ديانا بشور: نعمل على إظهار هويتنا كما الشامية كما هي دون تغيير

ربيع البعيني: ثقافة الخدمة العربية غير موجودة في أي شخص يرغب بالعمل

خليل أحمد: ارتفاع الإيجارات وإيجاد الموظف المناسب من أهم الصعوبات

لندن – كريم إمام

تتنوع المصالح والأعمال التجارية العربية في لندن بتنوع الدول العربية والثقافات التي يأتي منها أصحاب تلك المهن والأعمال،إلا أن ما يميزهم جميعا هو ذلك الترحاب والكرم العربي الذي هو جوهر ثقافتنا. وتختلف المشاكل والمعوقات التي تقف أمامهم باختلاف الظروف وطبيعة العمل والمكان،ولا شك أن هناك جوانب إيجابية وأخرى سلبية في طريق إثبات الذات وتحقيق النجاح... نتعرف خلال هذا التقرير على عدد من أصحاب المصالح التجارية العرب في لندن ونقترب أكثر من طبيعة تلك الأعمال من خلال تجاربهم الشخصية.

السكان المحليون

في البداية يقول سمير الحبّال وزوجته ديانا بشور أصحاب مطعم جوليا دومنا Julia Domna بمنطقة بوتني Putney جنوب غرب لندن: افتتحنا المطعم منذ حوالي ثلاث سنوات في شهر فبراير،واستلمنا المكان قبل ذلك بستة أشهر لإعادة تأهيله،وهنا بالحي نسبة السكان تقريبا ٩٥٪ من الإنجليز و٥٪ فقط من الأجانب،لذا كان هناك صعوبة في التواصل مع السكان المحليين وتقديم هذا النوع من الأكل لهم".

الهوية العربية والتاريخ

وتشير ديانا إلى أهمية أن يمثل صاحب العمل العربي شخصيته وهويته وتاريخه، لافتة إلى أن هناك صعوبة في إثبات وجودهم هنا، لكنهم في الوقت ذاته فوجئوا بنسبة الانجليز والأجانب الذين لديهم ارتباط بسوريا ولبنان، حيث أنهم زائرون لهذه البلدان،وحتى المدن الصغيرة، ومنهم من عاش هناك لسنوات ويعرفون التاريخ الخاص بهذه المنطقة، ومعرفتهم بالأكل تأتي ضمن هذه المعارف التي كونوها خلال زيارتهم أو إقامتهم هناك، مشيرة إلى أن ذلك سهّل أخذ خطوات أكبر لنشر المطبخ السوري واللبناني الذي لا يمكن تجزئته بأي حال من الأحوال. ديانا أكدت على أنهم يحافظون على إظهار هويتهم كما هي دون تغيير وعلى الأصول المعمولة بالمطبخ الشامي.وتستطرد: "نخبز خبز التنور الذي يعد تاريخ هذا البلد بالطحين الأبيض والأسود والماء، ونطحن الفلافل هنا بمكوناتها التي تتجاوز العشرة، فكل شيء يطبخ كما في المنزل بكل شرف وثقة، ونستطيع القول بأن معظم المواد الغذائية المستخدمة "أورجانيك"، ولا نتردد في تقديم هذه النوعية تحديدا وهو ما جعلنا نستطيع الاستمرار لسنوات ثلاثة".

ويقول سمير زوج ديانا إن إيجاد عمالة عربية أمر صعب خصوصا في هذه المنطقة من لندن، إلا أننا هنا في المطبخ وتحضير الأكل نعتمد على العمل العائلي، إلا آن إيجاد من يقدم الخدمة لايزال أمر صعب، حيث تحتاج عرب يستطيعوا تقديم المأكولات بالشكل الأمثل.

اختلاف الزبون

وحول الزبون الخاص بالمطعم تقول ديانا:" بلا شك نتمنى تحقيق انتشار بين الأوساط العربية في لندن، خصوصا أننا نقدم كل شيء به طبخ سوري ليس فقط المقبلات،وإنما الطبخات المتكاملة التي بها الأرز والخضرة مع الصوص واللحم أو الدجاج، ونتمنى تحقيق انتشار أكبر مع مستوى الأكل العربي الذي نقدمه". وهنا يلفت سمير إلى أن الزبون يهمه أمرين: هما الخدمة ونوع الأكل، ونحن نتفهم ما يريد، فنحن أيضا زبائن مطاعم ونعرف ما يريده الزبون خصوصا العربي وبماذا يهتم، وكيف يحب طريقة طبخ الطعام، موضحا أن طريقة تقديم سلطة التبولة مثلا مختلفة ما بين الزبون العربي والإنجليزي في درجة الحموضة.

أما عن أصحاب الأعمال الآخرين من العرب في لندن ومدى التواصل معهم، فتقول ديانا إن كافة موفري المواد الغذائية هم من السوريين واللبنانيين، فالمواد الموجودة لديهم لا يمكن أن نجدها عند موردين إنجليز،وعلاقاتنا ممتازة مع أصحاب المطاعم في الأحياء المختلفة، مشيرة أنه في النهاية لكل شخص ما اجتهد، ولكل مجتهد نصيب في الحياة، ونحن جميعا يجمعنا الوطن أكثر ما تجمعنا المصلحة. ونتمنى من الجميع زيارتنا والتعرف علينا وتجربة أطباقنا.

