عرب لندن- لندن

  أثارت تصريحات وزيرة الداخلية البريطانية الجديدة حول عزمها مواجهة الجريمة بالقوة وبمزيد من الشرطة جدلا واسعا خاصة في وقت تتضاعف فيه بشكل سريع معدلات الجرائم، فيما يتهم حزب العمال المعارض حكومة المحافظين في التسبب بها، جراء سياسات التقشف التي  انتهجها المحافظون على مدار العقد الماضي.

  وفي مقال بصحيفة الغارديان البريطانية يشكك الكاتب "ريتشارد فيز" في فرص نجاح نهج باتيل المتشدد، ويرى بأن "من يتوقع من نادي المعجبين بالوزيرة الجديدة أن اتباع نهج صارم سيستعيد سمعة المحافظين كحزب القانون والنظام، فهو واهم".

 ويرى فيز في مقاله بأن اليمين المتشدد يتطلع للعودة إلى النهج المجرب والفاشل المتمثل في سياسة البحث عن أشخاص واعتقالهم وسجنهنم للخروج من الأزمة، لكن الأدلة بحسب الكاتب تشير إلى الحاجة إلى الوقاية والتدخل المبكر، ومعالجة أسباب الجرائم.

 وفي حديث  لوزيرة الداخلية الجديدة لصحيفة الديلي ميل البريطانية قبل يومين قالت بريتي باتيل أنها تريد استعمال "القسوة والقوة"، وتريد أن يشعر المجرمون " بالإرهاب حرفيا" عند خرفهم القانون، وأكدت عزمها مواجهة الجريمة بالدفع بمزيد من الشرطة للشارع لردع المجرمين، ووصفت في مقابلتها حزب المحافظين بأنه "حزب الشرطة والأمن".

 بالمقابل يرى عمدة لندن بأن الأرقام الجديدة للجرائم تشير إلى وجود صلة بين العنف وعدم المساواة الاجتماعية،ويعتبر صادق خان في تصريحات متزامنة بأن المقاربة الأمثل لمواجهة الجريمة تكمن في القضاء على أسبابها وليس فقط مطاردة المجرمين.وألقى خان باللوم على الفقر كسبب رئيسي للجريمة محملا سياسات حزب المحافظين التقشفية على مدار العقد الماضي المسؤولية عن ذلك.

 من جهتها اشتركت صحيفة الاندبندت ذات الميول اليسارية أيضا في نقد مقاربة وخطة الوزيرة الجديدة، معتبرة أن خطتها ستضع المملكة المتحدة في خطر أكبر، عوضا عن حماية أمن البلاد.

 توصيات برلمانية

 وكانت لجنة الشؤون الداخلية المختارة من كل الأحزاب قد أصدرت  تقريرا جديدا لها حول عنف الشباب في بريطانيا وصفت فيه الوضع الحالي بأنه الأصعب.

ويصنف التقرير الارتفاع الأخير في عنف الشباب باعتباره حالة طوارئ اجتماعية، تتطلب اتخاذ إجراءات حكومية متضافرة على المستوى المحلي والإقليمي والوطني،كما يرفض التقرير استراتيجية الحكومة لمواجهة العنف، ويرى أنها تخلو تقريباً من الإجراءات والأهداف والمساءلة الواضحة - باعتبارها "غير كافية على الإطلاق".

وتشمل التوصيات البرلمانية الرئيسية زيادة ثقة الشباب من خلفيات عرقية سوداء وآسيوية والأقليات في الشرطة،وتوفير دعم الشرطة المخصص للمدارس في المناطق عالية الخطورة.

مهاجرة كارهه للمهاجرين، داعمة لإسرائيل

 وبالعودة لشخصية وزيرة الداخلية الجديدة، فهي المحافظة ذات السبعة والأربعين ربيعا الداعمة لإسرائيل والمؤيدة  لتطبيق عقوبة الإعدام والمعارضة لزواج المثليين، وتعد الوزيرة كذلك من متطرفي بريكست،ومن أبرز أوجه استفتاء 2016،وهي أيضاً من المتشددين اليمينيين، والمفارقة أنها مناهضة للهجرة إلا أنها تنحدر من عائلة مهاجرة، فهي ابنة لأبوين هنديين من ولاية جوجارات، وقد ولدت باتيل في 29 مارس 1972م.

 و اللافت في المواقف التحولات الأخيرة للوزيرة الجديدة أنها نأت بنفسها عن تبني دعم عقوبة الإعدام وهي التي كانت في السابق عبرت عن تأييدها لإعادة تطبيق عقوبة الإعدام.

 

مؤيدة سابقة لعقوبة الإعدام

  وكانت الوزيرة باتيل  قد قالت في سبتمبر 2011  أثناء مشاركتها في برنامج "وقت السؤال" الشهير على قناة بي بي سي أنها تؤيد عودة عقوبة الإعدام، قبل أن تتراجع في 2016  وتقول أنها لم تعد تتبنى هذا الرأي.

 درست باتيل في جامعتي كيل واسيكس في بريطانيا، ثم عملت في مكتب حزب المحافظين في لندن لترأس بعدها المكتب الصحفي للحزب،حيث تم انتخابها في عهد ديفيد كاميرون نائبة عن حزب المحافظين عن دائرة ويثام "Witham" في مدينة اسيكس عام 2010.

أصبحت باتيل أمينة الخزانة في الحكومة عام ،2014،ثم وزيرة للعمل بعد الانتخابات العامة عام 2015.

وكان ينظر إليها كنجمة صاعدة في الحزب بسبب نشاطها وعملها الدؤوب في فترة الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي.

وتولت باتيل منصب وزيرة التنمية في حكومة رئيسة الوزراء البريطانية السابقة تيريزا ماي عام 2016 قبل أن تطيح بها ماي في 2017 بعد أن انتشرت فضحية علاقاتها بإسرائيل وزياراتها المتعدة لتل أبيب واجتماعها مع مسؤولين إسرائيليين، والتي كان كثير منها دون علم الحكومة البريطانية.

وكُشف لاحقا عن نية باتيل منح مبالغ من أموال دافعي الضرائب البريطانيين إلى الجيش الإسرائيلي بدعوى معالجة لاجئين سوريين جرحى في مرتفعات الجولان المحتلة، الأمر الذي وصفه مسؤولون بأنه "غير مناسب" .

مخاوف مشروعة

وتسود لدى المهاجرين عموما والجاليات العربية والمسلمة خصوصا حالة من القلق والخوف من صعود أبرز الوجوه اليمينية المتشددة لأعلى المناصب الحكومية،ويزيد من قلق المسلمين سلسلة استطلاعات الأخيرة التي عكست بجلاء تفشي ظاهرة معاداة الإسلام داخل صفوف كوادر وقيادات حزب المحافظين الحاكم رغم تعهد الحزب تحقيق شامل في هذه الظاهرة.

وكان 56 في المئة من أعضاء الحزب قد عبروا عن اعتقادهم بأن الإسلام يشكل تهديدا لنمط الحياة في بريطانيا، كما عبر 43 في المئة عن رفضهم لتولي مسلم رئاسة الوزراء. وفي استطلاع سابق، عبّر 67 في المئة عن اعتقادهم بأن هناك مناطق في بريطانيا يحكمها “قانون الشريعة”، وهو ادعاء لطالما كرره أنصار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

 

 

 

السابق بريطانيا تضبط أكبر شحنة هروين في تاريخها بقيمة 49 مليون دولار
التالي ملك الأردن يقضي عطلة العيد في بريطانيا،هل سيلتقي شقيقته الأميرة هيا؟