عرب لندن
طويت نهائيا، الأربعاء، قضية "الكسب غير المشروع" في صفقات عقارية كان يحاكم فيها رفعت الأسد، عم الرئيس السوري بشار الأسد، في فرنسا، مع تثبيت حكم السجن أربع سنوات الصادر في حقه بعدما بنى امبراطورية عقارية تقدر بحوالى تسعين مليون يورو.
فقد رفضت محكمة التمييز في باريس، الأربعاء، الطعن القانوني الأخير المتاح أمام رفعت الأسد نائب الرئيس السوري السابق البالغ 85 عاما، وجعلت عقوبة السجن الصادرة في حقه نهائية وكذلك مصادرة أملاك، التي قررتها محكمة البداية في باريس في 17 حزيران/يونيو 2020 ثم في الاستئناف في 9 أيلول/سبتمبر 2021.
وأدين رفعت الأسد بتهمة غسل أموال عامة سورية في إطار عصابة منظمة بين عامي 1996 و2016، وثبت الحكم عليه بالسجن أربع سنوات الصادر عن محكمة البداية.
كذلك أدانت محكمة الاستئناف في باريس رفعت الأسد بتهمة الاحتيال الضريبي المشدد وتشغيل أشخاص في الخفاء، وأمرت بمصادرة جميع العقارات التي اعتبرت أنه حصل عليها عن طريق الاحتيال.
وأشادت رئيسة جمعية شيربا التي أدت شكواها الى فتح تحقيق في 2014، ب"قرار تاريخي".
وقال وليام بوردون الرئيس المؤسس للمنظمة غير الحكومية "حين باشرنا هذا الاجراء قبل حوالى عشر سنوات، كان التشكيك كبيرا حتى في صفوف القضاة. لكن ثبت الآن بعد مرور أكثر من 30 عاما على الاختلاس الهائل للأموال العامة أن المستفيدين منها، الذين يغسلون الأموال، لم يعودوا بمنأى".
من جهتهم، قال ممثلو فريق الدفاع جاكلين لافو وبيار كورنو جنتي وبنجامين غروندلر وجوليان فيسكونتي "لا يسعنا الا أن نأسف لهذا القرار الذي يبدو لنا غير عادل تماما ولا يمكن فهمه". وأضافوا "السيد الأسد سيواصل القيام بأي عمل يهدف الى إثبات الحقيقة بشأن المصدر المشروع كليا لممتلكاته خصوصا عبر اللجوء الى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان".
وكان رفعت الأسد قائد سرايا الدفاع وهي قوات أمنية تولت القمع الدموي لتحرك الإخوان المسلمين عام 1982 في مدينة حماة.
وذكرت وسائل إعلام موالية للحكومة السورية أن رفعت الأسد عاد إلى سوريا في خريف 2021 بعد أكثر من ثلاثة عقود في المنفى.
في عام 1984، غادر رفعت الأسد سوريا بعد انقلاب فاشل على شقيقه حافظ الأسد وتوجه إلى سويسرا ثم إلى فرنسا. ولم تكن لديه ثروة شخصية في سوريا وتمكن من بناء إمبراطورية عقارية في أوروبا، خصوصا في إسبانيا وكذلك في فرنسا وبريطانيا.
ولم يحضر رفعت الاسد محاكمتيه وقد عزا فريق الدفاع تغيبه لمشاكل صحية خطرة. وأكد محاموه أن ثروته أتت من تبرعات قدمها له العاهل السعودي الملك عبد الله عندما كان وليا للعهد ومن ثم ملكا وليس من خزائن الدولة السورية.
لكن القضاء الفرنسي اعتبر في المقابل ان هناك ما يكفي من العناصر للاستنتاج بأنه تلقى فعليا 300 مليون دولار من جانب شقيقه عند مغادرته البلاد في 1984 في اطار "منفى متفاوض عليه".
وحصل رفعت الأسد على وسام جوقة الشرف في فرنسا عام 1986 عن "الخدمات التي أداها"، وهو مهدد بدعوى قضائية في إسبانيا بسبب الاشتباه "بمكاسب غير مشروعة" تتعلق بنحو 500 عقار.
وكذلك تلاحقه العدالة في سويسرا على جرائم حرب ارتكبت في الثمانينات.
بعد شكاوى رفعتها منظمة الشفافية الدولية وجمعية شيربا، فتح القضاء الفرنسي تحقيقا في العام 2014 تمت خلاله مصادرة قصرين وعشرات الشقق في أحياء فخمة بالعاصمة الفرنسية ومكاتب ودارة في لندن.
بعد قرار محكمة التمييز الأربعاء ستعاد قيمة هذه الأملاك التي تمت مصادرتها بشكل نهائي، الى سوريا في إطار آلية جديدة لإعادة الأصول التي حصل عليها زعماء أجانب عن طريق الاحتيال واعتمدها البرلمان في عام 2021.
وهذه الاعادة التي تشكل تحديا في الاطار الحالي للبلاد، قد تكون الأولى التي تقوم بها فرنسا بحسب المنظمة غير الحكومية قبل تلك المتعلقة بالاملاك المصادرة لتيودورين اوبيانغ.
وهذه هي القضية الثانية التي تتعلق "بالمكاسب غير المشروعة" التي يتولاها القضاء الفرنسي بعد قضية تيودورين أوبيانغ، الابن الأكبر لرئيس غينيا الاستوائية، الذي حكم عليه في تموز/يوليو 2021 بالسجن ثلاث سنوات مع وقف التنفيذ وبغرامة بقيمة 30 مليون يورو عن ممتلكات تقدر بحوالى 150 مليون يورو.