عرب لندن
ابتكر العلماء جهازًا ثوريًا يمكنه إعادة إنشاء نكهات الطعام والشراب، مما يتيح مشاركتها عن بُعد في غضون ثوانٍ، وهو ما قد يغير بشكل كبير من تجربة الواقع الافتراضي والواقع المعزز. وأطلق العلماء على هذا الجهاز اسم "e-Taste"، ويعد هذا الاختراع خطوة كبيرة نحو جعل التجارب الافتراضية أكثر غمرًا وواقعية.
وفقا للدراسة التي نشرتها مجلة Science Advances، يتمتع جهاز "e-Taste" بقدرة فريدة على تحفيز إحساس التذوق لدى المستخدمين، حيث يعتمد على منصة استشعار تُسمى "اللسان الإلكتروني" التي تلتقط البيانات المتعلقة بتركيز خمس مواد كيميائية مختلفة مسؤولة عن التذوق. يتم إرسال هذه البيانات إلى جهاز آخر يستخدم مضخات كهرومغناطيسية لدفع السوائل عبر طبقة من الجل تحتوي على هذه المواد الكيميائية، مما يسمح بتوصيل النكهات مباشرة إلى الفم.
وتشمل المواد الكيميائية التي يمكن للجهاز تحفيزها: الجلوكوز (الذي يخلق طعمًا حلوًا)، وحمض الستريك (الذي يسبب طعمًا حامضًا)، وكلوريد الصوديوم (الذي يعطي طعمًا مالحًا)، وكلوريد المغنيسيوم (الذي يخلق طعمًا مريرًا)، والغلوتامات (الذي يثير طعم الأومامي الشهير). بالإضافة إلى ذلك، يمكن للجهاز توجيه هذه النكهات إلى مناطق معينة من اللسان، ما يعزز تجارب التذوق ويساهم في فهم أفضل لإدراك التذوق البشري.
وعلى الرغم من التقدم الكبير، يعترف الفريق بأن هناك تحديات مستمرة في تطوير الجهاز، خاصة فيما يتعلق بإعادة إنتاج نكهات التوابل والدهون، والتي لم يتمكن الجهاز بعد من محاكاتها بشكل فعال. لكنهم أشاروا إلى أن النتائج الأولية كانت واعدة للغاية. ففي اختبار أجري على 10 متطوعين، أظهر المشاركون قدرة على تمييز درجات الحموضة في السوائل التي ينتجها النظام بدقة بلغت 70%. كما أظهرت مجموعة أخرى من الاختبارات دقة بنسبة 87% في تحديد نكهات مأكولات مثل عصير الليمون والكعك والبيض المقلي، مما يبرز قدرة النظام على محاكاة نكهات متنوعة بدقة.
ومن جانبها، رحبت ماريانا أوبريست، أستاذة الواجهات متعددة الحواس في جامعة لندن، بالتطورات التي حققها الفريق، معتبرة أن تحفيز التذوق يمثل تحديًا كبيرًا في هذا المجال، لكنها أضافت أن هذا الاختراع يقدم تكاملًا مقنعًا يمكن أن يعزز التجارب الرقمية بشكل كبير.
ويعتقد الباحثون أن جهاز "e-Taste" يمكن أن يجد تطبيقات واسعة في عدة مجالات، مثل الألعاب الغامرة، والتسوق عبر الإنترنت، والتعليم عن بُعد، بالإضافة إلى مجالات البحث الطبي وإدارة الوزن. كما يرى الفريق أن هذه التكنولوجيا قد تفتح الباب أمام "مغامرات الطعام الافتراضية"، حيث يمكن للمستخدمين تجربة أطعمة وأذواق جديدة عن بُعد، وهو ما يعد نقلة نوعية في تجارب الواقع الافتراضي.
وعلى الرغم من أن التحديات لا تزال قائمة، إلا أن هذه الخطوة تمثل بداية واعدة نحو إضافة بُعد آخر إلى التجارب الرقمية التي قد تؤثر في مختلف جوانب حياتنا اليومية.