حسن بوعمال: الذين لا يتحدثون اليابانية يجدون الأمور صعبة ولا يستطيعون التأقلم
زاكي صايمة: هناك انفتاح على الآخر وبدأنا نشاهد اللافتات التي تشير إلى بيع المأكولات الحلال
محمد درويش: عدم معرفة اللغة اليابانية يمثل عائقا كبيرا
أحمد يونس: شعب محترم وودود ولا يعرف العنصرية
طوكيو – كريم إمام
يعيش حوالي ٢٦٥ ألف عربي في اليابان يتأثرون ويؤثرون في المجتمع بأشكال متفاوتة، يمثلون وغيرهم من الأجانب نسبة ٦.٦ في المائة من اجمالي التعداد السكاني وذلك مع نهاية العام ٢٠١٨ بحسب احصائيات رسمية.
وعايشت عرب لندن يوما من حياة عرب اليابان لمحاولة التعرف على واقعهم وكيفية وماهية التبادل المعرفي والحضاري والثقافي بينهم وبين اليابانيين، كنموذج فريد للاغتراب العربي، وتوقفت عرب لندن عند ما يواجهونه من صعوبات وذلك من خلال لقاءات مع عدد من الشباب العربي المغترب في اليابان والذين يعملون في شتى المجالات الحياتية.
الإنجليزية غير مفيدة في اليابان
في البداية التقينا حسن بوعمال من المغرب والذي يعمل في أقدم مساجد العاصمة طوكيو، والذي يضم مركزا ثقافيا تركيا ويقوم بتعريف اليابانيين الذين يأتون إلى هذا الجامع طبيعة الدين الإسلام وتاريخ الشرق.
وفي حديثه لعرب لندن قال حسن إنه يعيش في اليابان منذ سبع سنوات و قد درس اللغة اليابانية في مدينة المحمدية بالمغرب وتحديدا بكلية الآداب قبل قدومه إلى طوكيو. ويشير حسن إلى أنه سرعان ما تأقلم مع حياته الجديدة في العاصمة اليابانية التي وفد إليها كطالب وتعرف على العديد من الأساتذة والطلبة الذين ساعدوه في التعرف على طبيعة المجتمع وخصوصية الثقافة اليابانية، موضحا أنه عندما وصل إلى اليابان كان يجيد التحدث باللغة اليابانية، لافتا إلى أن الذين لا يستطيعون التحدث بالياباني يجدون صعوبة بالغة في التعامل مع الناس هنا، فبعكس العديد من البلدان الأخرى فإن اللغة الإنجليزية لا تفيد هنا فقلما تجد من يجيد التحدث بالإنجليزية في اليابان.
لا عنصرية في اليابان
وحول طبيعة عمله يؤكد بوعمال أنه التحق بالعمل في المسجد -الذي يعد الأقدم في طوكيو- لتعريف الزوار بسماحة الدين الإسلامي وتوضيح الصورة التي عادة ما تكون مغلوطة عن الدين الحنيف، لافتا إلى أنه طوال فترة عمله وعيشه في اليابان لم يواجه أي نوع من أنواع العنصرية التي غالبا ما نسمع نها في أوروبا والدول الغربية بشكل عام، مشددا على أن هذا الشيء لم يلمسه هنا إطلاقا.
وأكد المغربي حسن على نقطة أن الذين لا يتحدثون اليابانية يجدون الأمور صعبة ولا يستطيعون التأقلم، ناصحا من يرغب في الانتقال للعيش في اليابان ضرورة تعلم اللغة أولا والتعرف على الثقافة اليابانية وطبيعة الشخصية اليابانية، التي هي في حقيقتها مختلفة تماما عن الشخصية الأوروبية أو الأميركية، ضاربا المثال باحترام المواعيد وتقدس الوقت.
من جانبه يقول زاكي صايمة وهو سوري الأصل من مواليد مدينة كوبي الساحلية في اليابان والقريبة من مدينة أوساكا أنه ولد في بداية الثمانينيات ووقتها لم يكون هناك العديد من الأجانب في اليابان، وكان الأجنبي يتعامل بطريقة مختلفة، ليس بشكل سيء، ولكن الياباني لا ينظر له كياباني مع أنه ولد هناك.