جودة المنتج

أما ربيع البعيني صاحب متجر جرين فالي Green Valley في كينسنغتون Kensington للتجارة في المواد الغذائية فيقول: افتتحنا المتجر الثاني هنا بعد الأول في شارع "ادجوار رود" حيث شعرنا بأنها منطقة واعدة تخدم مجموعة كبيرة من العرب الساكنين هنا،وهدفنا الأول هو تقديم الجودة على حساب أي شيء آخر، حيث أننا لا نسعى لأن نكون الأرخص ولكن أن نقدم أفضل ما ينتج في العالم العربي وبريطانيا من مواد غذائية متنوعة،لافتا إلى أن كل المنتجات المعروضة للبيع في المتجر تعكس ما ينتح في العالم العربي من مأكولات ومواد غذائية، حيث أن كل شركة منتجة لديها موزِّع هنا في بريطانيا، ويعرضون منتجاتهم المختلفة في جودتها على أصحاب العمل.

وبخصوص طبيعة الزبائن يشدد البعيني على أن المأكولات العربية في لندن لم تعد محببة من قبل العرب فقط بل الجميع، ففي العام ٢٠٠٠ مثلا كان الإنجليزي يعتبر الحمص أو الفلافل نوعا من الرفاهية الغريبة والأكلة المثيرة،في حين أنك اليوم تجد عشرة أنواع مختلفة من الحمص في كل المتاجر الكبيرة، وتجد الفلافل تباع في الشارع كما أي بلد عربي.

المطبخ العربي يتصد بمواجهة المطبخ الهندي

 ويعبر ربيع عن اعتقاده أنه كما دخل المطبخ الهندي إلى هنا في الماضي، دخل المطبخ العربي واللبناني تحديدا وبقوة إلى السوق الإنجليزية، وهو ما يرجع إلى التشابه بين المطبخين الإنجليزي والعربي، عند مقارنتهما بالبهارات الموجودة في المطبخ الهندي، حيث أن مأكولاتنا العربية في أغلبها طازجة وصحية.

العمالة العربية

وكصاحب عمل عربي في لندن يقول السيد ربيع الذي تحدثنا معه خلال يوم عمل أن الصعوبات التي تواجهه هي الصعوبات التي تواجه أي مصلحة عربية هنا، يأتي على رأسها توافر العمالة العربية المناسبة، فزبائن المحل يرغبون في التعامل مع أشخاص يفهمونهم ويستطيعوا تلبية احتياجاتهم من خلال طريقة الخدمة العربية المعروفة بالود والترحاب والسخاء، فثقافة الخدمة العربية ليست موجودة في أي شخص يرغب بالعمل، وهناك صعوبة حقيقية في إيجاد العمالة اللازمة على الدوام. ويستطرد: "الزبون العربي يتوقع دائما الخدمة الأفضل من المحلات والأعمال العربية، كما أنه يتوقع أن تقدم الخدمة حالا في التو، وأن تحمل الحقائب إلى السيارة مثلا، وهو ليس بالضرورة نفس ما يتوقعه من مصلحة إنجليزية".

لندن مدينتنا

ويصف صاحب البقالة لبناني الأصل لندن بأنها عاصمة العالم المذهلة، حيث أننا جميعا محظوظون بأن نكون في هذه المدينة التي استقبلتنا بأياد مفتوحة لنستطيع القول بأنها مدينتنا، وهو ما لا تجده في مدن أخرى دون أن تعمل على التوافق والتأقلم معها، حيث لا ضغوط للتخلي عن الهوية، فالحياة الاجتماعية العربية موجودة في لندن والمأكولات العربية باتت أكثر جاذبية ورغبة.

 وأنهى ربيع حديثة بالإشارة إلى أن الأعمال العربية في لندن تعمل سويا وتتعاون، مبديا اعتقاده بأن ذلك أمر جيد للمجتمع العربي أن نساعد وندعم بعضنا، مشددا على أن قدامى التجار ورجال الأعمال يعرفون بعضهم البعض ويتعاملوا باحترام واحترافية.

فوارق الطبيعة

أما العراقي خليل أحمد صاحب مغسلة وخياط وايت بابِل White bubble الذي افتتح المكان منذ عامين فيشير إلى أنه لم يكن لديه مشكلة في تحديد طبيعة العمل التجاري حيث كان يقوم بنفس الشيء في العراق ببغداد، لافتا إلى أن أهم الفوارق فيما يخص بيئة العمل تتمثل في طبيعة المكان وجودة الخدمة المقدمة، إضافة إلى الزبائن أنفسهم وطرق التعامل التي تتفاوت بحسب الخلفية والثقافة وطبيعة المجتمع. لافتا إلى الاختلاف أيضا في طبيعة الملابس التي تأتينا سواء للغسيل والكي أو للخياطة وهو ما يعود لطبيعة الطقس فبلا شك الملابس هنا أكثر.

الموظف المناسب

وبالرغم من أن هذه المهنة لا تتطلب التحدث باللغة العربية أو إتقانها على الأقل، إلا أن أحمد يعيد تكرار أن أهم صعوبة تواجهه هي إيجاد الموظف المناسب للعمل، مشيرا إلى أنه لابد أن تتوافر لدى العامل في المغسلة مواصفات معينة حتى لا يتأثر العمل سلبيا، كما أشار إلى المشاكل التي تتعلق بالتعويض في حال تم إتلاف أي من الملابس، وفي هذه الحالة نحاول أن نراض العميل بمبلغ معين لتعويض خسارته.

كما أكد أن لندن كمدينة غالية جدا والتكاليف بها مرتفعة سواء من حيث الإيجارات أو المواد الأولية المستخدمة في العمل، إضافة إلى المعيشة من حيث الأكل والمواصلات والخدمات المختلفة.

استخدم أدوات محرر هتمل عبر الإنترنت لإنشاء محتوى موقعك على الويب بسهولة في متصفح الويب.

السابق تخفيض حد الرواتب الأدنى للمهاجرين إلى بريطانيا
التالي ورشة عمل برقصات و أكلات عربية في مدرسة إيرلندية