محمد سليم – لندن
فتحت تصريحات النائبة البريطانية المسلمة نصرت غني، حول استبعادها من منصبها كوزيرة للنقل بسبب ديانتها، الجدل من الجدل حول تفشي الإسلاموفوبيا في الساحة السياسية البريطانية.
وفجرت النائبة التي تنتمي لحزب المحافظين قنبلة من العيار الثقيل، عندما أعلنت أن استبعادها كان بسبب عدم ارتياح زملاءها في الحكومة من كونها مسلمة، وبأنها خشيت الحديث في الموضوع حتى لا ينتهي مسارها السياسي.
هذه الواقعة تعيد للأذهان الكثير من الأحداث، التي ذهبت ضحيتها نساء مسلمات، بسبب ديانتهن، أو ارتداءهن للحجاب، فتم إقصاءهن.
السخرية من المنقبات
لا يمكن للمسلمات في بريطانيا وخصوصا المنقبات منهن نسيان، الإساءة البليغة التي أقدم عليها رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، والذي كان حينها وزيرا للخارجية، عندما كتب مقالا حول حظر عدد من الدول الأوروبية للنقاب.
وفي هذا المقال تحدث جونسون عن النساء المنقبات في بريطانيا، وشبههن بصناديق البريد أو بلصوص البنوك، وهو ما أثار حينها ضجة واسعة واعتبره كثيرون سخرية من النساء المنقبات، وضربا للنموذج البريطاني المبني على التسامح والتنوع.
ولاحقت هذه الإساءة بوريس جونسون، لسنوات خصوصا بعد وصوله لرئاسة الوزراء، ما اضطره لتقديم الاعتذار على هذه التصريحات، إلا أنه تصريح فاتر، لم يغير من واقع الأمر شيء.
استبعاد المحجبات
نجحت السياسية البريطانية راقية إسماعيل في تدوين اسمها كأول عمدة محجبة في تاريخ المملكة المتحدة، مقدمة بذلك نموذجا مشرّفا لنجاح المرأة المسلمة في بريطانيا، ومنحت للنموذج البريطاني صورة مشرقة في التعامل مع المهاجرين وسلاسة اندماجهم، ووصولهم للمناصب الرسمية.
لكن هذه القصة الملهمة لم تدم طويلا، إذ اصطدمت بجدران سميكة من واقع الممارسة السياسية التي وصفتها راقية إسماعيل "بهيمنة الرجل الأبيض"، والتي دفعتها للاستقالة من منصبها، احتجاجا على ما أسمته بالتهميش الذي طالها على الرغم مما حققته من نجاحات سياسية واجتماعية في المنطقة التي تمثلها.
استقالة راقية إسماعيل أعادت موضوع العنصرية في المجال السياسي إلى الواجهة، وخلّفت صدمة في صفوف الأقلية المسلمة في بريطانيا، فهناك من يرى أن هذه الاستقالة ربما تكون جرس إنذار لوجود مثبطات كثيرة أمام تميز المرأة المسلمة.
دموع النائبة
فجرت النائبة المسلمة زارا سلطانة النقاشَ حول العنصرية ضد المسلمين من داخل قاعات البرلمان، بمداخلة اختلطت فيها الدموع بالكلمات القوية لتظهر حجم العنصرية التي تتعرض لها النساء المسلمات، وتبيّن خطر التغاضي عن هذه الظاهرة.
يأتي ذلك في وقت تتزايد فيه الضغوط على الحكومة البريطانية من أجل اعتماد تعريف رسمي للإسلاموفوبيا بعد تأخير دام أكثر من 3 سنوات.
وفي كلمة داخل لجنة مناقشة تعريف الإسلاموفوبيا، قدمت النائبة المسلمة الشابة نماذج عن الرسائل التي تتلقاها والتي تقطر بالعنصرية والتجريح والتحريض، مما أحدث حالة من التأثر والصدمة داخل هذه اللجنة البرلمانية وفي صفوف العديد من السياسيين البريطانيين.
ولم تقاوم النائبة البرلمانية البالغة من العمر 27 عاما دموعها وهي تتحدث عن كمّ الأحداث العنصرية التي تعرضت لها منذ وصولها للبرلمان ومشاركتها في النقاش العام.
ومن بين هذه النماذج رسالة تقول للنائبة المسلمة "أنت والمسلمون تمثلون خطرا حقيقيا على الإنسانية"، وآخر كتب لها "أنت سرطان أينما ذهبت وقريبا سوف تلفظك أوروبا"، وثالث يتهمها بأنها متعاطفة مع الإرهاب "وحثالة هذه الأرض ويجب تطهير العالم من أمثالها".
إقالة بسبب الدين
نقلت صحيفة "صنداي تايمز" (Sunday Times) عن النائبة البريطانية المسلمة نصرت غني وزيرة النقل السابقة قولها إنها أقيلت من منصبها الوزاري في حكومة حزب المحافظين برئاسة بوريس جونسون "لعدم ارتياح زملائها" لكونها "امرأة مسلمة".
وقالت نصرت غني التي استبعدت من منصبها في تعديل وزاري محدود أجري في فبراير/شباط 2020- للصحيفة إن مسؤولا عن الانضباط الحزبي في البرلمان أبلغها أن إسلامها "أثير باعتباره قضية في اجتماع التعديل الوزاري في داونينغ ستريت"
وأوضحت أنها حين سألت عن سبب استبعادها، قيل لها إن كونها امرأة مسلمة "جعل الزملاء يشعرون بعدم ارتياح".