عرب لندن
تقدمت جنوب إفريقيا بشكوى أمام محكمة العدل الدولية تتهم فيها إسرائيل بارتكاب "أعمال إبادة" في حربها مع حركة حماس في قطاع غزة.


هذه الشكوى واحدة من ثلاثة إجراءات قد تواجهها الدولة العبرية التي باتت حربها الوحشية في القطاع الفلسطيني محط اهتمام متزايد من القانون الدولي.
طلبت جنوب إفريقيا من محكمة العدل الدولية إصدار "إجراءات موقتة" وهي أوامر قضائية عاجلة، تطبق فيما تنظر في جوهر القضية الذي قد يستغرق سنوات.


وتوضح سيسيلي روز الاستاذة المساعدة في القانون الدولي في جامعة لايدن "في مرحلة التدابير الاحتياطية، لن تحدد المحكمة ما إذا كانت إبادة تجري في غزة".


وتضيف في تصريح لوكالة فرانس برس "ستكتفي المحكمة بتحديد ما إذا كان هناك خطر حصول ضرر لا يمكن تعويضه للحقوق الواردة في اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية، ولا سيما حق الفلسطينيين في غزة في الحماية من أعمال تهدد وجودهم كمجموعة".


وطلبت بريتوريا من المحكمة إصدار أوامر عدة منها أن "تعلق إسرائيل فورا" هجومها في قطاع غزة ووضع حد للتهجير والسماح بوصول المساعدات الإنسانية والمحافظة على الأدلة.


ويمكن لمحكمة العدل الدولية فرض التدابير التي تطالب بها بريتوريا أو رفضها أو إصدار أوامر أخرى مختلفة تماما. وقد تقرر أيضا انها ليست الجهة المختصة في هذه القضية.


القرارات الصادرة عن محكمة العدل الدولية، أعلى هيئة قضائية في الأمم المتحدة، مبرمة ولا يمكن للدول استئنافها. لكن المحكمة لا تملك أي وسيلة لتطبيقها.


ويشدد إريك دي براباندير استاذ القانون الدولي في جامعة لايدن على أنه "يجب القبول بمحدودية العدالة الدولية: فهي تعمل لكن فاعليتها تتطلب إرادة سياسية لا تكون متوافرة على الدوام".


فعلى سبيل المثال، أمرت محكمة العدل الدولية روسيا بوقف غزوها لأوكرانيا بعد شهر على بدء الحرب في شباط/فبراير 2022.
وبعدما تقرر المحكمة ما إذا كانت ستصدر تدابير موقتة عاجلة، تنظر في جوهر القضية أي اتهام جنوب إفريقيا لإسرائيل بانتهاك اتفاقية منع جريمة الإبادة.


وترى سيلين بارديه، الخبيرة في القانون الدولي وجرائم الحرب، أن أي قرار سيكون له "دلالات رمزية".


وتوضح لوكالة فرانس برس أن "هذا سيذكر العالم بأن الدول مسؤولة أيضا وهذا مهم" مضيفة "قد يسمح ذلك للدول أيضا باتخاذ تدابير إثر القرار، من خلال فرض عقوبات على سبيل المثال".


لا تتسم محكمة العدل الدولية بسرعة قراراتها إلا ان طلبات "التدابير الموقتة" لها الأولوية على كل القضايا الأخرى وقد يأتي القرار سريعا نسبيا، أي في غضون أسابيع.


في المقابل قد يحتاج القرار في جوهر القضية إلى سنوات عدة.
وبات بطء المحاكم الدولية يطرح مشاكل ولم تعد "تتماشى مع عالم اليوم" بحسب بارديه.


يذكر أن جنوب إفريقيا وإسرائيل من الدول الموقعة على اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها التي أقرت عام 1949 ردا على مجازر الإبادة في حق اليهود خلال الحرب العالمية الثانية. ويحق لكل دولة موقعة ملاحقة دولة أخرى أمام محكمة العدل الدولية في حال الاختلاف على "تفسير أو تطبيق أو احترام" القواعد الهادفة إلى منع وقوع أعمال إبادة جماعية.


وقالت جنوب إفريقيا إنها "تدرك تماما حجم المسؤولية الخاص ببدء ملاحقات ضد إسرائيل لانتهاك اتفاقية منع جريمة الإبادة". وشددت على أن "الظروف لا يمكن أن تكون أكثر إلحاحا" معتبرة أن "إسرائيل تشن حملة عسكرية على قدر خاص من الضراوة". لكنها تعتبر أن أي هجوم مسلح "مهما كان خطرا" لا يمكن أن يبرر انتهاك الاتفاقية.


وتدعم جنوب إفريقيا القضية الفلسطينية منذ فترة طويلة، إذ ان المؤتمر الوطني الإفريقي الحاكم في بريتوريا غالبا ما يربط هذه القضية بنضاله ضد نظام الفصل العنصري.
وانقطعت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين بسبب ذلك.


يذكر أيضا أن محكمة العدل الدولية تنظر بالنزاعات بين الدول وغالبا ما يتم الخلط بينها وبين المحكمة الجنائية الدولية ومقرها في لاهاي، وهي تنظر في ملاحقات بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية يرتكبها أفراد.
وباشر المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان تحقيقا حول أحداث غزة وتعهد "تكثيف" الجهود.


وطلبت خمس دول من بينها جنوب إفريقيا في تشرين الثاني/نوفمبر تحقيقا من المحكمة الجنائية الدولية حول الحرب على قطاع غزة. وقال خان إن فريقه جمع "كمية كبيرة" من الأدلة.
وستصدر المحكمة في هذا الإطار رأيا استشاريا لن يشمل العملية العسكرية التي تلت السابع من تشرين الألو/أكتوبر.

 

السابق الجنائية الدولية تؤكد أنها تحقق في مقتل صحافيين في غزة
التالي بتهمة الإبادة في قطاع غزة.. إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية هذا الخميس