عرب لندن
تبدأ الولايات المتحدة، التي يسودها توتر كبير، اليوم الأحد، العد العكسي قبل عام من الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في 2020، بينما يعول دونالد ترامب على أنصاره لانتزاع ولاية ثانية وتجاوز التحقيقات لعزله التي تهيمن على الحملة.
وسلك الديموقراطيون هذا الطريق الشاق، مجازفين بذلك بأن يطغى على النقاشات في انتخاباتهم التمهيدية. وحتى الآن، لم يظهر مرشح واضح لهم للاقتراع من أصل عدد قياسي من الطامحين للرئاسة.
وقال ترامب، يوم الجمعة الأخير، بينما كان محاطا بعدد من مؤيديه: "لم نكن يوما نتمتع بهذا القدر من الدعم الذي نلقاه حاليا، كما هو الحال اليوم"، مستبعدا بذلك الفكرة التي تفيد أن إجراءات عزله قد تحرمه من ولاية رئاسية ثانية.
بل بالعكس، فقد رأى ترامب أن هذه الإجراءات يمكن أن تثير حماس أنصاره الذين يشكلون "أغلبية غاضبة"، متفقة على إدانة ما تعتبره "حملة شعواء" ضده. وفي لهجة تكشف أن الحملة ستكون قاسية، هاجم الرئيس بعنف "الديموقراطيين الذين لا يفعلون شيئا".
ومن التأمين الصحي إلى حيازة الأسلحة والهجرة، يحاول العديد من المرشحين الديموقراطيين دفع حزبهم إلى الانعطاف يسارا. لكن على الرغم من جهودهم، انتقلت القضايا السياسية العامة إلى المرتبة الثانية بحكم الأمر الواقع.
وشهدت عضو مجلس الشيوخ إليزابيث وارن، التي تعد من المرشحين الأوفر حظا للفوز بترشيح حزبها الديموقراطي للانتخابات الرئاسية، مشروعها للتأمين الصحي العام خلال الأسبوع الجاري يغرق تحت زخم أول تصويت في الكونغرس في إطار إجراءات الاتهام.
وقال المحلل كريستوفر أترتون، الأستاذ في جامعة جورج واشنطن، لوكالة فرانس برس: "في الأمد القصير، ستهيمن إجراءات العزل على الأحداث في واشنطن، من التغطية الإعلامية إلى إعداد السياسات بشكل عام".
وترددت زعيمة الديموقراطيين نانسي بيلوسي لفترة طويلة في فتح تحقيق حول ترامب في مجلس النواب الذي يهيمن عليه حزبها، خوفا من أن تواجه المعارضة تبعات إجراءات تسبب انقساما ولا تلقى شعبية.
وبالفعل، كشفت استطلاعات للرأي أن 49 بالمائة من الأميركيين يؤيدون إجراءات العزل، و47 بالمائة يعارضونها، في نسب تعكس تماما ميولهم الحزبية.
وما يجعل الخطوة تنطوي على مخاطر أكبر هو أن مجلس الشيوخ حيث يشكل الجمهوريون أغلبية وفية، سيبرىء" ترامب على الأرجح. ويخشى الديموقراطيون أن يواجهوا صدمة تبرئته قبل الانتخابات تماما.
وقالت بيلوسي بهذه الخطوة في 24 أيلول/سبتمبر بعد الكشف عن محادثة هاتفية طلب ترامب خلالها من رئيس أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي التحقيق بشأن نائب الرئيس السابق الديموقراطي جو بايدن اذلي كان لابنه أعمال في أوكرانيا.
وكان بايدن المرشح الأوفر حظا للفوز بترشيح الحزب الديموقراطي للانتخابات الرئاسية، لكن الجدل حول هذه القضية اثر على صورته وأدى إلى تراجع الفارق بينه وبين المرشحين الآخرين وخصوصا لمصلحة إليزابيث وارن.
ويأتي بعد ذلك السناتور الديموقراطي بيرني ساندرز، ثم رئيس البلدية المعتدل بيت باتيدجادج النجم الصاعد للديموقراطيين.
وللمرة الأولى، وضع استطلاع للرأي بايدن في المرتبة الرابعة بين المرشحين المفضلين للناخبين الديموقراطيين في أيوا، أول ولاية ستصوت في الانتخابات التمهيدية بعد الشاب بيت باتيدجادج الذي لم يكن معروفا قبل عام واحد فقط. الأمر المجهول الثاني الذي يؤثر على الحملة هو البرنامج الزمني لإجراءات العزل.
ومن غير المعروف كم سيستغرق هذا التحقيق، ولا متى سيؤثر على الحملة، بينما تبدأ عمليات التصويت الأولى في الانتخابات التمهيدية للديموقراطيين مطلع شباط/فبراير.
وقال المحلل أترتون "في شباط/فبراير عندما يبدأ السباق في الانتخابات التمهيدية فعليا، أعتقد أن الحملة ستهيمن على الأحداث الأخرى".
والتركيز على إجراءات الإقالة يمكن أن يؤثر على الأقل أهمية بين المرشحين ال17 لانتخابات الديموقراطيين الذين يتسمون بتنوع غير مسبوق، إذ أن بينهم عدد من النساء واثنين من الأميركيين الأفارقة ومثلي معروف وأحد المتحدرين من أميركا اللاتينية.
وأوضح أترتون أن هؤلاء المرشحين الصغار "لن يتمتعوا بالتغطية الإعلامية التي كان من الممكن أن يحصلوا عليها في وضع مختلف". وأحدث مثال على ذلك، إعلان المرشح الديموقراطي بيتو اورورك، يوم الجمعة، انسحابه من الانتخابات التمهيدية لحزبه. وقد كتب "برغم صعوبة تقبل الأمر لكن يبدو لي واضحا حاليا أن هذه الحملة لا تمتلك إمكانات للتقد م بنجاح".
أما ترامب فسيحاول تكرار استراتيجيته الرابحة في 2016، أي الاعتماد على قاعدته في بعض الولايات الأساسية التي تسمح له بالحصول على أغلبية من كبار الناخبين، والفوز في الاقتراع غير المباشر حتى إذا هزم في مجموع الأصوات.