ويقول: "على سبيل المثال هناك عادات وتقاليد متعارف عليها هنا لا يطبقوها معي، فعندما أتحدث بصوت عال لا يصححوني ولا يتدخلوا وهو أمر غير اعتيادي ولو أن شخص آخر ياباني قام بنفس الفعل لصححوه ولفتوا نظره ليخفض صوته. إلا آنه عاد ليؤكد أنهم يحترموا الأجنبي وليس لديهم عنصرية".
وحول علاقات اليابان بالآخر يوضح صايمة أن هذه البلاد انفتحت في أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات، فمن جاء في الثمانينيات بات يشعر بنوع من القبول، ولكن وقتها لم يكن هذا الجيل قد استطاع التأقلم بشكل كامل. ويضيف قائلا: "رجعت إلى اليابان بعد ٤٠ عام وقد وجدت أنها تغيرت كثيرا، ولم يعد لدى اليابانيين رهبة تجاه الأجنبي ولا يعتبرونه شخص مختلف، بعد أن كانوا يعتبرون الأجنبي كائن فضائي".
ويلفت صايمة إلى أن الياباني يعتبر الصيني والكوري أقل منه ثقافيا واجتماعيا، في حين يعتبر الأمريكي والانجليزي في مرتبة أعلى منهم ربما يعود ذلك لهزيمتهم في الحرب، وبشكل عام غير هذه الجنسيات لا يعرفوا عنها الكثير.
وفي رأي ناقد بعض الشيء يرى زاكي أن اليابانيين لم يخترعوا الكثير من الأشياء المرتبطة في الأذهان باليابان والتي عادة ما تلقب بالكوكب، ولكنهم في واقع الأمر أخذوا الاختراعات وبنوا عليها وطوروها، فنجد مثلا القطار أو الكمبيوتر هي اختراعات أجنبية طورت وباتت أفضل في اليابان، وحتى المأكولات الفرنسية تجدها هنا ربما أفضل من فرنسا، مشددا على أنه في السنوات الأخيرة بات هناك نوع من الانفتاح على الآخر وبدأنا نشاهد اللافتات التي تشير إلى بيع المأكولات الحلال، وقد سهل الانترنت عليهم الأمر للتعرف على المسلمين والعرب.
ويواصل زاكي حديثه بأنه "في صغرنا كنا نجد صعوبة بالغة في إيجاد المأكولات الحلال وكانت ان توافرت غالية الأثمان في حقبة الثمانينيات، كما أن المسلم المتدين سيجد صعوبة في التعايش هنا لأن الخمر في كل مكان"
.
زكي وككل من تحدثت معهم عرب لندن من عرب اليابان أكدواعلى ضرورة تعلم اليابانية لمن يخطط للعيش هنا، لافتين إلى أنها لغة في قواعدها سهلة جدا والصعب فيها ربما هو الكتابة، إلا أن أهل اليابان يحبون المساعدة.
وينتهي من تحدثت معهم عرب لندن إلى أن الشخصية اليابانية ليس لديها دوافع الاختلاط كثيرا فلا تجده يدعوك إلى منزله مثلا، فالعلاقات رسمية نوعا ما، ربما ليس من وراءها مصلحة ولكن هناك دائما هدف ما من العلاقات بين الناس، وفي مقارنة مع العالم العربي تجد أن المحبة لدينا موجودة بقدر أكبر ربما لأن الترابط الأسري وحجم العائلات أكبر، فالعائلات هنا صغيرة وليس هنا كترابط أسري كما الحال لدينا. ملخصا ذلك فالقول بأن حياتهم مبنية على الضرورة في حين أن حياتنا مبنية على المحبة والصحبة.
في حين يقول محمد درويش وهو طالب مصري في طوكيو أنه يعيش في اليابان منذ حوالي ثلاث سنوات وأنهم قدم لدراسة الطب.
ويضيف: "تأقلمت بشكل جيد في المجتمع إلا أن اللغة لا تزال تمثل عائقا كبيرا، أتحدث قليلا وحاولت تعلم اليابانية قبل قدومي، وهو أمر ضروري وملح، واصفا الشعب الياباني بأنه مسالم وطيب ومتعاون.
أما زميله أحمد يونس فيقول أن الحياة هنا جيدة للغاية وأن الشعب الياباني مخترم وودود وليس لديه أي من أشكال العنصرية، لافتا إلى أنه يعاني من عدم اتقان اللغة اليابانية كما أنه لم يتمكن من استطعام الأكل الياباني بعد. وأوضح أنه يدرس باللغة الإنجليزية، مشددا أنه من الصعب جدا إيجاد وظيفة بدون لغة يابانية.