مراد مصطفى: فيلم "حنة ورد" بداية تمثلني وحضوره بمهرجان لندن مشرف
عرب لندن
وصف المخرج المصري، مراد مصطفى، حضور فيلمه "حنة ورد" في مهرجان لندن للفيلم القصير بالـ"المشرف"، وقال، في حديثه مع "عرب لندن"، إن التجربة ككل مهمة للغاية، سيما أنها تمثل باكورة أعماله، التي يريدها قريبة من الناس، وتمثل السينما المغايرة.
وقال مراد مصطفى، في حديثه مع "عرب لندن"، رد على سؤال يخص فيلمه "حنة ورد"، إنه يمثل مشروعه السينمائي الأول، وزاد:"اشتغلت عليه من السنة الماضية تقريبا، في حدود مارس الماضي. كانت فكرة صغيرة، ثم تطورت.. كان لدي باستمرار شغف بالمواطنين الآخرين الذين يعيشون في مصر، وظللت أفكر كيف أدمج بينهم في فيلم مصري، تدور أحداثه عن جزء من الثقافة المصرية، على أن يؤثر على الكراكتير غير المصري، من خلال شخصيات غير مصرية، في بيت مصري".
مراد مصطفى أوضح بأن لقاءه مع الكاتب علي منصور كان له أثره في وجود الفيلم، وزاد يقول:"،حكيت له عن أفكاري، فقال إنه كانت لديه فكرة قريبة مما يدور في خلدي، ثم اقترح علي ما عنده، فطورنا الفكرة. اشتغلنا على السيناريو حوالي أربعة أشهر، ثم بدأت أنتج الفيلم بنفسي، والتحقت بنا شركات في ما بعد الإنتاج للدعم والمساندة، وكان العرض الأول العالمي في مهرجان كليرمون فيرون".
ولدى سؤاله عن فكرة الفيلم، وبخاصة الشخصية السودانية، قال المخرج مراد مصطفى:"فكرة الحنانات عندنا في مصر كانت باستمرار مرتبطة بالسودانيات، وبالتالي لم يكن ممكنا الحكي بما يقارب الواقع دون الاعتماد على شخصية سودانية، فجاء المزج بين السينمائي والوثائقي ليعطيك الانطباع بأنك تعيش بالفعل ما يحدث داخل البيوت المصرية"، ثم أضاف موضحا:"فمن البداية، ومن خلال الحركة في البيت، وبخاصة حركة الأطفال، ينطلق الحوار بين الشخصيات في تصاعد شيئا فشيئا، إلى أن يصل إلى المقصود".
وفي سؤال يخص طبيعة الشخصيات ككل، قال المخرج المصري الشاب:"موضوع الكاستينغ احتاج مني إلى بعض الوقت، للوصول إلى حنانة سودانية لديها بنت عمرها مثلا سبع سنين، حتى يكون الأداء مجسدا للمرغوب فيه، وضمن بيئة تمزج، كما قلت سابقا، بين الخيالي والوثائقي. وبصدق، كان مريحا بالنسبة إلي التعامل مع أناس يقفون أمام الكاميرا لأول مرة، فلم يكن لديهم أي خلفية عن التمثيل، إذ كل ما يفعلونه هو أن يتحدثوا ويتحركوا بطريقتهم العادية والحقيقية".
وإذ سئل عن اختياره للمكان، قال مراد مصطفى:"الأماكن التي تم اختيارها كانت تدخل في نطاق عناصر فيلمية يلزمها أن تتكامل مع بعضها البعض، فكان مهما أن أدخل البيوت كما هي، في مكان اسمه "نزلة السمان"، وهو منطقة شعبية وراء الهرم. دائما ما نرى الهرم من بعيد جميلا، ولهذا أحببت المزج بين الموقع الحضاري والمنطقة الشعبية.. وقد وجدنا من سكان "نزلة السمان" كل المساعدة، بحيث منحونا أشياءهم كي نمثل بها. وبصدق، كان مهما عندي أن يكون للمكان شخصيته في الفيلم، مثله مثل البنت، والحنانة، والعروسة".
المخرج مراد مصطفى أكد أنه تأثر بالمخرج الراحل عاطف الطيب، وقال في هذا الصدد:"نعم، تأثرت بالمخرج عاطف الطيب، لأنني كنت أستشعر إلى أي حد كان معنيا بالحالة الاجتماعية للناس، وبالقضايا التي تهمهم، وتجعل أفلامه تتواصل مع الجماهير.. وأكثر من ذلك، تركيزه على الشكل البسيط، بتلك البساطة التي يكون وراءها جهد كبير جدا، ومن الصعب أن تصل إليها. هو وصل بها إلى أناس كثيرين. ولهذا، فقد اخترنا أن نبتعد عن الأجهزة الثقيلة، وصورنا بكاميرا واحدة، لغاية البساطة، وأن يبدو الفيلم كما لو أنه بعيد عن أي تدخل من المخرج".
من ناحية ثانية، أوضح مراد مصطفى أنه جاء إلى الإخراج في الوقت المناسب، وقال:"اشتغلت مساعدا لأكثر من عشر سنين، لكسب الخبرة. كنت أنتظر الخطوة الأولى في درب الإخراج، ولم يكن لدي شيء يستحق أن أتحدث عنه. وتجمع ذلك مع بعضه في حنة ورد، فقررت أن أنتقل إلى مرحلة ثانية، وهي مرحلة المخرج. فأنا لم أدخل السينما لأشتغل مساعدا، بل مخرجا".
وبخصوص الحضور في المهرجانات العالمية، قال مراد مصطفى:"الفيلم القصر ليس أمامه اختيارات، فهو ليس لشباك التذاكر، بل لإرضاء ذوقك، وحتى تعشق مشاهدته. مسألة المهرجانات لم تكن مطروحة، بل جاءت بعد نهاية الفيلم. وحتى بالنسبة إلى الطويل، فلست مهتما بالجانب التجاري، بقدر ما يهمني أن أنجز أفلاما تستجيب لذائقتي. هذا من أولوياتي".
وإذ سئل عن المصاعب التي تواجه الفيلم المصري والعربي عموما، ومدى ما وصلا إليه، قال:"أهم الصعوبات المطروحة على السينما العربية، وضمنها المصرية، تدور كلها حول الإنتاج والدعم. وفي تقديري أنه يتعين علينا أن نشتغل من البداية؛ في الكتابة وغيرها، على أعمال سينمائية لا تستدعي إنتاجات ضخمة. من ناحية ثانية، أظن أن السينما العربية والمصرية صار لها مشهد جيد في المحافل الدولية، بالمقياس مع الماضي. فقد صار هناك حضور قوي للمخرجين العرب في المهرجانات الدولية، من كل الأقطار العربية. وبالنسبة إلى السينما المصرية على الخصوص، فيطغى عليها الجانب الصناعي والتجاري، ومع ذلك فهناك أفلام لمنتجين مستقلين، أو ما يمكن تسميته السينما المغايرة، وهي ماضية في الحضور بقوة؛ سواء في الفيلم القصير أو الطويل". وقال عن نفسه:"أي مخرج يكون لديه طموح العرض في مهرجانات كبيرة، وكان بالنسبة لي مهرجان كليرمون مصفاة للفيلم القصير، لأن أهمها تعرض فيه، وهو رقم واحد عندي. أما الفيلم الطويل، فالمهرجانات كثيرة، وهي أولوية لصانع الفيلم، كي يقبل فيها، ويشارك في المسابقة"، ثم قال عن مهرجان لندن:"تجربة مهرجان لندن، حيث النجوم الكبار، تعد شرفا كبيرا. فالمشاركة فيه شيء كبير جدا، وخطوة مهمة للفيلم".
المخرج المصري الشاب ختم لقاءه مع عرب لندن بالحديث عن مشاريعه المستقبلية، إذ قال إنه اقترب من نهاية فيلم قصير ثان، في حين ما يزال منكبا على مشروع فيلم طويل.