عرب لندن
ذكر تقرير نشره موقع "Middle East Eye" البريطاني، أن تاريخ إسرائيل الطويل في تقديم ادعاءات كاذبة حول الأحداث في غزة، يجب أن يثير الشكوك حول تقريرها حول موظفي الأونروا الذين شاركوا في هجمات السابع من أكتوبر، ويبدو أن الأمر ليس كذلك في المملكة المتحدة.
وقبل عقدين من الزمن، أمر رئيس الوزراء البريطاني توني بلير بغزو العراق استناداً إلى "ملفه المشكوك بصحته" سيئ السمعة، والذي أكد كذبًا أن عراق صدام حسين كان يمتلك أسلحة دمار شامل.
واليوم، يبدو أنه من الممكن أن يكون وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون، قد أمر بتعليق مساعدات المانحين لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى "الأونروا"، التي تقدم المساعدة لنحو ستة ملايين لاجئ فلسطيني، على أساس ما يبدو أنه قد يكون ملفًا آخر مشكوك في صحته.
ووفقاً لتقرير بثته القناة الرابعة البريطانية في الخامس من فبراير/شباط، اتخذت بريطانيا إلى جانب دول مانحة أخرى قرارها بناءً على "وثيقة إسرائيلية سرية"، تؤكد أن أكثر من 10 من موظفي الأونروا الفلسطينيين شاركوا في أحداث السابع من أكتوبر.
وقال تقرير القناة الرابعة أن الوثيقة الإسرائيلية، لم تقدم أي دليل لدعم ادعائها بأن موظفي الأونروا متورطون في الأحداث التي وقعت في السابع من أكتوبر، باستثناء تفاصيل تحديد هوية الموظفين المزعومين، وهذا يثير سؤال حياة أو موت حول سبب مضي المانحين قدمًا، وقيامهم بخفض الدعم الإنساني المطلوب بشدة على أساس مزاعم غير مثبتة وغير مؤكدة، كل هذا بسبب العواقب المدمرة المحتملة.
وقال كريس غانيس، المتحدث السابق باسم الأونروا في تقرير القناة الرابعة، أن قرار تعليق المساعدات كان بمثابة انتهاك لاتفاقية الإبادة الجماعية، لأنه سيدمر حياة 1.3 مليون شخص يعتمدون على خطوط الغذاء التابعة للأونروا.
ويطرح ذلك العديد من الأسئلة المحرجة للغاية لبريطانيا والدول المانحة الأخرى، حول أخذهم بكل بساطة كلمة الإسرائيليين، وعدم إجراء تحقيق خاص قبل تجميد الدعم الذي تقدمه المملكة المتحدة للأونروا، بينما تشير الدلائل إلى أن الحكومة البريطانية اتخذت قرارًا، من شأنه أن يؤثر على حياة الفلسطينيين الذين يتضورون جوعًا بناءً على مزاعم ليس لديهم طريقة للحكم على صحتها.
وفي ظل الوضع الراهن، يبدو كما لو أن كاميرون قفز إلى دائرة الاهتمام فقط استناداً إلى ادعاءات حكومة، كانت لها منذ فترة طويلة مصلحة قوية في تشويه سمعة الأونروا.
وكما أفاد التلفزيون الإسرائيلي، أنه استناداً إلى تقرير سري رفيع المستوى لوزارة الخارجية، فإن إسرائيل تخطط لطرد الأونروا من قطاع غزة.
وتتضمن الخطة ثلاث مراحل، أولها نشر تقرير يزعم تعاون الأونروا مع حماس، يليه الترويج للمنظمات البديلة لتقديم خدمات الرعاية الاجتماعية، وأخيراً، إخراج الأونروا من غزة تمامًا، وبحسب المصادر فإن التقرير السري سيتم نقاشه قريبًا في مجلس الوزراء الإسرائيلي.
ونظراً لوجود مثل هذه الأجندة الإسرائيلية الواضحة عندما يتعلق الأمر بالأونروا، فمن المحير أن تتقبل الدول المانحة مثل بريطانيا المطالبات الإسرائيلية دون انتقاد، وأن تتصرف وفقاً للمطالب الإسرائيلية بهذه السرعة.
وتشير المصادر أن كاميرون جمد تمويل الأونروا بناءً على وثيقة لا تقدم أي دليل على ارتكاب أي مخالفات.
وحتى الآن، تتعامل بريطانيا مع كل ما تقوله إسرائيل على أنه قريب من الحقيقة، ولو قارنا بين رد الحكومة البريطانية على حكم محكمة العدل الدولية وردها على ادعاء إسرائيل بشأن الأونروا وأحداث السابع من أكتوبر، لوجدنا أن محكمة العدل الدولية أصدرت وثيقة قائمة على الأدلة لدعم حكمها، بأن هناك حالة معقولة ترتكب فيها إسرائيل إبادة جماعية في غزة.
ومع ذلك، أهان رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك وكاميرون المحكمة، قبل أن تصل حتى إلى حكمها، واستمرا في القيام بذلك منذ ذلك الحين.
وعلى النقيض من ذلك، استجابت بريطانيا فوراً للادعاءات المتعلقة بالأونروا التي قدمتها إسرائيل، وعلقت التمويل للوكالة الوحيدة القادرة على تقديم المساعدات في مواجهة الكارثة الإنسانية.
لقد كان كاميرون نائبًا شابًا ساذجًا عندما صوت لصالح غزو العراق، استناداً إلى ملف بلير المشكوك بصحته قبل 21 عاماً، والآن قام بقطع المساعدات عن الأونروا بناء على ما يبدو وكأنه ملف آخر مشكوك بصحته.