تبييض الوجوه للنجاة من العنصرية.. وعنصريون ينهالون ضربا على شاب لبناني
عرب لندن – لندن
كشفت منظمة بريطانية عن تبييض الأطفال أصحاب البشرة الداكنة الذين لم تتجاوز أعمارهم 10 سنوات وجوههم؛ لتجنب التعرض للاعتداءات العنصرية،في الوقت الذي تكافح فيه الشرطة موجة متصاعدة من جرائم الكراهية ضد المهاجرين وخاصة المسلمين.
وذكرت شبكة "سي إن إن" الأمريكية أن الجمعية الوطنية لمنع القسوة ضد الأطفال كشفت أن مجموع جرائم الكراهية التي ارتكبت بدافع العنصرية خلال عامي 2017 و2018، والمسجلة لدى الشرطة، بلغ 10571 جريمة، بمعدل 29 جريمة في اليوم.
وأضافت الجمعية البريطانية، في تقرير يستند إلى سجلات الشرطة بجميع أنحاء بريطانيا، أن هذه الجرائم طالت الأطفال أيضا،موضحة أن عدد الجرائم يرتفع بمعدل 1000 جريمة كل عام، وسلطت الضوء على حجم واتساع العنصرية .
ويكشف التقرير أن هذه النتائج تعكس التزايد الإجمالي في معدلات الجريمة في بريطانيا بعد البريكسيت، التي لم تتراجع منذ ذلك الوقت، فتم تسجيل 71251 جريمة في إنجلترا وويلز، في الفترة ما بين 2017- 2018، وبزيادة 14% عن عام 2016، مشيرا إلى أن جرائم الكراهية القائمة على الجنس والدين والاحتياجات الخاصة في تزايد مستمر.
ويستدرك الموقع بأن الجرائم المدفوعة بالعنصرية لا تزال تشكل غالبية جرائم الكراهية، لافتا إلى أن المنظمة حصلت على المعلومات من خلال قانون حرية المعلومات،التي أرسلتها 38 مركز شرطة من بين 43 مركزا استجابت للطلب.
وينقل التقرير عن مدير الجمعية جون كاميرون، قوله: "التنمر على الأطفال من هذا النوع قد يؤدي إلى ضرر نفسي للأطفال، ويخلق انقساما في داخل المجتمع".
ومنذ استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي الذي أُجري في 2016 تضخمت أزمة العنصرية بشكل حاد.وقالت فتاة تبلغ من العمر 10 سنوات: "كنت أتعرض للتنمر منذ انضمامي للمدرسة، المتنمرون كانوا ينادوني بأسماء قذرة، وكان ذلك يشعرني بالخجل"، مضيفة "أصدقائي لم يعودوا يمضون الوقت معي لأن الناس بدأوا يسألون عن سبب تكوين صداقات مع شخص لديه جلد متسخ".
وتابعت: "ولدت في بريطانيا لكن المتنمرين يطلبون مني العودة إلى بلدي، أنا لا أفهم ذلك لأنني بريطانية، حاولت جعل بشرتي بيضاء قبل استخدام مساحيق التجميل، لأني أريد فقط الاستمتاع بالذهاب إلى المدرسة.
قصة دانييل عز الدين
أما قصة الشاب اللبناني دانييل عزالدين (17 عاماً) فهي صفحة أخرى حزينة من صفحات جرائم الكراهية الآخذة في التصاعد.
دانيال كان يبدو بوجه نضر ويحمل ابتسامة دافئة تبعث على البهجة ومفعم بالحياة،والأمل، وهو ابن لأبوين لبنانيين،ترعرع في ألمانيا ودرس فيها،وأخذه أساتذته للاحتفال بتخرجه في رحلة إلى كانتربري، حيث تعرض للاعتداء والضرب حتى وصل إلى حافة الموت، من قبل عصابة من الشبان في هجوم يعتقد معظم السكان المحليين أنه بدافع عنصري.
