لم يمت على الإطلاق، بل ينبغي أن يعيد ابتكار نفسه من خلال تنويع صيغ البرامج ونوافذ البث".
واستشهدت على ذلك ببرنامج اشترته القناة التلفزيونية الفرنسية المتخصصة "إر إم سي ديكوفيرت" (RMC Decouverte) من "ويبيديا"، يتمحور على النجم المتخصص في السيارات على "يوتيوب" فرنسوا دوكيدت، واسمه المستعار "بوغ " (POG)، سي عرض عبر الإنترنت قبل عرضه في وقت الذروة على القناة.
لكن كل ذلك قد لا يكون كافيا. فنجاح الشبكات الاجتماعية يؤشر إلى تفضيل الشباب "الصيغ القصيرة، وحتى القصيرة جدا"، بحسب ما لاحظ فيليب بايي، المدير المؤسس لشركة "إن بي آ كونساي".
ورأى أن هذا الأمر يدفع إلى "التفكير في مدد البرامج التي ينبغي بقنوات التلفزيون ومنصات البث التدفقي أن تعتمدها مستقبلا لاستقطاب هذا الجمهور".
ولكن حتى المحطات الفرنسية التي "ي فترض في المبدأ أنها أكثر استهدافا لفئات معينة"، على غرار W9 أو "تي إم سي" لا تزال تعتمد بصورة أساسية صيغ البرامج ذات المدد التقليدية، أي 26 أو 52 دقيقة، على ما أوضح الخبير.
أما المدافعون عن التلفزيون التقليدي فيمكنهم القول أن مشاهير الشبكات غالبا ما يعتمدون نهج البرامج التقليدية، على ما يتضح من البرنامج الحواري الفرنسي الناجح "بوبكورن "(Popcorn) الذي يعرض على الهواء مباشرة ويقد مه نجم البث التدفقي دومينغو على منصة "تويتش".