عرب لندن
كشفت تحقيقات صحفية حصرية أجرتها صحيفتا Declassified UK وThe Ditch عن تورط شركة هندسية بريطانية في توريد أكثر من ألف حاوية ذخيرة إلى شركة إسرائيلية تعد من الموردين الرئيسيين لجيش الاحتلال الإسرائيلي، في ظل تصاعد العمليات العسكرية في قطاع غزة.
الشركة البريطانية "بيرمويد إندستريز" Permoid Industries، ومقرها في مدينة دورهام شمال إنجلترا، قامت منذ أكتوبر 2023 حتى أبريل 2025 بشحن 16 شحنة ضخمة من حاويات تخزين تزيد أوزانها عن 100 طن إلى شركة "إلبيت سيستمز" Elbit Systems الإسرائيلية التي تقع في رامات هشارون وحيفا. هذه الحاويات مخصصة لنقل وتخزين ذخيرة مدفعية وقذائف هاون من عيارات 122 ملم و155 ملم، والتي تم استخدامها في العمليات العسكرية في غزة والتي وثقت انتهاكات واسعة بحق المدنيين.
وعلى الرغم من رفض شركة "بيرمويد" الإدلاء بتصريحات رسمية، تؤكد معلومات منشورة على موقعها الإلكتروني إنتاجها "مجموعة واسعة من حاويات الذخيرة" المستخدمة لتخزين الذخيرة المحزومة والقذائف، ما يثير تساؤلات حول مسؤوليتها المباشرة أو غير المباشرة في عمليات تسليح قد تسهم في ارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان.
وتُعتبر "إلبيت سيستمز" المزود الرئيسي للأسلحة البرية والطائرات المسيّرة للجيش الإسرائيلي، وهي الشركة التي تقوم بتصميم وتصنيع أنظمة المدفعية وقذائف الهاون التي تستخدم بشكل مكثف في العمليات العسكرية على الأراضي الفلسطينية.
ويأتي هذا الكشف في سياق تصاعد الاحتجاجات الشعبية في بريطانيا التي تطالب الحكومة بوقف تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، وسط اتهامات متكررة للحكومة بالتغاضي عن دور الشركات البريطانية في دعم آلة الحرب الإسرائيلية التي تواجه اتهامات بارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
وعلق الناشط والجنرال البريطاني السابق جو جلينتون، في إطار حملة "فورس ووتش"، قائلاً: "إن الخطابات الرسمية للحكومة البريطانية تفتقد إلى المصداقية إذا لم تترافق مع حظر شامل وفوري على مبيعات الأسلحة لإسرائيل، التي تمول من خلالها عمليات قمع وقتل المدنيين".
وتُظهر وثائق الشحن أن 360 حاوية من هذه الشحنات أُرسلت خلال أبريل 2025، وهو ما يصادف ذروة تصعيد العدوان الإسرائيلي على غزة وفرض حصار عسكري يضاعف من معاناة المدنيين.
وكذلك، كشفت التحقيقات عن استخدام شركة الشحن الإسرائيلية "زيم" (Zim) في نقل هذه الحاويات إلى ميناء أشدود، مما يعكس تعقيدات الشبكة اللوجستية الداعمة للعمليات العسكرية الإسرائيلية.
ورغم إعلان وزارة الأعمال البريطانية تعليق تراخيص تصدير السلع العسكرية التي يمكن استخدامها في انتهاكات القانون الدولي الإنساني، إلا أن هذه الإجراءات لم تمنع استمرار توريد مواد تسهم بشكل مباشر في استمرار العمليات العسكرية في غزة.
يُذكر أن حاويات الذخيرة التي تنتجها "بيرمويد" بالتعاون مع شركات دولية أخرى، تستخدم لحمل صواريخ "هيلفاير" و"لونغبو" الأمريكية الصنع، التي استُخدمت في قصف مدني تسبب في مقتل عشرات المدنيين، كما هو موثق في حادثة قصف مدرسة في النصيرات بغزة.
ويؤكد هذا التحقيق الحاجة الملحة لإعادة النظر في سياسات تصدير الأسلحة والدور الذي تلعبه الشركات البريطانية في النزاعات المسلحة، خصوصًا في ظل المعايير الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي.