عرب لندن
لم يستبعد المدير العام لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، تيم دايفي، إعادة الفيلم الوثائقي "غزة: كيف تنجو من منطقة حرب" إلى منصة iPlayer، رغم اعترافه بوجود "عيوب جسيمة" في إنتاجه، بعدما تبين أن راوي الفيلم، عبد الله اليازوري (13 عامًا)، هو نجل نائب وزير الزراعة السابق في حكومة حماس.
وكانت "بي بي سي" قد حذفت الفيلم بعد تعرضه لانتقادات واسعة، خاصة بعد أن كشفت صحيفة جويش كرونيكل عن صلة الراوي بحماس.
وتصاعدت الضغوط عقب مطالبة 45 صحفيًا يهوديًا بإزالته، إلى جانب تدخل السفيرة الإسرائيلية في لندن ورئيسة حزب المحافظين كيمي بادينوك، التي دعت إلى فتح تحقيق في شبهة تمويل حماس خلال إنتاج الفيلم.
وخلال جلسة استماع أمام لجنة الثقافة والإعلام والرياضة في البرلمان أمس، أوضح دايفي أنه قرر إزالة الفيلم بسبب فقدان الثقة في دقته التحريرية، لكنه لم يستبعد إعادته بعد مراجعة شاملة. وقال: "لا أستبعد أي احتمال. لقد أجرينا مراجعة أولية أظهرت وجود أخطاء، لكننا نحتاج إلى تحليل دقيق قبل اتخاذ قرار نهائي."
ويذكر أن الفيلم أُزِيل من iPlayer بعد أن تبيّن أن عائلة المسؤول في حماس تلقت مدفوعات مالية من "بي بي سي"، وهو ما اعتبره دايفي أحد العيوب الجسيمة في عملية الإنتاج. وأكد أن الخطأ الأكبر كان عدم اكتشاف هذه العلاقة منذ البداية، إلى جانب إشكاليات في طريقة صناعة الفيلم.
وأضاف: “بصفتي رئيس التحرير، يجب أن أكون واثقًا من دقة المحتوى التحريري وطريقة إنتاجه. في مرحلة ما، فقدتُ الثقة في العمل، ولذلك قررت إزالته بسرعة ريثما تُجرى مراجعة شاملة.”
وتلقى فيلم "غزة: كيف تنجو من منطقة حرب" 500 شكوى من مشاهدين اتهموه بالانحياز ضد إسرائيل، بينما طالب 1,800 شخص بإعادته إلى منصة iPlayer.
وأثار الفيلم تساؤلات حول نزاهة تغطية "بي بي سي" للحرب في غزة، مما دفع الهيئة إلى بدء مراجعة أوسع لسياستها التحريرية في الشرق الأوسط.
وأشار سمير شاه، ورئيس مجلس الإدارة "بي بي سي"، إلى أن التحقيقات كشفت عن "إخفاقات خطيرة" في إنتاج الفيلم، مؤكدًا أن ما حدث يمثل "لحظة سيئة للغاية" بالنسبة للهيئة. وأضاف: "هذا يضرب في صميم ادعائنا بالحياد والمصداقية".
كما أكد شاه أن التحقيقات ستشمل مراجعة مستقلة لكيفية تغطية "بي بي سي" للصراع في الشرق الأوسط، نظرًا لتلقي الهيئة شكاوى من جميع الأطراف. وقال: "نحتاج إلى تقييم مدى نجاحنا في تغطية هذا الموضوع الحساس."
من جانبه، حذر اللورد غريد، رئيس هيئة تنظيم الإعلام (Ofcom)، من أن الهيئة قد تتدخل إذا لم تكن المراجعة الداخلية لـ "بي بي سي" كافية.
وفي رسالة رسمية، قال غريد "إن Ofcom لديها "مخاوف مستمرة" بشأن خطورة الإخفاقات وتأثيرها السلبي على ثقة الجمهور في صحافة "بي بي سي".
ورغم الجدل الكبير، لم يحدد تيم دايفي، المدير العام لـ "بي بي سي"، جدولًا زمنيًا لقرار نهائي بشأن إعادة الفيلم. لكنه شدد على أن أي خطوة ستتم بعد "دراسة هادئة" للأوضاع المحيطة بالقضية. وقال: "العمل الصحفي الشرعي في غزة مهم، وأصوات الأطفال هناك يجب أن تُسمع، لكن يجب أن نفهم الأخطاء التي وقعت قبل اتخاذ أي قرارات."