عرب لندن
رغم بعدها آلاف الكيلومترات عن الشرق الأوسط، تملأ رموز تدل على النزاع الدائر بين إسرائيل وحماس شوارع إيرلندا الشمالية.
ترفرف أعلام فلسطينية في الأحياء المؤيدة لإيرلندا في المقاطعة البريطانية، وأخرى إسرائيلية في تلك الداعمة للمملكة المتحدة، ما يعيد إلى الأذهان تاريخ إيرلندا الشمالية نفسها التي شهدت نزاعات وانقسامات ما زالت تؤثر على الحياة اليومية رغم اتفاق السلام الموقع عام 1998 الذي أنهى العنف إلى حد كبير.
وإلى جانب الأعداد المتزايدة من الأعلام، تعبر رسوم جدارية عن الدعم إما للفلسطينيين أو لإسرائيل، بحسب مكانها ضمن التقسيم الطائفي في إيرلندا الشمالية.
وعلى طريق "فولز رود"، الرئيسي الذيمر في معظم أحياء بلفاست الغربية المؤيدة بمعظمها لإيرلندا، يشعر السكان بـ"التعاطف" مع الفلسطينيين، بحسب بات شيهان، النائب عن حزب "شين فين"، الجناح السياسي السابق للجيش الجمهوري الأيرلندي.
وقال شيهان لوكالة فرانس برس من أمام رسم جداري جديد مؤيد للفلسطينيين "الأيرلنديون هم الأكثر قدرة على فهم الصعوبات التي يعيشها الفلسطينيون حاليا".
وتابع أن "إيرلندا عانت من الاستعمار والاحتلال 800 عام. كان هناك الكثير من الانتفاضات المسلحة ضد الحكم البريطاني ورأينا الفلسطينيين يعانون في ظل احتلال استعماري مشابه".
وكشف شيهان خلال مراسم أقيمت قبل أسبوعين عن الرسم الجداري الذي يشمل عبارة "الحرية لفلسطين" مع قبضة بالألوان الفلسطينية والإيرلندية.
وفي وقت لاحق من اليوم ذاته، خطب النائب البالغ 65 عاما الذي أمضى 55 يوما مضربا عن الطعام داخل سجن عام 1981، في تجمع مؤيد للفلسطينيين في وسط بلفاست شارك فيه آلاف المتعاطفين.
ولطالما ر فعت الأعلام الفلسطينية في المناطق المؤيدة للجمهوريين، لكن أعدادها ازدادت بشكل كبير في الأسابيع الأخيرة.
وفي مكان قريب، وعبر ما يعرف بخط السلام وهو أحد الحواجز الخرسانية والمعدنية التي ما زالت تفصل أحياء بلفاست بعد 25 عاما على توقيع اتفاقية الجمعة العظيمة، رد السكان بتعليق الأعلام الإسرائيلية في منطقة طريق "شانكيل رود" المؤيدة للمملكة المتحدة.
وأفاد النائب عن "الحزب الوحدوي الديموقراطي" الذي يعد أكبر حزب مؤيد للمملكة المتحدة براين كينغستون إن "المجتمع الوحدوي في إيرلندا الشمالية لديه علاقة وارتباط تاريخيين مع قضية إسرائيل".
وأضاف "نرى أن إسرائيل عانت بشكل فظيع من الإرهاب على مدى السنوات، تماما كما كان الحال بالنسبة إلينا".
وفي وقت سابق من اليوم، حضر كينغستون (57 عاما) مناسبة لإحياء ذكرى مرور 30 عاما على تفجير الجيش الجمهوري الإيرلندي مطعما على "شانكيل رود" عام 1993 في عملية أسفرت عن سقوط تسعة قتلى.
وأكد أن "الجيش الجمهوري الإيرلندي ومنظمة التحرير الفلسطينية تعاونا في الإرهاب الدولي وتشاركا الخبرات. وقفنا ضد ذلك".
أفادت رونيت برغر هوبسون، وهي استاذة في دراسة النزاعات لدى جامعة كوينز في بلفاست مولودة في إسرائيل، بأنها بدأت القيام بأبحاث بشأن إيرلندا الشمالية وعملية السلام فيها لمعرفة إن كانت هناك طريقة يمكن من خلالها تطبيق ذلك في نهاية المطاف على النزاع الإسرائيلي الفلسطيني.
وقالت من منزلها في بلفاست "ثم أتيت إلى هنا ورأيت كل هذه الأعلام: فلسطينية في شارع وإسرائيلية في آخر".
تشير هوبسون إلى أن التعبير عن التضامن في إيرلندا الشمالية ينبع من تصورات الطرفين التي تعد في غير مكانها إلى حد كبير عن أوجه شبه بين النزاعين.
وقالت "لكن اختيار طرف أو آخر بهذا الشكل ومحاولة إضفاء الصبغة السائدة هنا على النزاع الإسرائيلي الفلسطيني غير منطقية نوعا ما".
وأكدت أن "النزاعات أكثر تعقيدا بكثير وكما أن النزاع هنا يعود إلى قرون، فإن الوضع كذلك أيضا بين الإسرائيليين والفلسطينيين، لكن بطرق مختلفة للغاية".
 

السابق الملك تشارلز: لا يمكن أن يكون هناك "عذر" للفظائع الاستعمارية في كينيا
التالي زعيم حزب العمال البريطاني يرد على منتقديه بشأن موقفه من الحرب في غزة