استهل مغامرته الجديدة قلب-الكوكب.. الرحالة القطري خالد الجابر:

 هضبة التبت كانت الأصعب والأقصى في حياتي

العالم جميل جدا إذا ما تجنبنا مشاهدة الأخبار

زرت 82 بلدا وأطمح للوصول إلى 100 بلد بحلول ٢٠٢٠

 لندن- حوار: كريم إمام

 الحوار مع الرحّالة خالد الجابر يتخذ طابعا مختلفا، طابعا محفوفا بصفات هذه الشخصية دائمة البحث عن كل ما هو أصيل ومختلف، طابع يتلون بألوان البلدان التي زارها وتفاعل مع شعوبها وتعايش مع ثقافاتهم وعاداتهم، حيث عاش الجابر كما يعيشون، وأكل مما يأكلون، وشاهد كيف يتفاعلون مع بعضهم البعض وكيف يتعاملون مع الغريب.

 خطوط على الخرائط

 خالد الجابر شخصية غير عادية، تأسرك بتواضعها وأدبها. ترك الوظيفة والراتب المرتفع ليتبع أحلامه، ينتقد هؤلاء الذين لا يصنعون ذكريات ولا يحرصون على التغيير، وينبهر بمن يخطون خطوطا على الخرائط ليحولوها إلى مغامرات يعيشوها ويفتحون الباب لآخرين لكي يعيشوها.

 مثله الأعلى في الترحال هو البريطاني كيفين ساندرز صاحب الأرقام القياسية في قطع المسافات الطويلة (جدا) في أقل وقت ممكن.

 التقيناه في لندن بعد اجتماعه لوضع اللمسات المطلوبة تخطيطا لرحلته القادمة التي استهلها من نيروبي في كينيا، وأطلق عليها اسم #قلب-الكوكب والتي سيسبر خلالها أغوار القارة السمراء، تلك القارة التي لا نعلم عنها الكثير.

يبقى أن نذكر بأن الرحّالة القطري استطاع أن يقوم برحلات مكوكية ما بين القارات فأنجز #رحلة-الثريا، و#بين-القطبين، و#طريق-الحرير.. وإلى نص الحوار: 

- عرب لندن : في البداية ما هي دلالات اسم الرحلة القادمة قلب الكوكب؟

 أطلقت على الرحلة القادمة #قلب-الكوكب لأن قارة إفريقيا هي أغنى قارة في العالم وأكثر قارة فيها غموض وإثارة ومغامرة، كما أنها غير مكتشفة بعد بالشكل الصحيح، إضافة إلى أن شكل قارة إفريقيا يشبه قلب الإنسان، وأخيرا لوجودها في وسط الكرة الأرضية.

 ودائما ما أحب أن أسمي رحلاتي بهاشتاغات مختلفة. هذه الرحلة أقصر من نظيراتها السابقات لكنها مليئة بالإثارة والتشويق بالنسبة لي.

  عرب لندن : ما هو المدى الزمني والخط الجغرافي للرحلة؟

  المنتظر أن تستغرق الرحلة ٦ أسابيع، تبدأ من كينيا مرورا بتنزانيا، مالاوي، بوتسوانا، زامبيا، ناميبيا، لتنتهي بجنوب إفريقيا. وعندما أصل جنوب إفريقيا سأظل أطوف فيها لمدة ثلاثة أسابيع لتغطية البلد كلها.

 عرب لندن: ما السبب في عدم البدء من أول القارة لآخرها كما كان الحال في رحلة #بين-القطبين؟

 هناك بعض الدول التي تشهد اضطرابات بين الشعوب والأنظمة، ودول أخرى بها قطبان متعاركان، وبالتالي لابد من الحصول على موافقة من الطرفين للمرور، إضافة إلى أن الحصول على تأشيرات في الدول الإفريقية بشكل عام صعب جدا ومعقد للغاية، فلا أحد يعطيني جوابا صحيحا، عندما أخاطب السفارة تعطيني جواب، وعندما أخاطب الدولة نفسها تعطيني جوابا آخرا، لذلك اكتفيت بهذه الدول السبع الأكثر تنظيما ومع ذلك كانت عملية استصدار التأشيرات صعبة جدا، على عكس الحال مع دول أمريكا اللاتينية التي كانت مرحبة جدا بالرحلة وقد استضافني السفير الأرجنتيني في مكتبه وكرّمني، لأني بالنسبة له شخص أسوق لبلده وأعرّف السياح العرب بها، أما في إفريقيا فليس هناك اهتمام بذلك الأمر.

