مانشستر- ابتسام كريم

في الوقت الذي تنتفض فيه بغداد وكربلاء، والنجف، والناصرية، ومدن عدة عم شوارعها وتردد بصوت واحد: "الشعب يريد إسقاط النظام"، يخرج عراقيو مانشستر ليرد التحية بأحسن منها ويكرروا ما صدحت به حناجر إخوانهم في الداخل.

 مظاهرات تطالب بحياة أفضل، ومستقبل مشرق فقرب نصب الحرية، الذي أبدعته أيدي الفنان العراقي جواد سليم في خمسينات القرن الماضي، وهو رمز للتخلص من العبودية، طالب العراقيون بالحرية. وفي ساحة التحرير، التي تتوسط العاصمة بغداد، أرادوا التغيير، ووضع حد للفساد الحكومي المستشري منذ 16 عاما، أي منذ الغزو الأمريكي في 2003.

المتظاهرون أرادوا إصلاحات اجتماعية واقتصادية، وتحسين مستوى الخدمات في العراق، ليرتفع بعد ذلك سقف مطلبهم إلى إخراج العراق من التبعية الإيرانية، وإنهاء التدخلات في العملية السياسية، وقد قامت القوات الأمنية بإطلاق النار على المتظاهرين، ليسقط عدد كبير من القتلى والجرحى.

وقد دخلت المظاهرات والاحتجاجات شهرها الثاني، مستقطبة كل شرائح المجتمع العراقي، دون استثناء. ليصل مداها إلى كل الجاليات العربية والعراقية في كل دول العالم، التي وقفت بدورها متضامنة مع إرادة الشعب وتطلعاته.

وهنا في مانشستر خرج العراقيون في الثالث من نوفمبر، عربا وكردا، مسلمين ومسيحيين، ومن كل أطياف الجالية، في مظاهرة تؤيد وتساند إخوانهم في ساحات التظاهر, فحلمهم واحد، ووطنهم واحد، والمهجر لا يحول بينهم وبين انتمائهم .

الصمود رسالتنا إليكم

عرب لندن كانت معهم لتنقل نبض مشاعرهم وصوتهم الذي يؤيد الحراك الثائر في أرض الوطن، ومن وسط هذه الجموع التقت أناسي سعد، التي أرادت أن يسمع صوتها السياسيون العراقيون قائلة لهم :"عليكم أن تستجيبوا لرغبة الشارع العراقي، ورغبتنا نحن الشباب الذين ولدوا وترعرعوا خارج أرض الوطن. الرسالة ليست فقط إلى رئيس الوزراء، بل إلى كل الأحزاب الفاسدة، ومن يحاول قمع الثورة وتهميش مطالب الشعب. الشباب الذي يقود هذا الغضب الساطع قادر على بناء الوطن، بل وقادر على تحقيق الأمن والأمان، لأن السياسيين أثبتوا فشلهم على مدار سنوات". ووجهت أناسي عبر عرب لندن رسالة إلى المتظاهرين، حثتهم فيها على الصبر، لأن بعده فرج قريب بإذن الله تعالى.

الحاجة زكية

كما ضمت الحاجة زكية حسين صوتها إلى صوت المتظاهرين، ومطالبهم، قائلة :"لقد ضقنا ذرعا بالحكومات المتوالية التي تعيث فسادا بالعراق، وتنهب خيراته، ونحن هنا في بريطانيا نشد على أيدي إخواننا وأبنائنا في العراق،صحيح تفصلنا مسافات طويلة عنهم، ولكن قلوبنا معهم، وعليهم أن يكملوا طريقهم نحو الحرية وتحقيق التغيير المنشود الذي هو حلم كل عراقي.

الفساد نخر العراق

أصوات المتظاهرين كانت تتصاعد غضبا كي يسمع صوتهم وصوت إخوانهم، ويلتفت العالم أجمع عساه يقف مع قضيتهم. فالسياسي العراقي لم يعد كفئا، ولم يعد قادرا على اتخاذ القرار، لأنه مسلوب الإرادة كما قال السيد عبد الحميد عبد الجبر، ويضيف قائلا :"لم يكن للعراق سيادة منذ 2003، أي منذ الغزو الأمريكي على العراق بحجة امتلاكه أسلحة الدمار الشامل". ويضيف الجبر: "قد أثبت المستقبل كذبهم على العالم أجمع، ولكن بعد أن قتل أكثر من 3 ملايين عراقي، ليقطعوا بعدها كل الأيادي الشريفة من أجل وصول الفاسدين إلى سدة الحكم، ويسيطروا على كل مفاصل الحياة.

ليتركوا الشعب يعيش

لذا ومن هذا المكان نريد أن نقول كلمتنا "ليتركوا الشعب يعيش ويبدع وينتج، كما نقول لكل الشرفاء في ساحة التظاهر لا تهابوا رصاص الغدر، يجب أن تستمر هذه الثورة وتحقق مبتغى كل العراقيين".

كما شكر الدكتور رياض الحمداني كل الذين أرادوا بث الفتنة الطائفية بين أبناء شعبنا، لأنهم كما يقول جعلوا منا مواطنين متوحدين، فقد مرت سنوات طويلة لم نشعر أبدا بمثل هذه الوحدة والتكاتف مثلما نشعر به اليوم. في الماضي لم نكن نتحدث عن شيعي أو سني، فلم تكن الطائفية في قاموسنا يوما، إذ كان الجميع يعيش بسلام. لقد قسموا العراق إلى أطياف وملل من أجل تدميره. الشباب الذين يتظاهرون اليوم من أجل تحسين واقع البلد، الذي يزداد بؤسا بسبب الحكومات الفاسدة المتعاقبة على حكم البلاد. الشباب اليوم هم أكثر وعيا وإدراكا ونضجا، وقد فهموا المغزى من هذه المخطط المراد منها تدمير العراق، نريدهم أن يعرفوا أننا معهم سنبقى ندعمهم ماديا ومعنويا.

ثورة العراق في أرقام

  • 1 من أكتوبر بدأت الانتفاضة في بغداد، وجميع محافظات جنوب العراق .

  • 146 قتيلا حصيلة الأسبوع الأول من الانتفاضة.

  • 25 من أكتوبر استشهاد 40 مواطنا و1700 مصاب .

  • 26 من نوفمبر 63 شهيدا و2092 مصابا.

  • 28 من نوفمبر سقط 5 شهداء .

  • تم اعتقال 158 متظاهرا.

  • 29 من نوفمبر سقط أكثر من 14 شهيدا في محافظة كربلاء.

  • وقد أكدت مفوضية حقوق الإنسان أن حصيلة التظاهرات منذ انطلاقها في مطلع أكتوبر بلغت أكثر من 260 شهيدا و12 ألف جريح.

السابق دراسة لمعهد إيفوب: 40 % من مسلمي فرنسا عانوا من العنصرية والكراهية
التالي "الشيوخ الفرنسي" يقر مشروع قانون يحظر "حجاب الأمهات"