عرب لندن
سجل الاقتصاد البريطاني تباطؤا شديدا في الفصل الثالث من السنة بسبب أزمة الإمداد والعمال، فضلا عن ارتفاع عدد الإصابات بكوفيد-19 إثر رفع كل القيود الصحية.
وبلغ نمو إجمالي الناتج الداخلي 1,3%، مسجلا تباطؤا عن الفصل الثاني حين وصل إلى 5,5% بفضل الرفع التدريجي للحجر الصحي المفروض منذ عدة أشهر.
وبذلك يكون النمو أدنى بـ2,1% من مستواه في نهاية 2019 قبل انتشار الوباء، على ما أوضح المكتب الوطني للإحصاءات في بيان الخميس.
وكان المحرك الأساسي للنمو في موسم الصيف قطاعات الفنادق والمطاعم والفن والترفيه والأجهزة الصحية، فضلا عن استهلاك الأسر المرتفع.
غير أن الشركات أبدت المزيد من الحذر حيال المشكلات التي كانت تلوح في الأفق وأوضح غرانت فيتزنر من مكتب الإحصاءات في تغريدة أن "استثمار الشركات بقي أدنى بكثير من مستواه ما قبل الوباء خلال الأشهر الثلاثة التي انتهت في أيلول/سبتمبر".
ولفت إلى أن "العجز التجاري ازداد من جهة أخرى لأن صادرات السلع إلى الدول خارج الاتحاد الأوروبي تراجعت في حين ارتفعت الواردات ولا سيما الوقود من الدول خارج الاتحاد الأوروبي".
ورصد المكتب تراجعا في مستوى المخزونات "يعكس على الأرجح بعض الصعوبات في سلاسل الإمداد".
والواقع أن الاقتصاد البريطاني سجل انكماشا بنسبة 0,2% في تموز/يوليو بحسب الأرقام المنقحة، قبل أن ينتعش في آب/أغسطس ثم في أيلول/سبتمبر حين حقق +0,6%.
ورأى وزير الاقتصاد ريشي سوناك مبديا ارتياحه أن "الاقتصاد يواصل تعافيه من كوفيد وبفضل برامج مثل البطالة الجزئية (التي فرضت بمواجهة الوباء واستمرت حتى نهاية أيلول/سبتمبر)، تشهد نسبة البطالة تراجعا منذ ثمانية أشهر، ونتوقع أن نكون الدولة التي تسجل أعلى نسبة نمو هذه السنة بين بلدان مجموعة السبع". لكنه أقر بأنه "لا يزال أمامنا صعوبات ينبغي تخطيها".
ونمو إجمالي الناتج الداخلي البريطاني أدنى منه في فرنسا في الفصل الثالث (3%) والمانيا وإيطاليا.
ولفت مكتب الإحصاءات من جهة أخرى إلى أن الولايات المتحدة هي الاقتصاد الوحيد في مجموعة السبع الذي استعاد فيه إجمالي الناتج الداخلي مستواه ما قبل الوباء.
وقال ألبيش باليجا الخبير الاقتصادي في "اتحاد الصناعة البريطانية"، أكبر منظمة لأصحاب العمل، معلقا على البيانات الصادرة أنه "من المشجع أن نرى أن الاقتصاد حافظ على قدر من الحيوية في أيلول/سبتمبر لكن لا يمكننا الإنكار أنه كان فصلا صعبا على الشركات، في ظل العواقب الشديدة لقيود الإمداد". وأشار إلى أن "تزامن ارتفاع الإصابات بكوفيد وانقطاع المواد الخام والمكونات واليد العاملة شكل عقبة كبرى للنمو".
ويواجه النشاط الاقتصادي في المملكة المتحدة تحديات عدة في الفصل الرابع، منها انتهاء برنامج البطالة الجزئية، وتفاقم انقطاع المواد ولا سيما الوقود في نهاية أيلول/سبتمبر والذي أثار بلبلة في بعض القطاعات.
ويعاني البلد من نقص في سائقي الشاحنات قدر بمئة ألف سائق، ما ينعكس على قطاعات اقتصادية عديدة.
وإن كانت هذه الظاهرة معممة على كامل أوروبا، إلا أنها تفاقمت بصورة خاصة في المملكة المتحدة جراء بريكست الذي شكل عقبة في وجه دخول عمال أوروبيين إلى البلد، في حين كانوا يشكلون القسم الأكبر من سائقي الشاحنات قبل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
ولا تزال مشكلات سلاسل الإمداد قائمة فيما يسجل التضخم تسارعا كبيرا توقع بنك إنكلترا أن يصل إلى 4,5% في تشرين الثاني/نوفمبر، ما يشكل ضعف هدفها، ومن المحتمل زيادة معدلات الفائدة على المدى القريب.
ويسجل كل ذلك في وقت لا يزال مستوى الإصابات بكوفيد-19 مرتفعا جدا ويقارب معدل 40 ألف إصابة في اليوم.
ويتوقع مكتب "كابيتال إيكونوميكس" للأبحاث أن تؤدي هذه العوامل المتضافرة إلى "تلاشي" النمو في الأشهر المقبلة، مشككا في احتمال أن يرفع بنك إنكلترا معدلات الفائدة "إلى ما فوق 0,50% العام المقبل".