عرب لندن
يبدأ العاهل البريطاني الملك تشارلز الثالث، يوم الأربعاء، زيارة دولة إلى فرنسا تستمر ثلاثة أيام، بعد ستة أشهر من اضطراره على إرجاء زيارته الرسمية الأولى إلى الخارج كملك بسبب احتجاجات على إصلاح النظام التقاعدي كانت تشهدها فرنسا.
لم تطرأ تعديلات كثيرة على البرنامج الأساسي لزيارة الملك البالغ 74 عاما وزوجته كاميلا (76 عاما) والتي سيتخللها لقاءات مع ناشطين في المجتمع المدني الفرنسي ومراسم احتفالية رمزية.
لدى وصولهما إلى باريس، سيستقبلهما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وزوجته بريجيت عند قوس النصر حيث ستضاء شعلة الجندي المجهول، قبل عبور جادة الشانزيليزيه، على أن يقام لاحقا عشاء رسمي في قصر فرساي.
وسيلقي العاهل البريطاني أيضا كلمة أمام أعضاء مجلس الشيوخ، من المفترض أن يكون جزء منها بالفرنسية، بعدما تحدث بالألمانية في آذار/مارس أمام البوندستاغ في برلين خلال زيارة كان من المقرر أن تتبع زيارة فرنسا حينذاك.
وسيبحث الملك البريطاني والرئيس الفرنسي في قضايا تهم هما مثل البيئة والحث على القراءة وريادة الأعمال لدى الشباب. ومن المقرر عقد لقاء مع جمعيات محلية وشخصيات رياضية في ضاحية سان دوني الباريسية التي ستشكل أحد الأماكن الرئيسية لدورة الألعاب الأولمبية التي تستضيفها العاصمة الفرنسية في صيف 2024.
بعد ذلك، سيتوجه تشارلز وكاميلا إلى مدينة بوردو التي كان يسيطر عليها في مرحلة معينة ملك إنكلترا هنري الثاني وحيث يقيم اليوم نحو 39 ألف بريطاني. وسيزوران كروم عنب ويلتقيان عناصر إطفاء شاركوا في مكافحة الحرائق التي اجتاحت إقليم لاند العام الماضي.
واعتبرت باريس كما لندن أن هذه الزيارة ترمز إلى إحياء العلاقات القديمة بين البلد ين، في وقت يحاول القادة تهدئة التوترات التي خل فها خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وشهدت العلاقات الثنائية توترات منذ ذلك الحين، إذ هاجم رئيس الوزراء البريطاني السابق بوريس جونسون خصوصا السياسة الفرنسية حيال الصيد والقواعد التجارية على واردات اللحوم المجلدة.
وتلبدت أجواء العلاقات بشكل إضافي خلال الفترة الوجيزة لليز تراس في رئاسة الحكومة البريطانية، إذ رفضت لفترة القول ما إذا كان ماكرون "صديقا أو عدوا" للمملكة المتحدة.
غير أن العلاقات تحس نت في الأشهر الأخيرة بعد تولي ريشي سوناك رئاسة الحكومة في المملكة المتحدة، وهو مصرفي سابق على غرار ماكرون، ويهوى البزات الأنيقة والحضور المكثف على شبكات التواصل الاجتماعي.
على الرغم من أن الملك البريطاني يلتزم تقليديا بحياد سياسي صارم، لا تغيب السياسة أبدا عن زيارات الدولة ولن تشكل زيارة تشارلز الثالث استثناء، بل ستؤكد تهدئة العلاقات مؤخرا بين باريس ولندن.
ورأى المؤرخ للعائلة المالكة إيد أوينز أن زيارات الدولة التي يجريها الملك البريطاني تشكل "إضافة للسياسة الخارجية (البريطانية) بشأن القضايا السياسية الراهنة"، مثل التوترات القائمة بين باريس ولندن حول عمليات الهجرة غير القانونية عبر القناة الانكليزية إلى المملكة المتحدة.
وأضاف "سيكون هناك نوع من الدبلوماسية غير الرسمية" خلال الزيارة، مؤكدا أيضا أن تشارلز الثالث يسعى خصوصا إلى أن ي ظهر التزامه كـ"ملك مهتم بالبيئة خارج الحدود البريطانية".
وبعد عام من اعتلاء تشارلز الثالث العرش وتركيزه بشكل أساسي على تجسيد استقرار النظام الملكي واستمراريته بدلا من البدء بإصلاحات جذرية، تندرج هذه الزيارة في إطار "النهج التقليدي للدبلوماسية الملكية" التي اعتاد الفرنسيون عليها في الماضي.
وسبق أن التقى تشارلز وماكرون خصوصا خلال مراسم تتويج الملك في السادس من أيار/مايو، ويسود "الدفء" علاقتهما، حسبما تفيد مصادر مقربة منهما.