 

عرب لندن:  هل تقوم بكل هذه الإجراءات اللوجستية والأعمال الورقية وحدك؟

 نعم للأسف أقوم بها وحدي تماما، وقد حاولت التوجه للجهات الرسمية لكن لم أتلقى جواب بالإيجاب أو بالسلب، لم يكن هناك تعاون، لهذا السبب أقوم بكل هذا الجهد بنفسي بالرغم من أنني توجهت للجهات الرسمية وطلبت المساعدة في اصدار التأشيرات.

 عرب لندن: عادة ما تكون تلك الرحلات مع مجموعة من الدراجين، فهل هذا هو الحال مع هذه الرحلة؟ أم ستقوم بها وحدك؟

 في رحلة طريق الحرير كنت مع البريطاني كيفين ساندرز وبعض الأصدقاء، وكيفين ساندرز هو رحّالة عالمي اعتبره رحّالة العالم الأول لأنه حصل على رقمين في موسوعة جينيس للأرقام القياسية، الأول في العام ٢٠٠٢ عندما طاف حول العالم بالدراجة في ١٩ يوم، والرقم الثاني كان نفس المسار الذي قطعته ما بين القطبين واستغرقني ٥ أشهر، وقد استطاع هو أن ينجزه في ٣٥ يوما.

وحتى اليوم لم يستطع أحد أن يكسر هذه الأرقام،وأنا اعتبره أستاذي ومعلمي ومثلي الأعلى في الترحال. ليس فقط في الدراجات النارية وانما في القيادة.. قيادة النفس ومفهوم القيادة بشكل عام.

 رحلة قلب الكوكب ستكون آخر رحلة لساندرز وقد اختار مجموعة من الأصدقاء عددهم سبعة أشخاص لمرافقته في هذه الرحلة التي بها مشاعر مختلفة وشجون. لهذا السبب أنا حضرت إلى بريطانيا للاجتماع معه والتحضير والترتيب للرحلة.

 عرب لندن: هل سيتم توثيق الرحلة؟

  دائما ما أحرص على التقاط الصور والفيديوهات، بالإضافة إلى توثيق يومياتي على شكل مذكرات مصورة بالفيديو، لكن ليس توثيقا من خلال قناة تلفزيونية كما كان الأمر خلال رحلة طريق الحرير مع قناة الجزيرة مباشر، هذه المرة سأقوم بالتوثيق بشكل شخصي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وربما في يوم ما يتحول ذلك إلى فيلم أو مسلسل. وقد تقدمت بعرض لعمل مشروع عبر قناة الجزيرة الوثائقية لتقديم برنامج عن الترحال، آمل أن يتم تنفيذه.

 عرب لندن: متى ستكون الانطلاقة؟ وكيف تختار تواقيت الرحلات؟

 الانطلاقة ستكون يوم ١ سبتمبر والنهاية مع نهاية شهر أكتوبر. الطقس يلعب دورا في الاختيار وعندما أصل جنوب إفريقيا سيكون فصل الصيف على الأبواب. أحوال قدر المستطاع أن أنهي الرحلة خلال الستة أسابيع دون أن تهطل علي قطرة مطر، لهذا السبب اخترت شهر سبتمبر. وفي كل رحلاتي يكون التوقيت محسوب باليوم. وأتذكر رحّالة خليجي حاول مرافقتي في رحلة بين القطبين لكنه تأخر بعدي بشهر ونصف. عندما وصل نقطة معينة في ولاية ألاسكا واجه عواصف ثلجية منعته من المواصلة، في حين أنني عندما وصلت إلى هذه النقطة كانت درجة الحرارة ١٨ أو ١٩ درجة.

 عرب لندن: ما طبيعة البحث الذي تقوم به قبل الرحلة من حيث العوامل الطبيعية ودراسة الشعوب التي ستمر عليها وعاداتهم وتقاليدهم؟

  أول ما أدرسه هو العوامل الاجتماعية، فمثلا هل كوستاريكا والناس بها سيقبلون شخصا يدخل عليهم بدراجة يتجاوز ثمنها راتب ثلاث سنوات للمواطن العادي! لابد من القيام بمثل هذه الدراسات والتحدث مع الرحالة الذين ذهبوا إلى هذه الأماكن قبلي. هل سيتقبلون مثلا أن أدخل إلى مناطقهم بلباس مكتوب عليه بالعربية؟ هل سيرحبون بي ويدخلونني بيوتهم أم أن ذلك قد يكون مصدر إزعاج بالنسبة لهم؟ هناك العديد من الأشياء التي أدرسها.

