"عرب لندن" في حضرة الغناء العربي الأصيل

لندن- محمد أمين

يحمل عل كتفيه هما يقول أنه رسالة يجتهد في إيصالها، ف "أن تكون عربيا عروبيا في هذا الزمن، ذلك يعني أنك ستسبح عكس التيار" يقول المايسترو العراقي علاء مجيد ل"عرب لندن" التي التقته وعاشت معه يوما تعليميا في أكاديمية الموسيقى العربية وسط لندن.

فليست الموسيٍقي العربية وحدها هي التي يناضل روادها للحفاظ على أصالتها وسط الانفجارات الثقافية، فلعرب المهجر نضالهم الخاص للحفاظ على هوية الانسان العربي ذاته، اللاجئ والمهاجر والسائح في الأرض بحثا عن أمان عزّ في بلدان أنهكتها الحروب، والصراعات، فهل لهذا المهاجرأن يكون سفيرا للثقافة العربية؟.. نعم كبيرة يجيب بها المايسترو العراقي علاء مجيد،فالموسيقى برأيه لغة مشتركة تعبر باقتدار عن هويتنا العربية، وتقدمنا للعالم في أبهى صورنا،وأرقاها،بعيدا عن الوسم غير البريء للعربي ك " إرهابي"، وهي الصفة التي يقول مجيد أنها باتت تحضر في مخيلة الانسان الغربي عند ذكر كلمة عربي،ذلك بتقديره نتاج فعل مقصود، لتشويه صورة العربي ولصق صفة الإرهاب به زورا وبهتانا، فمن يملك تلك الموسيقى الراقية، والألحان العذبة، والحضارة الغنية يقول مجيد لا يمكن أن يكون إرهابيا.

من فرقة التراث في العراق إلى التدريس في معهد الدراسات الموسيقية هناك،إلى غربة الخليج،وصولا للسويد حط مجيد رحاله أخيرا في لندن،حاملا معه مقامات العراق،رحلة يرويها المايسترو المخضرم في حوار خَصّ به "عرب لندن".

عرب لندن : كيف بدأت رحلة علاء الأوروبية؟

قبل عشر سنوات أسست فرقة طيور دجلة في السويد التي حققت بجهود فردية للنسوة العضوات فيها انتشارا عالميا.طيور دجلة هي أقدم فرقة غناء عربية،وأردت البناء على هذه التجربة وتحويلها لفرقة عربية بشكل أوسع من الغناء العراقي عندما انتقلت للندن منذ قرابة عامين ونصف.

عرب لندن: لماذا لندن؟

لأن الجالية العربية أكبر في بريطانيا و المجال أوسع فيها فنيا وثقافيا ومن حيث تواجد وسائل الإعلام،وأتيح لي المجال أن أعمل في لندن على تطوير أصوات فرقة الغناء العربي رجالا ونساء وصناعة حالة متفردة منهم، كما أن لدينا مهرجان سنوي للغناء العربي سيكون هذا العام في الخريف.

عرب لندن :ماذا تعني الموسيقى العربية لعلاء مجيد؟

كل شيء.. عندما أتيت للندن أسست مع الأستاذة ثناء الألوسي أكاديمية الموسيقى العربية، لتعليم الغناء العربي وتعلم العزف على الآلات الموسيقية،والغناء التراثي الشعبي لكل دولة، وفرقة الغناء العربي التي تعني بالأغاني التراثية العربية والغناء العام تهدف إلى إحياء التراث الموسيقي لكل بلد عربي والحفاظ عليه، فالموسيقى هي حافظة الذاكرة العربية.

عرب لندن: كيف تترجم رحلة الغربة موسيقيا؟

أنا لست سياسا لكني رفضت الاحتلال والحصار الأمريكي الذي حل ببلدي،ودوما تسكن موسيقاي هموم بلدي والبلدان العربية الأخرى،لأنها غير منفصلة عن بعضها البعض،وأحاول المحافظة على هويتي العراقية والهوية العربية في وجه محاولات تغريب الأغنية العربية،وعلينا مقاومة التأثيرات الإقليمية والأجنبية على موسيقانا وأغانينا، فإهمال الأغنية العربية والتأثر بالأغاني والألحان الأجنبية هو بتقديري خطير جدا على الثقافة العربية،ويعد تطبيعا ثقافيا سينسي الأجيال القادمة موسيقاها الأصيلة.

عرب لندن : كيف يمكن الحفاظ على الموسيقى والأغنية العربية في الغرب وأن تقنع الأجيال الجديدة المولودة هنا بالاستماع للموسيقى العربية؟

الاندماج جيد لكن الانصهار خطير وأنا ضده ثقافيا وموسيقيا ومن كل النواحي،أنا ضد دمج ثقافتي بثقافة أوروبية أو غيرها لأن هويتنا ستضيع،وأعتقد أن المطلوب الاندماج إنسانيا مع الحفاظ على الخصوصيات الثقافية،لكن لا أصهر ثقافتي في الثقافة الغربية،وانطلاقا من هذه المقاربةعلينا أن نقول لهذا الجيل الجديد أن هناك موسيقى عربية أصيلة من ثقافتك،وأن نُسمِعه إياها،ونجعله يتمتع بجمالها وندعوه لحضورأمسياتها،وهنا بالضرورة سيشعر بجمالها،وسيتمسك بها،وبالفعل هناك جيل يأتي لتعلم العود وهذا دليل على الحرص على الافتخار بهويته وموسيقاه وتقع علينا مسؤولية تعزيز ذلك.

