تُنشر التقارير مع بداية رمضان من كل عام حول أنماط الاستهلاك والإنفاق في الدول الإسلامية، والأموال التي تُضخ لشراء بضائع قد لا تتوافر باقي العام.
ونتناول هنا جانباً آخر لا يشكل فيه المسلمون أغلبية عددية بالضرورة، لكن الأثر الاقتصادي لشهر رمضان يظل ثابتاً.
كيف يؤثر شهر رمضان في السوق البريطانية؟
بحسب المجلس الإسلامي في بريطانيا، يعيش في المملكة المتحدة البالغ سكانها 66 مليون نسمة ما يقرب من ثلاثة ملايين مسلم ولهم ثقل اقتصادي تعكسه الأرقام التالية:
31 مليار جنيه استرليني هي إجمالي قيمة إسهامات الجالية المسلمة للاقتصاد البريطاني.
13,400 من المشروعات في البلاد يمتلكها مسلمون. وتوفر هذه المشروعات 70 ألف فرصة عمل.
20.5 مليار جنيه استرليني إجمالي القوة الشرائية للجالية المسلمة.
أكثر من مليار جنيه استرليني ينفقها المسلمون على الطعام (الحلال).
أما شهر رمضان وحده، فيخلق سوقا قيمتها 200 مليون جنيه استرليني تنفق على الطعام والملابس، حسب تقديرات مؤسسة أوغيلفي نور لدراسات العلامات التجارية الإسلامية.
عباءة جديدة لكل دعوة إفطار
يعتبر رمضان سوقاً لنوعية محددة من الملابس النسائية، وهي العباءات والقفطان والجلاليب. ويشهد هذا السوق رواجاً في المملكة المتحدة، ربما يفوق مثيله في الدول العربية.
تقول أسماء علي، تاجرة ملابس مصرية مقيمة في إنجلترا، إن سوق الملابس والزينة الرمضانية يفوق في حجمه الأعياد والمناسبات الإسلامية الأخرى.
"وأتلقى اتصالات من الزبونات قبل رمضان، يؤكدن طلباتهن من العباءات والملابس والزينة والمفارش. وتطلب الواحدة منهن ما بين ست وسبع عباءات لرمضان وحده، إذ ترتدي واحدة لكل دعوة على الإفطار، ولا ترتديها مرة أخرى. هذا بخلاف الملابس المخصصة لعيد الفطر".
وأكثر زبائن أسماء من العراقيات والمغربيات والسودانيات، خاصة في الطلبات المتعلقة بالملابس. في حين يزيد اهتمام المصريات بالزينة والفوانيس وقطع الديكور.
وتعزي أسماء هذا الإقبال، الذي قد يفوق مثيله في الدول العربية، إلى شعور العرب بالغربة، وحاجتهم إلى خلق أجواء رمضانية قد لا يلتفتون إليها في بلادهم.
ولا تعرف أسماء ما يحل بهذا الكم من الملابس في نهاية كل رمضان. لكنها تتلقي طلبات جديدة بنفس الكميات في كل عام.
العرب يفضلون لحم الضأن
يشهد شهر رمضان ذروة استهلاك اللحوم والدواجن الحلال في المملكة المتحدة.
وبحسب أحد الجزارين في ضواحي لندن، وهو باكستاني الجنسية، تزيد حركة البيع بنسبة 20 في المئة خلال شهر رمضان، مقارنة بباقي العام.
لكن هيئة الطعام الحلال بالمملكة المتحدة تقدر هذه الزيادة بحوالي خمسين في المئة.
والهيئة هي جهة مستقلة، تصادق على المنتجات لضمان مطابقتها لشروط الشريعة الإسلامية. وتراقب عشرة مسالخ، ثلاثة منها للدواجن والباقي لإنتاج اللحوم الحمراء.
ويقول رئيس الهيئة، الدكتور عامر مصون، إن "سوق اللحوم يشهد طفرة خلال رمضان، بينما يقل استهلاك الطعام بشكل عام نظراً لانخفاض عدد الوجبات. ويميل المستهلكون لشراء قطع اللحم القابلة للشواء".
ولا تخصص الجزارة منتجات بعينها لشهر رمضان، لكن نوع اللحوم المستهلكة يختلف باختلاف الجنسيات والثقافات، فالعرب على سبيل المثال يفضلون لحم الضأن.
حلويات رمضان
وربما يشهد سوق الحلويات رواجا أكبر من سوق اللحوم خلال شهر رمضان، خاصة مع تقديم أنواع لا تتوافر باقي العام.
ويقول ياسر، بائع حلوى في أحد متاجر شارع إجوار رود في لندن، إن مبيعات الحلويات تزيد بنسبة 80 في المئة خلال رمضان، مقارنة بباقي العام.
"ورمضان هو أكثر أوقات العام إقبالاً على منتجاتنا. ونقدم عدداً من الأصناف الحصرية لهذا الشهر، مثل القطائف، والمشروبات الرمضانية، والحلوى التي تحتوي على القشدة".
ولا يرصد ياسر، وهو سوري الجنسية، إقبال جنسية بعينها على شراء الحلويات في رمضان. بل تتساوى في ذلك كل الجنسيات، بما في ذلك الأوروبيين.
ويؤكد مصون على أن استهلاك المشروبات والفاكهة والحلوى يشمل مسلمي المملكة المتحدة على اختلاف جنسياتهم "وإن كانت كل جالية تستهلك نوعاً مختلفاً، لكن النمط الاستهلاكي ثابت".
متاجر تنتفع من الرواج
أدركت بعض متاجر التجزئة البريطانية حجم السوق الإسلامي، وأصبحت تستهدف المناسبات الإسلامية بالبضائع.
كما تعدّل متاجر أخرى من مواعيد عملها لتتوافق مع مواعيد الإفطار، خاصة متاجر الملابس في موسم الأعياد.
وتخصص متاجر التجزئة أجنحة لبضائع ومنتجات خاصة برمضان، تبيع من خلالها العصائر والحلويات، وأنواع من الخبز والأطعمة الشرقية والتمور.
وفي المناطق التي تعيش فيها جاليات إسلامية كبيرة، تبيع بعض المتاجر لحوما مذبوحة وفقا للشريعة الإسلامية (حلال).
لكن مصون قال إن هذه المتاجر لا تتوافق مع شروط الهيئة، "إذ تلجأ لصعق الذبائح بهدف تهدئتها قبل الذبح، وهو ما لا يتوافق مع شروط الذبح الشرعي. كما أن بعض المنتجات الأخرى قد تُباع على أنها حلال، لكنها تحتوي على مكونات غير متوافقة مع الشروط التي تضعها الهيئة".
(نقلا عن بي بي سي)