عرب لندن – لندن
صباح اليوم السبت، استفاق البريطانيون ليجدوا أنفسهم خارج الاتحاد الأوروبي، فيما استيقظ الأوروبيون المقيمون في بريطانيا ليتساءلوا عن مستقبلهم داخل بلاد باتت اليوم خارج ناديهم الأوروبي.
وبين صحف متفائلة ترى أن بريطانيا استعادة قرارها، وصحف متشائمة تعتقد أن لندن قفزت قفزة في الهواء، تعددت الآراء في صحافة اليوم الأول بعد الطلاق مع أوروبا.
صحيفة الفايننشال تايمز مقالا افتتاحيا تقول فيه إن بريطانيا خرجت من الاتحاد الأوروبي، وبدأ الآن العمل الحقيقي الذي ينتظر الحكومة في مفاوضاتها من أجل التوصل إلى اتفاق تجاري مع التكتل.
وتقول الصحيفة إن بريطانيا استيقظت اليوم على مرحلة جديدة من تاريخها. فقد كانت علاقاتها مع العالم في 47 عاما الماضية مرتبطة بعضويتها في الاتحاد الأوروبي.
وسيحتفي فريق من الناخبين بهذه المرحلة الجديدة باعتبارها فرصة لبريطانيا لترسم بنفسها طريق مستقبلها، بينما يأسف فريق آخر على الخروج من التكتل الأوروبي. ولكن بريطانيا خرجت من الاتحاد وانتهى النقاش بشأن هذه القضية.
وترى الفايننشال تايمز أن التحديات التي تواجه الحكومة هي من جهة رأب الصدع الذي أحدثه الاستفتاء على الخروج من الاتحاد الأوروبي، ومن جهة أخرى وضع إطار جديد للعلاقات مع الاتحاد يحمي وحدة البلاد.
وتضيف أن الحكومة وعدت بالاستثمار في البنى التحتية وأعلنت إجراءات وتدابير تجعلها أكثر تحكما في الاقتصاد، والخروج من الاتحاد الأوروبي سيعقد مهمتها. فهي تسعى إلى إرساء الانسجام الاجتماعي في الوقت الذي تواجه تحديات دستورية كبيرة.
فمهما كانت طبيعة الخروج من الاتحاد الأوروبي فإن اقتصاد بريطانيا سيكون أصغر مما كان عليه ضمن التكتل. وبما أن الحكومة ترفض البقاء في الاتحاد الجمركي والسوق الموحدة فإنها تختار اتفاق التجارة. وبذلك يكون بوريس جونسون حسب الفايننشال تايمز قد اختار الطريق الأصعب.
ولكن الصحيفة تقول إن امتياز جونسون عن سلفه تيريزا ماي هو أنه يملك أغلبية مريحة في البرلمان.
وتضيف أن التقييم العقلاني لمصالح بريطانيا يحتم عليها أن تبقى أقرب ما يمكن من الاتحاد الأوروبي، فتحافظ على التعاون الأمني وتبادل المعلومات الاستخباراتية مع الاتحاد.
الوداع والعلاقة مع بروكسل وواشنطن
ونشرت صحيفة التايمز على صدر صفحتها الأولى تقريرا بعنوان "الوداع للاتحاد الأوروبي"، وتشير فيه إلى احتفال أنصار الخروج من الاتحاد الأوروبي في ساحة البرلمان رافعين الأعلام البريطانية.
وتقول الصحيفة في تقريرها إن صفحة قد طويت. وفتحت بريطانيا فصلا جديدا من تاريخها. ولكنها ليست النهاية، إنما هي نهاية البداية. وأمام بريطانيا كم هائل من المفاوضات والتهديد والتنازلات لترسم مستقبل علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي.
وتذكر الصحيفة أن العلم البريطاني أنزل أمام المفوضية الأوروبية والبرلمان الأوروبي دون مراسم. كما أغلقت حسابات الدبلوماسيين والنواب البريطانيين في أجهزة الاتحاد في بروكسل.
وقالت رئيسة الحكومة في اسكتلندا إن بلادها أخرجت من الاتحاد الأوروبي ضد رغبة أغلبية شعبها.
أما الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون فقد وجه رسالة إلى "أصدقائه البريطانيين" عبر فيها عن حزنه، قائلا: "إن خروج بريطانيا صدمة للأوروبيين"، مضيفا أن بريطانيا لم تكن من الدول المؤسسة للاتحاد الأوروبي في عام 1950 ولكننا مدينون لها بالكثير.
وربما كانت المستشارة الألمانية، حسب التايمز، الأكثر تشاؤما، إذ قالت إن خرورج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "جرح غائر" في أجسامنا، مشيرة إلى أن المفاوضات في المرحلة المقبلة لن تكون سهلة.
أما سفير الولايات المتحدة في لندن، وودي جونسون، فقال: رسالتي إلى بريطانيا بسيطة وهي أنها "لن تجد صديقا ولا حليفا وشريكا أفضل من الولايات المتحدة".
ماذا بعد؟
أما صحيفة آي فقد أصدرت نشرة خاصة بالحدث وعلى صدر صفحتها الأولى تساءلت ماذا بعد؟
ويقول أوليفر داف في مقال افتتاحي إن بريطانيا استعادة السيطرة على شؤونها، ماذا بعد يا رئيس الوزراء؟
ويذكر أنه بعد 1317 يوما وثلاثة رؤساء وزراء وانتخابات عامة مرتين خرجنا من الاتحاد الأوروبي. هل يعتبر هذا حلما تحقق أم لحظة حزن عميق.
ويضيف أن السؤال الذي لم يطرحه الاستفتاء، وما عجز مهندسو الخروج في الإجابة عنه مدة ثلاثة أعوام ونصف هو ما الذي سيحدث بعدها. هنا يبدأ العمل الشاق.
تستعيد السيطرة على شؤونك، نعم. لن يكون بمقدور السياسيين إلقاء اللوم على بروكسل من الآن فصاعدا. ولكن ماذا بعد.
ويذكر أوليفر أن جونسون طلب منا النظر إلى اليوم ليس على أنه نهاية بل بداية. ولكن كلامه، حسب الكاتب، لن تكون له مصداقية إلا بعدما يشرح لنا بالتفصيل خطته للخروج من الاتحاد الأوروبي.
فما نعرفه حتى الآن هو أنه اختار الطريق الأصعب المتمثل في اتفاق تجارة حرة، ولكن ما هي خطته في الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي. وما هو الدور العالمي الذي يتصوره لبريطانيا. فعندما يشرح لنا أهدافه يمكننا أن نحاسبه على إنجازها.
ويرى أنه عليه أن يخوض في التوافقات المطلوبة في محاولة للتوازن بين المصالح المتضاربة داخليا ومع حلفاء بريطانيا على المستوى الدولي. وما هو الذي يستعد لدفعه من أجل التوصل إلى اتفاق تجاري.