كتب: محمد عايش
يعاني الفلسطينيون في بريطانيا من الانقسام الذي يُشكل في الأساس انعكاساً للانقسام السياسي داخل الأراضي الفلسطينية، فيما تتجدد ملامح الانقسام في أوساط الجالية الفلسطينية مع حلول عيدي الفطر والأضحى في كل عام، إذ يقيم الفلسطينيون أكثر من احتفالية على الرغم من أن الفروقات الجوهرية بينها تكاد تكون معدومة.
وبحسب ما رصدت "عرب لندن" فان الجالية الفلسطينية أقامت في أواخر شهر رمضان المبارك إفطارين يكادان يكونان متطابقين، حيث أقيم كل منهما بمشاركة فنان فلسطيني معروف، وتضمن كل منهما حملة لجمع التبرعات لصالح المحتاجين داخل الاراضي الفلسطينية، كما تضمن كل منهما فقرات منوعة خاصة بالعائلات والأطفال، فيما لم يكن ثمة فرق بينهما سوى في "المنظمين"، حيث كل منهما محسوب على تيار سياسي مختلف داخل فلسطين.
وبحسب المعلومات التي حصلت عليها "عرب لندن" فان احتفالين للعيد تم الاعلان عنهما أيضاً من قبل الجهتين ذاتهما، حيث يعتزم "المنتدى الفلسطيني" تنظيم احتفالية عائلية بعيد الفطر بينما تعتزم "رابطة الجالية الفلسطينية" تنظيم احتفالية أخرى، على أن كل منهما تقامان في حديقة عامة وتتضمنان ألعاباً للأطفال.
وقال أحد رموز الجالية الفلسطينية في بريطانيا لــ"عرب لندن" إن "ثلاث احتفالات تقام سنوياً للفلسطينيين في عيدي الفطر والأضحى"، مشيراً الى أن "كل طرف فلسطيني يريد أن يقوم بتنظيم الاحتفالية ولا يقبل بالتعاون مع غيره فيها".
وأضاف الفلسطيني الذي طلب من "عرب لندن" عدم نشر اسمه لحساسية الموضوع: "الاستقطاب داخل الأراضي الفلسطيني والانقسام السياسي انعكس على الجاليات في الخارج بكل أسف، ما يعني أننا أمام ثلاث جاليات فلسطينية وليس واحدة في كل دولة من دول المهجر، وهذه الجاليات الثلاثة لا تواصل بينها مطلقاً".
وتساءل الناشط الفلسطيني الذي أكد لــ"عرب لندن" أنه "مستقل وبعيد عن الاستقطاب" تساءل مستنكراً: "ما الفرق بين طرف سياسي وآخر في مناسبة اجتماعية ودينية مثل عيد الفطر أو عيد الأضحى أو إفطار رمضان؟ هل يصوم أحدهم حتى أذان العشاء مثلاً حتى يرفض تناول الإفطار مع الآخر؟!".
ويوجد في بريطانيا حاليا ثلاث تجمعات رئيسية للفلسطينيين، الأول هو "رابطة الجالية الفلسطينية"، وهي أول تجمع يربط الفلسطينيين في المملكة المتحدة، وهي محسوبة على السفارة الفلسطينية في لندن ويحضر اجتماعاتها وانتخاباتها بين الحين والآخر السفير الفلسطيني الذي يباركها ويُعتبر جزءاً منها.
أما الكيان الثاني الممثل للفلسطينيين في بريطانيا فهو "المنتدى الفلسطيني في بريطانيا"، وهو المحسوب على التيار الاسلامي أو أنه المقرب من التيار الاسلامي الفلسطيني وعادة ما ينتمي له المعارضون للسلطة الفلسطينية وحركة فتح، والمنتدى تأسس في لندن عام 2004.