عرب لندن: إلي ماذا يهدف علاء مجيد ؟ وهل عملك الحالي هو مهنة فقط ؟

هدفي الأسمى والأهم هو أن تكون الموسيقى العربية لغة إنسانية للتواصل، وأسعى عبرها لتغيير صورة العربي في المخيلة الغربية،فعندما تُذكر في العالم كلمة"عربي"يتبادر للذهن الجريمة وصورة نمطية لشخص إرهابي وهذه صفة مظللة الصقت بنا للأسف عبر عمل ممنهج،فمثلا بوش قتل مليون عراقي ولم يصفه أحد بالإرهابي فأنا أشعر أن مسؤوليتي إبراز الجانب المشرق في ثقافتنا العربية في الرد على هذه التهم،وإبراز جمال وأناقة الثقافة والموسيقي العربية،نحن كعرب كانت ثقافتنا مشعلا لانطلاق التنوير سواء من بابل أو سومر او آشور أو خلال الفترة العباسية وغيرها، فثقافتنا باقية ولا يمكن الغائها.

عرب لندن: إذا هذا ما تقصده من حديثك حول مواجهة الإرهاب بالموسيقي؟ أنا أبين لهم أن شعب عربي يمتلك ثقافة بهذا المستوى وهذا الغناء الذي فيه محبة ورقي لايمكن أن يكون إرهابيا، وأحاول إبراز أن هذه البلاد والشعب العربي الذي يمتلك ثقافة بهذا المستوى حتما ليس قاتلا ولا مجرما، على عكس ما يروجه بعض الإعلام الغربي وأعتقد أن مهمتنا الأساسية كعرب في أوروبا هي إبراز هذا الجانب.

عرب لندن: هل هناك إقبال من الأوروبيين أيضا على الموسيقي العربية؟

نعم هناك أجانب يتدربون على الموسيقى والغناء العربي، وإن كانوا لا يفهمون الكلام لكنهم يشعرون بروح الكلمات واللحن. كما أن العرب الذين يأتون هم يأتون من حبهم للثقافة العربية، صحيح ليس لدى كثير منهم طموحا أن يصبحوا مطربين لكن يأتون لإبراز ثقافتهم العربية، ويشعرون بأن هذه الأكاديمية تحقق لهم ذلك، وكلهم مواظبون على الحضور، وهم عروبيون، وتحولت الأكاديمية لملتقى عربي،فمن الأشياء العجيبة أنه لا يوجد ملتقى عربي جامع للعرب في لندن،وهذا تتحمله السفارات العربية وله علاقة بالفكر اللاعروبي واللاقومي.

عرب لندن: هل للموسيقى دور في تجسير تلك المسافة وجمع العرب دون النظر لهوياتهم؟

الموسيقى طبعا خيرسفير للعروبة، فنحن نغني كل الأغنيات العربية،وباللهجات المحلية، والكل يجد هويته هنا، وتراثه وثقافته، والموسيقى هي الأقدر على تقريبنا كعرب من بعضنا البعض.

عرب لندن: كيف استطعت أن تخرج من عراقيتك وتخاطب كل العرب ؟

لأن الموسيقى لغة عالمية وعابرة للثقافات فبالضرورة هي لغة مشتركة يستطيع الموسيقار فك أي شيفرة فيها،وأنا قبل أن أنفذ الأغنية أدرسها وأعرف حدودها الصوتية،وبعد ذلك أدرس الكلام وألقن الطلاب تلقينا، كما نغنيها بذات اللهجة المحلية،ونصلحها سويا بالتعاون مع الطلبة من أهل تلك البلاد.

عرب لندن : كموسيقار عربي يسعى للحفاظ على الموسيقى العربية ماذا تريد من العرب ؟

الحفاظ على الموسيقى العربية هو جزء من الحفاظ على الهوية العربية وهي مهمة الجميع، وليست مهمتي فقط،رسميا هناك تقصير لكن أيضا هناك تقصير من الجالية العربية في الحضور والدعم، فقضيتنا ليست تجارية بل ثقافية،ورسالتي للجالية العربية أن هذه الأكاديمية معنية بالثقافة والموسيقي العربية،وصون الذاكرة العربية،وأدعوهم جميعا لتعلم الموسيقى العربية، والمشاركة في الغناء العربي،الذي هو سفير للعروبة والهوية العربية.

السابق نجاح عملية فصل توأمين ببريطانيا بعد سنوات من التصاق جمجمتيهما
التالي اختتام النسخة الخامسة لمهرجان (شباك) بلندن