عرب لندن
حذر البروفيسور لويس آبلبي، مستشار الحكومة البريطانية للوقاية من الانتحار، من أن تقنين الموت الرحيم في إنجلترا وويلز قد يضر بجهود منع الانتحار، إذ قد يُنظر إليه على أنه إقرار رسمي من الدولة بإمكانية إنهاء الحياة في بعض الظروف.
وأوضح آبلبي، الذي يرأس المجموعة الاستشارية للاستراتيجية الوطنية لمنع الانتحار، أن التشريع قد يؤدي إلى تغيير جذري في الطريقة التي يتم بها التعامل مع الأفراد المعرضين لخطر الانتحار. كما انتقد موقف بعض النواب الذين اعتبروا وصف الموت الرحيم بـ"الانتحار" مسيئًا، مؤكدًا أن منع استخدام هذا المصطلح في هذا السياق غير دقيق.
وفي مقابلة مع صحيفة "الغارديان"، أكد آبلبي أنه لا يعارض تقنين الموت الرحيم بشكل مطلق، لكنه قلق من أن إقراره قد يغير المبادئ الراسخة حول ضرورة منع جميع حالات الانتحار. وأضاف:
"كمجتمع، نحن ملتزمون بمساعدة من يمرون بأزمات نفسية لتجاوزها، ونادراً ما يتم التشكيك في هذا المبدأ. إذا قررنا الآن أن بعض الأشخاص الذين يريدون إنهاء حياتهم يجب أن يُسمح لهم بذلك، فهذه خطوة كبيرة قد تكون لها عواقب خطيرة."
وأشار آبلبي إلى أنه في حال إقرار القانون، قد يكون من الضروري إدراج "فترة تهدئة"، كما هو معمول به في بعض الدول، لمنح المرضى فرصة لإعادة النظر في قرارهم بعد تقديم طلب الموت الرحيم.
وأكد البروفيسور لويس آبلبي تأثره العميق بقصص بعض المرضى الميؤوس من شفائهم الذين يرغبون في إنهاء حياتهم بمساعدة طبية، لكنه حذر من أن السماح بذلك قد يؤدي إلى تقنين الانتحار بشكل غير مسبوق.
وقال آبلبي: “إذا قبلنا بأن بعض حالات الانتحار مبررة، وأن بعض الوفيات الناتجة عن قرار شخصي بإنهاء الحياة يمكن تفهمها أو حتى تسهيلها، فإننا نبتعد كثيرًا عن المبادئ الراسخة التي لطالما وجهتنا في التعامل مع الأفراد اليائسين. هذه خطوة هائلة قد تكون لها تداعيات خطيرة.”
وأشار إلى أن هذا النهج قد يغير نظرة المجتمع إلى المعاناة، حيث قد يُنظر إلى بعض أنواع الألم على أنها غير قابلة للعلاج، مما قد يبرر إنهاء الحياة بدلاً من تقديم الدعم اللازم لمساعدة المرضى على التأقلم.
ويخضع مشروع القانون، الذي تقدمت به النائبة العمالية كيم ليدبيتر، للمراجعة البرلمانية حاليًا، ويقترح السماح بالموت الرحيم للمرضى الذين لا يتبقى لهم أكثر من ستة أشهر في الحياة.
ومن المقرر أن يناقش البرلمان الأسبوع المقبل تعديلًا يقضي باستبدال مراجعة كل حالة من قبل قاضٍ في المحكمة العليا بلجنة تضم قاضياً وخبيرًا نفسيًا وعاملًا اجتماعيًا.
وقد أثار هذا التعديل جدلاً بين النواب، إذ يخشى المعارضون من أنه قد يضعف الضمانات القانونية، بينما يرى المؤيدون أنه سيوفر مراجعة أكثر دقة من قبل متخصصين في الصحة العقلية والعنف المنزلي.
وشدد آبلبي على ضرورة الانتباه للحظة التي يتخذ فيها المرضى قرار اللجوء إلى الموت الرحيم، مشيرًا إلى أن المرضى غالبًا ما يشعرون بأقصى درجات اليأس فور تلقيهم التشخيص، لكن مشاعرهم قد تتغير بمرور الوقت.
وقال: “عند تلقي التشخيص، قد يشعر المريض أن حياته انتهت بالفعل. لكن إذا تمكنا من مساعدتهم في تجاوز هذه الفترة الحرجة، نجد أن ردود أفعالهم تتغير وتستقر مع الوقت. تجاوز الصدمة واليأس ممكن، وعلينا توفير الدعم اللازم لمن يمرون بهذه المرحلة.”
كما أكد أن العزلة والاكتئاب هما من العوامل الرئيسية التي تدفع المرضى إلى طلب الموت الرحيم، مشددًا على ضرورة التركيز على معالجتهما قبل اتخاذ أي قرار نهائي. "العزلة يمكن تخفيفها، والاكتئاب يمكن علاجه. علينا أن نضمن حصول هؤلاء المرضى على الدعم النفسي والاجتماعي الذي قد يساعدهم على تجاوز اليأس الذي يشعرون به."