شكلت الأزمة التونسية موضع الحلقة الجديدة من منتدى التفكير العربي، التي أدارها الأستاذ أيوب الريمي، بحضور كل من النائب البرلماني التونسي، محمد الكوماني، ورئيسة جميعة الكرامة، الأستاذة فاطمة كمون، فضلا عن الدكتور رابح الخرايفي، أستاذ القانون الدستوري، وبثت على موقع "عرب لندن"، ومنصاته على شبكة التواصل الاجتماعي.
وذهبت الأستاذة فاطمة الكمون، في تشخيصها للأزمة، إلى تحميل المسؤولية، أو لنقل القسط الأوفر منها، في ما وصلت إليه تونس سياسيا، على الخصوص، من تعقد للأوضاع، إلى النهضة، موضحة بأن الأخيرة لم تحسم أمورها، ولم تتحمل ما كان ينبغي عليها، ليصح الأمر الآن أشبه ما يكون بمسرحية، وقالت:" مؤسف أننا خرجنا من الحياة السياسية إلى المسرحة السياسية، فصرنا في مسرح فيه كل توابل المسرحيات، من دراما وكوميدايا، يبدأ من البرلمان إلى القصر وإلى الشارع، فالأحزاب السياسية"، وأضافت:"المتتبع لحال أصحاب القرار، يلاحظ بأن لغتهم شطحت بعيدا عن المنطق السياسي، الذي يتميز عادة بلغة راقية رزينة، وليست صبيانية"، لتختم التشخيص بالقول:"إننا أقرب إلى من يرى السراب، فعوض أن يرى الرأي العام توافقات وتفاهمات، بحيث الأحزاب الحاكمة تتحمل مسؤوليات الحكم، فيما المعارضة تصنع قرار المعارضة، إذا بنا أمام مشهد سريالي بامتياز".
في مقابل ذلك، أوضح محمد الكوماني، نائب برلماني، أن ما عاشته تونس في العشرية الأخيرة ليس كله سيئا، وقال:"عشنا عشر سنوات من الديمقراطية، ونفرح بهذه الديمقراطية، التي قد يكون من بعض أمراضها بعض السقطات أحيانا أو المشاهد الفلكلورية أو المسرحية، كما قالت السيدة فاطمة، غير أنها تبقى ديمقراطية في كل الأحوال"، معرجا على الوضع العام المتأزم بالقول:"أزمة تونس مركبة، فيها ما هو اقتصادي وصحي، والبارز منها مشاكل في المالية العمومية، بعجز كبير"، مشيرا إلى أنها ليست أزمة وليدة هذه الأشهر، وقال:"المفترض أن السياسيين موكول لهم إخراج البلد من الأزمة، غير أن المناكفات بينهم تزيد الأمور تعقيدا".
الأستاذ رابح الخرايفي، المختص في القانون الدستوري، والذي انضم إلى المنتدى لاحقا، وعانى تدخله مشاكل في الصوت، قال إن الظاهر أن هناك صراعا دستوريا، ولكن الواقع هو صراع من حيث التوجهات والفكر، في إشارة إلى أن الإيديولوجيات التي ينتمي إليها كل طرف هي التي تتحكم في مواقفه، وليس الشرعية الدستورية، وزاد موضحا:"الصراه يدور حاليا حول إنشاء المحكمة الدستورية، ولكل قسط في المسؤولية".
وإذ عرج المتدخلون، كل من زاوية نظره، والحقل الذي ينتمي إليه، على الأسباب العميقة التي جعلت تونس في وضع اللاحركية السياسية الإصلاحية، فقد خلص الجميع إلى أن الحل يكمن في شيء واحد، هو الجلوس إلى طاولة الحوار، حسب الكوماني، على ألا يكون الحوار مغشوشا حسب الكمون، وأن يتحمل كل مسؤوليته، حسب الخرايفي، ولو في غياب المحكمة الدددستورية، التي يمكن الاستعاضة عنها، مرحليا، بقيام البرلمان بالمتعين عليه في باب مراقبة تطبيق القوانين ومدى توافقها مع الدستور.