عرب لندن
كشفت كاريشما باتيل، المذيعة والصحفية السابقة في هيئة الإذاعة البريطانية (BBC)، أن استقالتها كانت نتيجة لما وصفته بـ "القصور الكبير في النزاهة التحريرية" خلال تغطية الهيئة للحرب الإسرائيلية على غزة، مشيرة إلى أن الجدل المثار حول سحب الفيلم الوثائقي "كيف تنجو من منطقة حرب" هو مجرد تشتيت للانتباه عن قضية أكبر تتعلق بتغطية الأحداث في غزة.

ووفقاً لموقع "الاندبندت" Independent، فقد استعرضت باتيل، التي عملت كمقدمة أخبار وصحفية متخصصة في تغطية قضايا الشرق الأوسط، تجاربها أثناء تغطية أحداث غزة، مشيرة إلى حادثة مؤلمة شهدتها أثناء متابعة قصة الفتاة الفلسطينية هند رجب. وقالت باتيل إنها في أحد الأيام، بينما كانت تتابع محاولات الهلال الأحمر الفلسطيني لإنقاذ الفتاة، فوجئت بعدم تغطية الهيئة قصتها في ذلك اليوم. وأضافت: "لم يتم ذكر اسم الفتاة إلا بعد أن قُتلت إثر إطلاق النار عليها من قبل الجيش الإسرائيلي أثناء تواجدها في السيارة، حيث أطلقوا عليها 300 رصاصة".

وأوضحت باتيل أن الهيئة أخفقت أيضًا في منع الأطفال الفلسطينيين من مشاهدة الفيلم الوثائقي "غزة: كيف تنجو من منطقة حرب"، بعد أن تعرض الفيلم لضغوط خارجية بسبب ارتباط الراوي البالغ من العمر 13 عامًا بنائب وزير الزراعة في حكومة حماس. وقالت باتيل: "لقد خذلت هيئة الإذاعة البريطانية هند. وكان بإمكانهم الاحتفاظ بالفيلم مع سياقه الكامل، مؤكدين على الحقيقة الأساسية في الفيلم: أن إسرائيل كانت تلحق الضرر بالأطفال الفلسطينيين".

وفيما يتعلق بالجدل الأخير حول سحب الفيلم، لفتت باتيل إلى أن أكثر من 1000 شخص من بينهم شخصيات بارزة مثل جاري لينيكر وميريام مارجوليس وقعوا على رسالة مفتوحة تدين هذا القرار. وأضافت: "كان من الممكن أن تكون هذه فرصة لإبراز الحقيقة، لكن الهيئة اختارت التنصل منها تحت ضغط سياسي".

وأثناء جلسة استجواب أمام لجنة الثقافة والإعلام والرياضة في البرلمان البريطاني، أقرّ المدير العام لهيئة الإذاعة البريطانية، تيم ديفي، ورئيسه الدكتور سمير شاه، بالحاجة إلى مراجعة شاملة لعمل الهيئة في تغطية قضايا الشرق الأوسط، مع الإشارة إلى وجود "عيوب خطيرة" في عمل الفيلم الوثائقي.

وباتيل، التي عملت في الهيئة لمدة خمس سنوات، أكدت أن الحرب في غزة كانت تشهد "مستوى صادمًا من التناقض التحريري" من قبل الصحفيين، الذين كانوا يتجنبون التعامل مع الأدلة الموثوقة بسبب الخوف من التورط في مواقف سياسية حساسة. وأوضحت أن الهيئة تأخرت بشكل مقلق في اعترافها بالحقائق المتعلقة بالحرب الإسرائيلية على غزة، وهو ما ساهم في خلق حالة من التعتيم الإعلامي على الجرائم الإسرائيلية.

وقالت باتيل: "لقد تجاوزنا النقطة التي أصبح فيها الحديث عن الجرائم الإسرائيلية وحقوق الإنسان قابلًا للنقاش. هناك أدلة كافية من الفلسطينيين على الأرض ومنظمات الإغاثة والهيئات القانونية تؤكد ما حدث". وأضافت أن هذا التردد في اتخاذ مواقف واضحة ساهم في تغذية "حرب إعلامية" وتضليل الرأي العام.

وفي ختام مقالها، أكدت باتيل أن الصحافة يجب أن تقوم على تقديم استنتاجات مدعومة بالأدلة، وليس على "التوازن" المضلل بين الأطراف المتنازعة. وأشارت إلى أنه في سياق تغطية غزة، لا يمكن تجاهل الواقع: "وظيفة الصحافي ليست الإبلاغ عن احتمال حدوث شيء، بل تقديم الحقيقة بناءً على الأدلة المتاحة. هناك عاصفة قادمة، ويجب على الإعلام أن يتعامل معها بالشجاعة والشفافية".

كاريشما باتيل هي مذيعة وصحفية سابقة في هيئة الإذاعة البريطانية، وقد غطت العديد من القضايا الكبرى مثل جائحة كوفيد-19 وغزو روسيا لأوكرانيا.

السابق احتجاجات فلسطينية في قلب المملكة المتحدة: تسلق "بيج بن" وتخريب في ملعب ترامب باسكتلندا!
التالي وفاة أم بعد أن علقت رأسها بين صخور الواجهة البحرية في حادث مأساوي