عرب لندن
أجرى الرئيس الصيني شي جينبينغ، اليوم الثلاثاء، زيارة هي الأولى إلى ووهان منذ أن صارت هذه المدينة بؤرة لفيروس كورونا المستجد، في وقت خففت السلطات القيود على السفر في المقاطعات المحيطة بها، في مؤشر على أن الوباء أصبح تحت السيطرة.
وجاءت زيارة شي في وقت تبدو إجراءات الحجر الصحي غير المسبوقة، التي عزلت مدينة ووهان وباقي أنحاء مقاطعة هوباي وسط الصين، منذ أواخر كانون الثاني/يناير، أتت بثمارها، مع انحسار عدد الإصابات الجديدة بشكل كبير في الأسابيع القليلة الماضي.
وأعلنت هوباي أنها ستخفف قيود السفر بما يسمح للأشخاص الأصحاء في مناطق منخفضة الخطر، بالتنقل في أنحاء المقاطعة. لكن التدابير لم تخفف على ما يبدو القيود على ووهان، كما لم تشر حول ما إذا كان باستطاعة الناس مغادرة المقاطعة البالغ عدد سكانها 56 نسمة.
والتقدم الذي حققته الصين في مكافحة الفيروس يقف على نقيض الأزمة العالمية المتصاعدة، مع ارتفاع الحالات بوتيرة أسرع في الخارج وقيام إيطاليا بفرض قيود على السفر على مستوى البلاد.
وأظهرت مشاهد بثتها وسائل إعلام رسمية صورا للرئيس شي، الذي وصل بالطائرة إلى عاصمة هوباي، واضعا على وجهه قناعا واقيا وهو يتحدث بالدائرة المغلقة مع عمال الصحة في الخطوط الأمامية ومع مرضى يرقدون في أحد مستشفيين ميدانيين أقيما في المدينة. ثم توجه إلى حي سكني في ووهان للتحدث إلى أشخاص يخضعون لحجر صحي، ومع متطوعين محليين وفق وسائل إعلام رسمية.
وتجنب الرئيس، الذي يعد أقوى زعيم في الصين منذ ماو تسي تونغ، الظهور في وسائل الإعلام خلال معظم فترة الأزمة وكلف رئيس الوزراء لي كه تشيانغ الإشراف على تدابير الرد على الوباء.
لكن مع تراجع عدد الحالات الجديدة في الأسابيع الماضية، سلطت وسائل الإعلام الضوء على الدور الذي لعبه شي في مكافحة الفيروس، وبثت خطابا من الشهر الماضي قال فيه إن هناك تعليمات منذ مطلع كانون الثاني/يناير.
وقال هوا بو، المحلل السياسي المستقل في بكين لوكالة فرانس برس، إن توقيت الزيارة يشير إلى "نصر مرحلي" للصين. وقال هوا إن "زيارته هي للإعلان أن الوباء تمت السيطرة عليه فعليا، وهي محاولة لإخماد الانتقادات الخارجية له لعدم توجهه إلى الخطوط الأمامية".
وتعرضت السلطات لانتقادات نادرة وحادة على الانترنت، على خلفية تعاطيها مع الفيروس. وتعرض المسؤولون المحليون لانتقادات بشكل خاص لمعاقبة مبل غين سعيا على ما يبدو للتغطية على الوباء في مطلع كانون لاثاني/يناير.
وقال المحاضر في الصحافة في جامعة هونغ كونغ بابتيست بروس: "خلال أسوأ فترات التفشي، تجنب شي بؤرة الفيروس لأنه لا يريد أن يتعرض للوم، لكن عندما يتحسن الوضع يتوجه إلى هناك لينال المديح".
وأثارت وفاة الطبيب لي وينليانغ بفيروس كوفيد-19 في شباط/فبراير حزنا وغضبا على الانترنت. وكان هذا الطبيب من الذين دقوا ناقوس الخطر مطلع كانون الأول/ديسمبر.
وقوبلت زيارة نائبة رئيس الوزراء سون شونلان إلى حي سكني في ووهان الأسبوع الماضي بغضب من الأهالي، عندما اشتكى البعض من أن ما يعرض أمامها هو عملية تسليم "زائفة" لمواد غذائية، وهو ما يظهر أن جهود الدعاية الرسمية يمكن أن تأتي برد فعل عكسي بسهولة.
ويعتقد أن الفيروس ظهر في كانون الأول/ديسمبر في سوق لبيع الحيوانات البرية في ووهان، قبل أن يصبح أزمة وطنية ومن ثم عالمية.
وتوفي أكثر من 4 آلاف شخص بالفيروس وأصيب أكثر من 110 آلاف في أنحاء العالم، غالبيتهم في الصين. لكن الصين أفادت الثلاثاء عن 17 حالة جديدة فقط في ووهان، في أدنى رقم منذ أن بدأت نشر البيانات في 21 كانون الثاني/يناير، إضافة إلى حالتين جاءتا من الخارج.
وقال الباحث لدى مركز السياسة الصينية في كانبرا آدم ني: "شي لا يريد أن يقترن بالكارثة وإنما بالشفاء". وأضاف "الصين طوت صفحة مع كوفيد-19، والحزب يريد الآن أن يوجه أكثر الخطابات إيجابية رغم هفوات مبكرة".
وقال المحلل الصيني هوا إن السبب الرئيسي لزيارة هو يعود إلى أن الوباء قد شكل ضغوطا هائلة على ثاني أكبر اقتصاد في العالم ويريد أن يستأنف العمل. وقال هوا "شي يريد أن يرفع معنويات الناس وزيارته تلمح إلى عودة تدريجية للحياة الطبيعية".