عرب لندن
قالت بيرسن جاسكل، وهي طبيبة مختصة في التخدير، إنها كانت شاهدة على تفاصيل مأساة إنسانية تشمل جميع مجالات الحياة اليومية في قطاع غزة، الذي عملت به لأكثر من أسبوعين، قبل أن تغادره إلى بريطانيا.
وأوضحت بيرسن، التي عملت رفقة فريق لمنظمة "أطباء بلا حدود"، وانضمت للكوادر الصحية بمدينة رفح (جنوب) خلال الفترة بين 4 و21 فبراير/ شباط، لتقدم خدمات طبية وبإمكانات محدودة لمنطقة يوجد فيها نحو 1.5 مليون نازح، أنها قررت التوجه إلى القطاع لـ "تضميد جراح الناس ولو بالقدر اليسير"، بعد ما شاهدته من قتل وإعاقة وإصابات تطال المدنيين، وأنها أصيبت "بالانهيار والحزن" عند دخولها القطاع، لا سيما مع تواصل أصوات القصف دون انقطاع على مدار الساعة، بالتوازي مع صرخات الأطفال على وجه الخصوص.
وحول الأجواء السائدة في رفح بعد دخولها، توضح أن كل مدني أو عامل بقطاع الصحة ممن قابلتهم كان لديه "قصص خوف، وفقدان قريب أو صديق، وكثير من الحكايات المؤلمة والمأساوية"، مشيرة إلى أن أكثر ما كان يصدمها هو مشاعر الخوف والهلع لدى الأطفال.
وتتابع: "لدى مغادرتي قطاع غزة شعرت وكأنني أتخلى عنهم، وأحسست بالذنب حينها، شخصياً كنت أملك خيار مغادرة المنطقة، أما هم فلا يملكون ذلك الخيار، لذا لم يستطيعوا المغادرة حتى الآن".
وتعبر الطبيبة عن شعورها بالقلق إزاء المدنيين هناك حتى اليوم، وتستذكر معاناتهم اليومية وتفكر في مصيرهم، مضيفة أنه ليس من السهل بالنسبة لإنسان أو طبيب أن يواجه مواقف كهذه.
ولدى حديثها عن الأوضاع الصحية في القطاع، أوضحت جاسكل أن المدنيين، وبخاصة الأطفال، يعانون من إصابات معقدة يتطلب معالجتهم من قبل أطباء مختصين، مشيرة إلى أن هذه الفئة لا تحظى بالقدر الكافي من العلاج في ظل شحّ الإمكانات الطبية والخدمات الصحية.
أما عن الأوضاع الإنسانية والخدمية بشكل عام، فتذكر أن "جميع مرافق الحياة اليومية منهارة تماماً" في القطاع الذي وصفته بـ "المكان الذي لم يعد قابلاً للعيش فيه". وتردف: "حقاً غزة تحولت إلى جحيم على وجه الأرض، ولم تعد قابلة للعيش في ظل الحرمان من أساسيات الحياة، مثل المياه والكهرباء والتعليم والصحة، بالتوازي مع حالة من الفوضى بسبب احتمال حدوث أي شيء داخل القطاع".
أما عن دورهم كأطباء أجانب دخلوا القطاع لفترة محدودة، تعتبر جاسكل أنهم بذلوا ما بوسعهم لتضميد جراح الناس من الناحية الطبية، لكن رغم ذلك جهودهم كانت تبقى دون المطلوب بسبب حجم الأضرار والإصابات.
وتلفت إلى أنها دخلت الكثير من مناطق الحروب والنزاعات في اليمن والعراق وجنوب السودان ونيجيريا، لكنها ترى أن المهمة الأصعب بالنسبة لها كانت في قطاع غزة.
وختمت الطبيبة حديثها بالقول: "ما يحدث في غزة كارثة إنسانية بكل معنى الكلمة، ولا يوجد أي مبرر لهذه الدهشة والألم والمعاناة"، مطالبة بالحيلولة دون استمرارها.
والثلاثاء، أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب الإسرائيلية إلى "32 ألفا و414 شهيدا و74 ألفا و787 إصابة" منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
ومع مرور 172 يوما على الحرب، قالت الوزارة في تقرير إحصائي يومي عبر منصة "تلغرام" إن "الاحتلال الإسرائيلي ارتكب 8 مجازر ضد العائلات في قطاع غزة وصل منها إلى المستشفيات 81 شهيدا و93 إصابة خلال الـ24 ساعة الماضية".

 

السابق الدعوة إلى مسيرة حاشدة بلندن يوم السبت لمساندة الفلسطينيين والدعوة لوقف حرب الإبادة في غزة 
التالي بريطانيا تدين بشدة استيلاء الحكومة الإسرائيلية على أراض للفلسطينيين في غور الأردن