عرب لندن
اجتاز مئات الهنود السيخ، يوم أمس، السبت، الحدود الهندية الباكستانية، عبر ممر صمم خصيصا لتمكينهم من التوجه إلى واحد من أقدس مواقعهم في باكستان، في خطوة رمزية كبيرة للتعاون بين البلدين المتحاربين منذ عقود.
ويفترض أن يسمح فتح هذا الممر، الذي تنتظره الهند منذ سنوات، لآلاف الزوار السيخ بالمشاركة من دون تأشيرات دخول في الاحتفالات بالذكرى ال550 لولادة مؤسس ديانتهم في الأيام المقبلة.
ويقع ضريح غورو ناناك في مدينة كرتابور الباكستانية الصغيرة، على بعد أربعة كيلومترات فقط عن الحدود الهندية.
وبعد انتظار لساعات، فتحت البوابة البيضاء التي تقع على الحدود بين البلدين قبيل الساعة 14,00 (09,00 ت غ)، ومر عبرها حشد في أجواء من الفرح، قبل أن يستقلوا حافلات لتنقلهم إلى وجهتهم.
وقال سورجيت سينغ باجوا، الذي قدم من مدينة باثانكوت في الهند، وقد بدا عليه التأثر "بشكل عام يقول الناس إن الله موجود في كل مكان، لكن هذه المسيرة تمنحني شعورا بأنني سأذهب لطلب مباركة غورو ناناك مباشرة".
وبين أوائل الزوار الذين عبروا الممر رئيس الوزراء السابق مانموهان سينغ، الذي اعتبر ذلك "لحظة عظيمة". وقال للتلفزيون "آمل أن تتحسن العلاقات بين باكستان والهند بعد فتح كرتاربور".
وفي خطاب في مديرية ديرا بابا ناناك، قال رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي قبيل فتح البوابة أن "فتح هذا الممر في كرتاربور صاحب قبل عيد ميلاد غورو ناناك ال550 يغمرنا بالسعادة".
وشكر نظيره الباكستاني عمران خان على "تعاونه" في فتح الممر. وقال مودي "أود أن أشكر رئيس وزراء باكستان عمران خان، على احترام مشاعر الهند. أشكره على تعاونه".
وبعيد ذلك، تحدث خان في كرتابور أمام تمثال ضخم يمثل أحد الرموز الخمسة لديانة السيخ، مهنئا آلاف الزوار الذين تجمعوا أمامه وأولئك الذين جعلوا هذا الأمر ممكنا "في عشرة أشهر فقط".
ومنذ فجر السبت بدأ مئات من السيخ المعممين يتدفقون على الموقع على جانبي الحدود.
وتعد كرتاربور من أكثر الأماكن قداسة للسيخ الذين يقدر عددهم بنحو ثلاثين مليون شخص في العالم، يعيش ملايين منهم في الهند ونحو عشرين ألفا في باكستان.
وحتى اليوم، كان من الصعب جدا على الهنود منهم زيارة الموقع بسبب القيود المفروضة على منح تأشيرات دخول نظرا للأوضاع الجيوسياسية بين البلدين منذ استقلالهما عن بريطانيا في 1947.
وكان تقسيم الهند وظهور باكستان بعنف بعد انتهاء الاستعمار، أدى إلى أكبر موجة هجرة في التاريخ، وتسبب بموت مليون شخص على الأقل.
ووجدت العديد من العائلات المسلمة والهندوسية نفسها فجأة مشتتة في فوضى التقسيم، وما زالت عاجزة عن التجمع من جديد بسبب الصعوبات المرتبطة بالحصول على تأشيرات.
وحالت سنوات من الفتور الدبلوماسي بين البلدين اللذين تواجها في ثلاث حروب منذ 1947، دون تنفيذ مشروع الممر الذي طلبته الهند. ولكنه ينفذ الآن بينما تشهد العلاقات بين القوتين النوويتين صعوبات كبيرة.
وتتنازع الهند وباكستان منطقة كشمير، وخاضتا ثلاث حروب من أجلها خلال 72 عاما. وقد كادتا تتواجهان من جديد في شباط/فبراير، ويحاول كل منهما كسب تأييد الأسرة الدولية لموقفه.
ومع ذلك وقع البلدان في تشرين الأول/أكتوبر اتفاقا يهدف إلى تسهيل هذه الرحلة الدينية بعد مفاوضات شاقة استمرت أشهرا.
ويمكن أن يستقبل موقع كرتاربور الذي تم ترميمه وتوسيعه وزود بجسر جديد ونقطة تفتيش للهجرة، عددا من الزوار يصل إلى خمسة آلاف حاج يوميا.
ووصل العديد من أتباع الطائفة من جميع أنحاء العالم -- بعد حصولهم على تأشيرات دخول -- إلى باكستان في الأيام الأخيرة للمشاركة في الاحتفالات، حسبما لاحظت وكالة فرانس برس.
وقالت الهندية مانيس كاور وادا بالقرب من الموقع إن "ما كنا نأمل به طوال حياتنا يتحقق ولم نتخيل يوما أن ذلك سيحدث". وأضافت "منذ الطفولة روى لنا أجدادنا الكثير من القصص حول باكستان وكيف كانوا يأتون إلى هنا لكننا لم نتصور أننا يمكن أن نرى الموقع وأن تنتابنا مثل هذه المشاعر".