وقعت هذه الحادثة في الساعة السادسة مساء، في 6 يونيو بمدينة روز لين في مركز المدينة، وعلى بعد نحو 250 متراً من كنيسة كانتربري.وتعرض دانييل لضرب مبرح ووحشي من العديد من الأشخاص الذين هاجموه، ووصل إلى حافة الموت.وتم نقله سريعاً إلى المستشفى في لندن بطائرة مروحية، حيث كان في حالة إغماء. وكان الأطباء قد أعطوه فرصة 30% للعيش. وتم اعتقال سبعة أشخاص، ستة منهم في سن المراهقة، لكن لم يتم توجيه التهمة إلى أيٍّ منهم.
وواجهت عائلة دانييل الكثير من الصعوبات في البداية، للحصول على تأشيرة دخول لرؤية ابنها، لأنهم ليسوا مواطنين ألماناً، على الرغم من أنهم عاشوا في ألمانيا 30 عاماً. وكتب بسام أحد أشقاء دانييل الخمسة، يقول: "أدعو الله وأطلب الرحمة لك، وأن تكون قادراً على المشي يا شقيقي الصغير. وأنت لا تستحق أن تموت هكذا".
ووقع حادث الاعتداء بالقرب من حديقة صغيرة تدعى «دين جون»، والتي أصبحت في السنوات الأخيرة تتسم بسمعة سيئة، نتيجة انتشار العصابات التي تبيع المخدرات.
ويعتبر المصير الذي آل إليه عزالدين دليلاً على أن بريطانيا أصبحت دولة أكثر عنصرية منذ استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست)،رغم انكار حزب المحافظين المؤيد لبريكست، لكنّ استطلاعاً للرأي أجرته شركة «أوبينيوم» البريطانية،كشف عن أن الانتهاكات العرقية الصريحة، والتمييز العنصري، الذي اشتكته الأقليات العرقية قد تصاعدت من 64% في بداية عام 2016 إلى 76% في الوقت الحالي.
وكانت «بريكست» قد روجت للهوية الوطنية الإنجليزية، وأطلقت التساؤلات حول من هو إنجليزي ومن هو ليس ذلك، وجعلتها في قمة الأولويات السياسية.
ومنذ عام 2016، أصبحت التعبيرات العنصرية أكثر شيوعاً. وبعد فترة قصيرة من الاستفتاء على «بريكست»، طلبت امرأة أرجنتينية من أحد الحراس في مدينة كانتربري أن يدلها إلى مكان ما، فأجاب «هذا الطريق يؤدي إلى دوفر»، أي إلى خارج بريطانيا.
وآخر ضحايا الاعتداءات العنصرية هي الفتاة المصرية مريم مصطفي في مدينة نوتنغهام،حيث اعتدت عليها ٦ بنات في فبراير الماضي بالضرب المبرح في حافلة عامة نقلت على إثر هذا الاعتداء للمستشفى قبل أن تفارق الحياة.
وينكر قادة الأحزاب، التي تؤيد مغادرة الاتحاد الأوروبي أن يكون مشروع «بريكست» معاد للمهاجرين أو موجه ضدهم، ويعتبرونه مشروعا للحفاظ على البلاد وصون مصالحها.
ورفضت الحكومة البريطانية منتصف مايو وضع تعريف محدد لجرائم للإسلام وفوبيا، وبررت الحكومة البريطانية رفضها لمقترح وضع تعريف رسمي للإسلاموفوبيا بأنه استجابة لنصائح قانونية تخشى من أن التعريف ربما يقف حجر عثرة في مكافحة الإرهاب وأنها منعا للجدل رفضت وضع تعريفا جديدا.
وكان مارتن هيويت رئيس الشرطة البريطانية قد دعا حكومة تيريزا مايإلى عدم الإقدام على هذه الخطوة، على اعتبار أنها ستضعف قوانين مكافحة الإرهاببالبلاد، كما أنها قد تقوّض حق أفراد شرطة المطارات والموانئ الجوية في توقيف المشتبه بهم وتفتيشهم، دون الحصول على إذن مسبق.