أما الكيان الثالث فهو "الجالية الفلسطينية" التي خرجت قبل سنوات قليلة من عباءة "رابطة الجالية الفلسطينية" الأصلية في أعقاب إشكالات شهدتها انتخابات داخلية.
وبين هذه الكيانات الثلاثة يتوزع أبناء الجالية الفلسطينية المقيمون في بريطانيا، والذين تحدث يتحدث كثيرون منهم عن عدم وجود فروقات بين هذه الكيانات الثلاثة باستثناء الخلافات في المواقف السياسية، وهو ما يجعل من غير المنطقي أن يظلوا متفرقين عن بعضهم بعضاً.
وأكد ناشط فلسطيني آخر تحدث لــ"عرب لندن" طالباً عدم نشر اسمه أن الأنشطة التي تقيمها كل جالية من الجاليات الثلاثة تكاد تكون متطابقة تماماً فيما بينها، وأضاف: "يقيمون حفل إفطار رمضاني لا يكاد الواحد يختلف عن الآخر، ويقيمون حفلات لعيد الفطر وعيد الأضحى تكاد تكون متطابقة".
وتساءل الناشط: "هل من المعقول أن يحتفل الفلسطينيون في بريطانيا ثلاث مرات بالعيد، ويعقدون ثلاث إفطارات رمضانية في كل عام، بدلاً من أن يجتمعوا على مائدة واحدة في رمضان ويضعوا خلف ظهورهم الخلافات السياسية".
مؤتمر فلسطينيي بريطانيا
وكان المنتدى الفلسطيني في بريطانيا نظم في كانون أول/ ديسمبر 2018 "مؤتمر فلسطينيي بريطانيا"، وهو أول مؤتمر من نوعه في المملكة المتحدة، على الرغم من أنه يشبه "مؤتمر فلسطينيي أوروبا" الذي ينعقد سنوياً منذ أكثر من 15 عاماً.
ورغم أن المؤتمر كان محاولة لجمع المؤسسات الفلسطينية وتوحيد عملها وجهودها إلا أن رابطة الجالية الفلسطينية (الكتلة الأصلية للجالية) لم تشارك في فعالياته ولم تكن ممثلة فيه، كما أن رابطة الجالية التي ظهرت مؤخراً كجسم بديل عن الرابطة الأصلية، أو جسم منشق عن الرابطة الأصلية، شاركت بعدد محدود جداً من الأشخاص.
وبحسب المعلومات التي حصلت عليها "عرب لندن" فقد انتهى الشهر الخامس من العام 2019، أي مر نحو ستة شهور على انعقاد المؤتمر دون أن يتم التوصل الى صيغة تجمع الفلسطينيين تحت سقف واحد أو ضمن مظلة واحدة، كما لم ينجح المؤتمر في تأسيس مجلس أو ملتقى يقوم بالتنسيق بين المؤسسات التي تعمل من أجل فلسطين داخل بريطانيا، وذلك على الرغم من المطالبات الحثيثة بذلك.
يشار الى أنه لا يوجد إحصاء أو عدد محدد لأعداد الفلسطينيين في بريطانيا، خاصة وأن أغلبهم لا يرتبط بأي تنظيمات فلسطينية، وأغلبهم ليس لديه أي أوراق أو معاملات في السفارة الفلسطينية بلندن بسبب كون غالبيتهم يحملون الجنسيات الأخرى، أو أنهم لم يكونوا قادمين من داخل الأراضي الفلسطينية.
ويتحدث بعض الباحثين عن أن أبناء الجالية الفلسطينية في بريطانيا يتراوح عددهم بين 30 و35 ألف شخص، في الوقت الذي يشارك عدد قليل جداً من هؤلاء في الأنشطة والفعاليات التي تقيمها الكيانات التي تمثل الفلسطينيين في بريطانيا، الأمر الذي يعني بأن هذه الكيانات الممثلة للجالية الفلسطينية لا تزال لم تصل الى الغالبية الساحقة من أبناء الجالية.