 

 معرفة العادات التقاليد أمر بالغ الأهمية، لقد بحثت كثيرا في منطقة وسط آسيا قبل الدخول إلى تركمانستان وعرفت مثلا أنه من الممنوع هناك أن تدخل دراجة سوداء لبلادهم. كما أنع ممنوع التصوير في أي مكان حتى لو كانت صور شخصية. أيضا كوني عربي ومسلم فقد علمت أنهم سيسألونني الكثير من الأسئلة قبل السماح لي بالدخول من على الحدود، للتأكد أنني لا أنتمي لتنظيمات إرهابية، وذلك بسبب أنهم تعرضوا للعديد من الهجمات الإرهابية. وهذه الأشياء مهمة جدا لأي رحّالة. رحلة بين القطبين استغرقني البحث قبيل بدئها سنة كاملة، من دراسة واجتماعات مع الرحّالة الذين قاموا بها وهم لا يتعدوا ٨٠ شخصا حول العالم، أصغرهم بنت عمرها ٢٨ عاما.

 عرب لندن: هذه الرحلات مكلفة جدا، فهل هناك من يدعمك ماديا كراعي رسمي؟

 أبدا.. أنا اعتمادي على تقليل الرسوم والتكاليف. هناك بعض الجهات التي تقدم لي خدمات كعيادة طبية أو مركز للأسنان أو نادي صحي، وهذا لتقليل التكاليف للتجهيز. لكن ليس هناك جهة تتكفل بالمصاريف كراعي رسمي. وبالطبع هناك أخي الدكتور حمد الجابر الذي يقدم لي رعاية رمزية أخوية ولكنها ليست رعاية رسمية. وقد اجتهدت كثيرا خلال السنوات الخمس الماضية بالمرور على كل الجهات والهيئات التي من الممكن أن تقدم أي نوع من الدعم دون نتيجة. وبالتالي فإن تكلفة الرحلة ١٠٠٪ مدفوعة من جيبي الخاص ومن رصيد إجازاتي، وأنا اليوم لا أعمل في أي جهة.

 عرب لندن: حدثنا عن يومك الاعتيادي خلال الرحلات؟ ما هي التفاصيل؟ كيف تنام وتأكل وكيف تقضي وقتك؟

 اقتصادي في الأكل واللباس، أنام إما في بيوت شبابية أو بيوت ضيافة وأحيانا أطرق الباب على السكان المحليين واستسمحهم في أن أنام لليلة، ولدي خيمة -لم استخدمها في رحلة بين القطبين لأنه كان لابد لي أن أكون خفيفا- وأدوات الطبخ الخاصة بي، في آسيا الوسطى ظللت ٢١ يوما على هضبة التبت عشرة أيام منهم لم استحم، وقد كانت أصعب وأقصى ظروف مررت بها في حياتي بين ٣ – ٥ آلاف متر فوق سطح البحر.

 عرب لندن: تمر على بلاد بها لغات وثقافات وعادات وتقاليد مختلفة. ما الذي تأخذه من هذه البلدان؟ وما الذي يؤثر في خالد الجابر؟ وهل تحرص على فعل شيء ما في كل بلد تزور؟

 كل بلد فيها ثقافات جديدة. ودائما ما أقول للناس بأن العالم جميل جدا إذا ما تجنبنا مشاهدة الأخبار. ما أحرص دائما على فعله هو أني لا أعيش حياة السائح التقليدية في البلدان التي أزورها، فآكل أكلهم وأشرب شربهم وأسكن سكنهم. أعيش حياتي مثل ما يعيشونها أهل البلد، ولا أظهر أية مظاهر تدل على أني سائح فلا ألبس ساعة فخمة، ولباسي دائما خفيف.

 عرب لندن: ما هي أهم العقبات التي تواجهك؟ هل هو المرض؟ أم الضياع؟

 

الضياع بالنسبة لي هو أفضل ما يمكن للرحالة التعرض له، فهو لذيذ ومسلي، في وقتها قد أكون مرهق وعلى أعصابي. لكن دائما أكثر شيء أتذكره هو هذه المواقف الصعبة. وعندما أتذكرها بعد شهور ابتسم. كانت عقبات لكنها أيضا ذكريات جميلة، وصناعة الذكريات أمر هام. اليوم السياح الخليجيين يأتون إلى لندن كل صيف يسكنون في نفس الفندق ويذهبون إلى نفس الأماكن ويأكلون نفس الأكلات، وبالتالي لا تكون هناك ذكريات أو شيء مختلف للتذكر. بالنسبة لي أحاول دائما ألا أكرر الأماكن وأحاول أن أغير البلدان. اليوم وصلت إلى ٨٢ بلد وأطمح للوصول إلى ١٠٠ بلد بحلول ٢٠٢٠. والرحالة الحقيقي هو الذي يلف بلدان العالم ولا يكتفي ببلد أو اثنين.

 

 

 

 

 

 

 

 

السابق دراسة سويدية: عقار لعلاج السكري يخفض خطر الإصابة بقصور القلب
التالي "إيزي جت" تستدعي الشرطة لأم هددت ابنها خلال السفر