عرب لندن
أمر جنود إسرائيليون، كان بعضهم مقنعا وآخرون يطلقون النار في الهواء، الفلسطينيين الذين لجأوا إلى مستشفى الشفاء في مدينة غزة بالاستسلام، بعد اقتحامهم، فجر الأربعاء، أكبر مستشفيات القطاع، وفق صحافي يعمل مع وكالة فرانس برس.
وبلغة عربية ركيكة، صرخ جندي قائلا: "كل الشبان من 16 عاما وما فوق، عليكم رفع أيديكم الى فوق والخروج من المبنى إلى الساحة الخارجية وتسليم أنفسكم".
وفورا، بدأ مئات من الشبان الخروج من العديد من الأقسام الطبية.
وكانت تقديرات للأمم المتحدة أشارت الى وجود 2300 شخص على الأقل داخل المجمع، بينهم مرضى وأفراد طواقم طبية ونازحون.
قبل المعارك التي اندلعت في محيط المستشفى منذ أيام بين حركة حماس والجيش الإسرائيلي، كان عشرات آلاف النازحين لجأوا الى المستشفى، كما إلى غيره من المؤسسات الطبية والتربوية، أملا بحماية أنفسهم من القصف المكثف الذي يتعرض له القطاع منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر، تاريخ شن حماس هجوما غير مسبوق على إسرائيل.
وخرجت طوابير من الفلسطينيين وهم يرفعون أياديهم من أقسام الحروق والولادة والجراحة وغسيل الكلى، بحسب الصحافي العالق في المستشفى بعد ان كان قصده قبل أيام للقيام بتغطية.
في ساحة المستشفى، شاهد قرابة ألف شخص مع أياديهم في الهواء، وطلب الجنود من البعض خلع ملابسهم.
داخل أروقة المستشفى، كان بعض الجنود يطلقون النار في الهواء عند تنقلهم من غرفة إلى أخرى وهم يقومون بعمليات بحث وتفتيش دقيقة.
وتعالت أصوات بكاء نساء وأطفال في الأقسام المختلفة.
مقابل قسم الطوارئ، وضع الجنود بوابة إلكترونية نصبت عليها كاميرات.
وتتهم السلطات الإسرائيلية حماس التي تصنفها الولايات المتحدة وإسرائيل والاتحاد الاوروبي "منظمة ارهابية"، باستخدام المستشفيات، وبينها الشفاء، لشن هجمات او الاختباء واستخدام المدنيين "دروعا بشرية"، الأمر الذي تنفيه الحركة.
وتبنت الولايات المتحدة اتهامات الدولة العبرية. وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الابيض جون كيربي الثلاثاء إن حركتي حماس والجهاد الاسلامي لديهما "مركز قيادة ومراقبة انطلاقا من مستشفى الشفاء".
ودخلت دبابات إسرائيلية المجمع، وتمركزت أمام أقسام مختلفة.
ويقع مجمع الشفاء الطبي غرب مدينة غزة حيث تدور معارك بين الجيش الإسرائيلي ومقاتلين من حركة حماس على الأرض.
ودارت في محيط مستشفى الشفاء منذ أيام معارك عنيفة ترافقت مع قصف إسرائيلي كثيف.
وكانت الظروف صعبة داخل المجمع خصوصا في ظل انقطاع الكهرباء منذ أيام.
وقال الجيش الإسرائيلي في بيان الأربعاء إنه قام بتسليم حاضنات وأغذية للأطفال وإمدادات طبية إلى المستشفى خلال العملية "الدقيقة والمحددة الهدف ضد حماس" التي يقوم بها في "منطقة محددة من المستشفى".
وأكد أن وحداته "تضم طواقم طبية ومتحدثين باللغة العربية خضعوا لتدريبات محددة للاستعداد لهذه البيئة المعقدة والحساسة، بهدف عدم إلحاق أي ضرر بالمدنيين الذين تستخدمهم حماس دروعا بشرية".
ولم يعرف إن كان الجيش نقل أيضا وقودا الى المستشفى لتشغيل الحاضنات، إذ إن مولدات الكهرباء توقفت في الأيام الأخيرة عن العمل بسبب نقص الوقود في المستشفى.
وأعلنت وزارة الصحة التابعة لحماس وفاة 27 مريضا في العناية المكثفة وسبعة من المواليد الأطفال الخدج بسبب انقطاع التيار الكهربائي خلال الأيام الأخيرة.
وللمرة الأولى منذ أربعين يوما، دخلت شاحنة وقود من مصر الى قطاع غزة عبر معبر رفح الحدودي الأربعاء، وفق ما أفادت وسائل إعلام قريبة من السلطات في القاهرة.
وتوقفت مستشفيات عدة عن تقديم الخدمات بسبب نقص الوقود.
وكان مدير مستشفى الشفاء محمد أبو سلمية قال الثلاثاء إن "179 جثة" على الأقل دفنت في "قبر جماعي" في باحة المجمع، موضحا أن بينهم الأطفال الخدج السبعة الذين توفوا جراء انقطاع الكهرباء عن حاضناتهم.
وأضاف "اضطررنا إلى دفنهم في قبر جماعي"، مشيرا إلى أن "الجثث تنتشر في ممرات المستشفى والكهرباء مقطوعة عن برادات المشارح".